| كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 6:58 pm | |
| The Release Of The Spirit الكتاب : إنطلاق الروح المؤلف : قداسة البابا شنوده الثالث . الناشر : مجلة الكرازة . مجلة مدراس الأحد { بتصريح خاص من صاجب القداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث } تقوم بنشر وتوزيع الكتاب { مع الأحتفاظ بشكل الغلاف القديم } بالنسبة لمكتبة المجلة . الطبعة : السابعة أغسطس 1989 م المطبعة : الأنبا رويس { الأوفست } – العباسية – القاهرة . رقم الإيداع 3879/ 83 الترقيم الدولي 4- 00 – 1075 –97
قصة هذا الكتاب
بدأ حياته كمجموعة مقالات كتبتها في مجلة مدارس الأحد ، من سنة 1951 بعنوان { إنطلاق الروح }، وأنا رئيس تحرير لهذه المجلة قبل رهبنتي ... المجلة أيضاً . وكان هذا أول كتاب مطبوع ينشر لي . وقد منحه الرب نعمة في أعين الكثيرين ، فأعيد نشره مرات . وفي الطبعة الرابعة أضيفت إليه بعض تأملات وقصائد كتبتها وأنا راهب قبل سيامتي أسقفاً .. مع مقدمة هي في واقعها مقال آخر في إنطلاق الروح . وفي الطبعة الخامسة أضيفت مقدمة أخري ، عن إنطلاق الروح وترجم هذا الكتاب إلي الإنجليزية تحت عنوان : The Releae of The Spirit ها هي ذي الطبعة السادسة بين يديك . ونرجو في الطبعة السابعة – إن أحيانا الرب وعشنا – أن نضيف مقالات أخري عن إطلاق الروح أيضاً البابا شنوده الثالث
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 6:58 pm | |
| الإنطلاق من معرفة الخطية
أن تحدثنا عن انطلاق الروح ، فعله يقف أمامنا هذا السؤال . من أي شئ تنطلق الروح ؟ ونجيب بأن الروح وهي علي الأرض ، تجاهد لكي تنطلق من أشياء كثيرة ، سوف يحدثك عنها هذا الكتاب .. غير أن هناك شيئاً آخر مهما حاولت الروح أن تنطلق منه علي الأرض ، فلا أظن أنها تستطيع !.. ربما الانطلاق منه هو أحدي المتع التي ننالها في الأبدية .. فما هو هذا الشئ ؟ أنه : الانطلاق من معرفة الخطية . عندما خلق الإنسان الأول ، خلقه بسيطاً نقيا لا يعرف خطية علي الأطلاق ، ولا تفاصيل الخطايا ، ولا أسماءها .. كان كذلك ، قبل أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر .. كان في براءة الأطفال ، وربما أكثر ... ولذلك حينما اغريت حواء من الحية ، ما كانت تعرف .. كذبت عليها الحية وقالت " لن تموتا " .. وقالت { تصيران كالله ..}{تك5:3}. وحواء ما كانت تعرف أن هناك شيئاً اسمه الكذب . وما كانت تشك في صدق الحية ، لأنها ما كانت تعرف الشك . كان آدم وحواء لا يعرفان سوي الخير فقط . أما الشر ، فما كان يعرفانه . ولكنهما لما آكلا من الشجر دخلتهما معرفته . دخلت إلي الإنسان معرفة جديدة ، هي معرفة الخطية . بل معارف أخري عديدة ، عكرت صفو النقاوة الطبيعية الأولي ، ينطبق عليها قول الحكيم " الذي يزيد علما ، يزيد حزنا " {جا18:1}. * شكرا لأبينا قداسة البابا المعظم فلقد أثر إهداء أبنائه هذه الأفتتاحية . ولعل اول شئ عرفه آدم ، أنه عرف أنه رجل وأن حواء امرأة ، وبدأت معرفة الجنس تدخل إلي ذهنه ، ثم إلي مشاعره وعرف أن هذا شئ يخجل منه ، فبدأ يغطي نفسه . ثم عرف الخوف ، فبدأ يختبئ وراء الأشجار . وبمرور الوقت بدأ الإنسان بعرف خطايا عديدة جداً . واصبحت هذه المعرفة راسخة في ذهنه ، تثير عليه حروبا روحية في بعض الأوقات ظز وان لم يقع في هذه الخطاي ، قد يقع في أدانه غيره عليها . وأصبح الإنسان يعيش في ثنائية الخير والشر ، الحلال والحرام . فمتي يتخلص من هذه الثنائية ؟ ومتي يرجع عقله إلي نقاوته ؟ ومتي تزول من ذهنه معرفة الشر . سواء أكانت وصلت إليه عن طريق العقل ، او عن طريق الخبرة ، والممارسة ؟ متي يتخلص من تذكار الشر الملبس الموت ؟ .. لا أظن ذلك يحدث علي الأرض اطلاقاً ، اما يحدث في الأبدية حسبما قال القديس بولس الرسول حينما كان "يسكب سكيبا ووقت انحلالة قد حضر" قال لتلميذه تيموثاوس.{ وأخيرا قد وضع لى اكليل البر}{ 2تى8:4 } .اخيرا سيتكلل الانسان بالبر ...البرالذي لايعمل خطية والبرالذي لا يعرف خطية ، والبر الذي لا يعرف خطية .. يتكلل بالقداسة التي بدونها لا يعاني أحد الرب . ولكن متي ؟ يجيب الرسول مكملاً حديثه عن أكليل البر " الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل . ليس لي فقط ، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً " .. اكليل البر هذا ، هو الشهوة التي تنطلق إليها الروح .. أما علي الأرض ، فاننا كل يوم نخطئ ، وفي كل يوم نحتاج الي توبة . ولا يوجد إنسان بلا خطية ، ولو كانت حياته يوماً واحداً علي الأرض ... متي ننطلق حقاً من معرفة الخطية ؟ ولا نعرف الا الله وحده وما يحيط به من نور ، ليست فيه ظلمة البتة. سيكون لك حينما نلفظ ثمرة معرفة الخير والشر التي اكلها ابونا في ذلك الزمان . وحينئذ نعود إلي رتبتنا الأولي .. بل اننا في الأبدية ، سنكون في حالة أفضل من حالة آدم في الفردوس . فآدم وحواء كانا في حالة بر ، مع امكانية السقوط . أما في البدية فسوف نتكلل بالبر ، البر الذ لا توجد فيه اية امكانية للسقوط . فأن كنا سنصير في حالة أفضل من حالة الإنسان الأول قبل السقوط ، فعلي القل سنشابهه في الرباءة والنقاوة والبساطة وعدم معرفة الخطسة . سننسى الخطية بكل صورها وكل تفاصيلها وكل ذكرياتها . ولا تبقي في اذهاننا الا أيجابية الحياة الروحية ، في محبة الله ، والتأمل في صفاته الجميلة ، والتأمل في السماويات ، وما لم تره عين ، أو تسمع به اذن ، أو يخطر علي قلب بشر . بهذا تكون الروح قد وصلت إلي قمة انطلاقها . اما هنا علي الأرض ، فأقصى ما تصل إليه الروح هو الإنطلاق من سيطرة الخطية والمادة والجسد ، لكي تحيا طليقة { تعتنق من عبودية الفساد ، الي حرية مجد أولاد الله }{رو21:8}. هل شعرت أن روحك وصلت إلي هذه الحرية ؟ هل الحرية هي أنطلاق الروح . أنطلاقها من كل قيد يعوق وصولها إلي الله .. وكيف ذلك ؟ هنا وأتركك امام هذه التأملات التي كتبت غالبيتها في بداية الخمسينات ، قبل دخولى إلي الرهبنة ... شنوده الثالث | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 6:59 pm | |
| الإنطلاق من معرفة الخطية
أن تحدثنا عن انطلاق الروح ، فعله يقف أمامنا هذا السؤال . من أي شئ تنطلق الروح ؟ ونجيب بأن الروح وهي علي الأرض ، تجاهد لكي تنطلق من أشياء كثيرة ، سوف يحدثك عنها هذا الكتاب .. غير أن هناك شيئاً آخر مهما حاولت الروح أن تنطلق منه علي الأرض ، فلا أظن أنها تستطيع !.. ربما الانطلاق منه هو أحدي المتع التي ننالها في الأبدية .. فما هو هذا الشئ ؟ أنه : الانطلاق من معرفة الخطية . عندما خلق الإنسان الأول ، خلقه بسيطاً نقيا لا يعرف خطية علي الأطلاق ، ولا تفاصيل الخطايا ، ولا أسماءها .. كان كذلك ، قبل أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر .. كان في براءة الأطفال ، وربما أكثر ... ولذلك حينما اغريت حواء من الحية ، ما كانت تعرف .. كذبت عليها الحية وقالت " لن تموتا " .. وقالت { تصيران كالله ..}{تك5:3}. وحواء ما كانت تعرف أن هناك شيئاً اسمه الكذب . وما كانت تشك في صدق الحية ، لأنها ما كانت تعرف الشك . كان آدم وحواء لا يعرفان سوي الخير فقط . أما الشر ، فما كان يعرفانه . ولكنهما لما آكلا من الشجر دخلتهما معرفته . دخلت إلي الإنسان معرفة جديدة ، هي معرفة الخطية . بل معارف أخري عديدة ، عكرت صفو النقاوة الطبيعية الأولي ، ينطبق عليها قول الحكيم " الذي يزيد علما ، يزيد حزنا " {جا18:1}. * شكرا لأبينا قداسة البابا المعظم فلقد أثر إهداء أبنائه هذه الأفتتاحية . ولعل اول شئ عرفه آدم ، أنه عرف أنه رجل وأن حواء امرأة ، وبدأت معرفة الجنس تدخل إلي ذهنه ، ثم إلي مشاعره وعرف أن هذا شئ يخجل منه ، فبدأ يغطي نفسه . ثم عرف الخوف ، فبدأ يختبئ وراء الأشجار . وبمرور الوقت بدأ الإنسان بعرف خطايا عديدة جداً . واصبحت هذه المعرفة راسخة في ذهنه ، تثير عليه حروبا روحية في بعض الأوقات ظز وان لم يقع في هذه الخطاي ، قد يقع في أدانه غيره عليها . وأصبح الإنسان يعيش في ثنائية الخير والشر ، الحلال والحرام . فمتي يتخلص من هذه الثنائية ؟ ومتي يرجع عقله إلي نقاوته ؟ ومتي تزول من ذهنه معرفة الشر . سواء أكانت وصلت إليه عن طريق العقل ، او عن طريق الخبرة ، والممارسة ؟ متي يتخلص من تذكار الشر الملبس الموت ؟ .. لا أظن ذلك يحدث علي الأرض اطلاقاً ، اما يحدث في الأبدية حسبما قال القديس بولس الرسول حينما كان "يسكب سكيبا ووقت انحلالة قد حضر" قال لتلميذه تيموثاوس.{ وأخيرا قد وضع لى اكليل البر}{ 2تى8:4 } .اخيرا سيتكلل الانسان بالبر ...البرالذي لايعمل خطية والبرالذي لا يعرف خطية ، والبر الذي لا يعرف خطية .. يتكلل بالقداسة التي بدونها لا يعاني أحد الرب . ولكن متي ؟ يجيب الرسول مكملاً حديثه عن أكليل البر " الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل . ليس لي فقط ، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً " .. اكليل البر هذا ، هو الشهوة التي تنطلق إليها الروح .. أما علي الأرض ، فاننا كل يوم نخطئ ، وفي كل يوم نحتاج الي توبة . ولا يوجد إنسان بلا خطية ، ولو كانت حياته يوماً واحداً علي الأرض ... متي ننطلق حقاً من معرفة الخطية ؟ ولا نعرف الا الله وحده وما يحيط به من نور ، ليست فيه ظلمة البتة. سيكون لك حينما نلفظ ثمرة معرفة الخير والشر التي اكلها ابونا في ذلك الزمان . وحينئذ نعود إلي رتبتنا الأولي .. بل اننا في الأبدية ، سنكون في حالة أفضل من حالة آدم في الفردوس . فآدم وحواء كانا في حالة بر ، مع امكانية السقوط . أما في البدية فسوف نتكلل بالبر ، البر الذ لا توجد فيه اية امكانية للسقوط . فأن كنا سنصير في حالة أفضل من حالة الإنسان الأول قبل السقوط ، فعلي القل سنشابهه في الرباءة والنقاوة والبساطة وعدم معرفة الخطسة . سننسى الخطية بكل صورها وكل تفاصيلها وكل ذكرياتها . ولا تبقي في اذهاننا الا أيجابية الحياة الروحية ، في محبة الله ، والتأمل في صفاته الجميلة ، والتأمل في السماويات ، وما لم تره عين ، أو تسمع به اذن ، أو يخطر علي قلب بشر . بهذا تكون الروح قد وصلت إلي قمة انطلاقها . اما هنا علي الأرض ، فأقصى ما تصل إليه الروح هو الإنطلاق من سيطرة الخطية والمادة والجسد ، لكي تحيا طليقة { تعتنق من عبودية الفساد ، الي حرية مجد أولاد الله }{رو21:8}. هل شعرت أن روحك وصلت إلي هذه الحرية ؟ هل الحرية هي أنطلاق الروح . أنطلاقها من كل قيد يعوق وصولها إلي الله .. وكيف ذلك ؟ هنا وأتركك امام هذه التأملات التي كتبت غالبيتها في بداية الخمسينات ، قبل دخولى إلي الرهبنة ... شنوده الثالث | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 6:59 pm | |
| الإنطلاق من معرفة الخطية
أن تحدثنا عن انطلاق الروح ، فعله يقف أمامنا هذا السؤال . من أي شئ تنطلق الروح ؟ ونجيب بأن الروح وهي علي الأرض ، تجاهد لكي تنطلق من أشياء كثيرة ، سوف يحدثك عنها هذا الكتاب .. غير أن هناك شيئاً آخر مهما حاولت الروح أن تنطلق منه علي الأرض ، فلا أظن أنها تستطيع !.. ربما الانطلاق منه هو أحدي المتع التي ننالها في الأبدية .. فما هو هذا الشئ ؟ أنه : الانطلاق من معرفة الخطية . عندما خلق الإنسان الأول ، خلقه بسيطاً نقيا لا يعرف خطية علي الأطلاق ، ولا تفاصيل الخطايا ، ولا أسماءها .. كان كذلك ، قبل أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر .. كان في براءة الأطفال ، وربما أكثر ... ولذلك حينما اغريت حواء من الحية ، ما كانت تعرف .. كذبت عليها الحية وقالت " لن تموتا " .. وقالت { تصيران كالله ..}{تك5:3}. وحواء ما كانت تعرف أن هناك شيئاً اسمه الكذب . وما كانت تشك في صدق الحية ، لأنها ما كانت تعرف الشك . كان آدم وحواء لا يعرفان سوي الخير فقط . أما الشر ، فما كان يعرفانه . ولكنهما لما آكلا من الشجر دخلتهما معرفته . دخلت إلي الإنسان معرفة جديدة ، هي معرفة الخطية . بل معارف أخري عديدة ، عكرت صفو النقاوة الطبيعية الأولي ، ينطبق عليها قول الحكيم " الذي يزيد علما ، يزيد حزنا " {جا18:1}. * شكرا لأبينا قداسة البابا المعظم فلقد أثر إهداء أبنائه هذه الأفتتاحية . ولعل اول شئ عرفه آدم ، أنه عرف أنه رجل وأن حواء امرأة ، وبدأت معرفة الجنس تدخل إلي ذهنه ، ثم إلي مشاعره وعرف أن هذا شئ يخجل منه ، فبدأ يغطي نفسه . ثم عرف الخوف ، فبدأ يختبئ وراء الأشجار . وبمرور الوقت بدأ الإنسان بعرف خطايا عديدة جداً . واصبحت هذه المعرفة راسخة في ذهنه ، تثير عليه حروبا روحية في بعض الأوقات ظز وان لم يقع في هذه الخطاي ، قد يقع في أدانه غيره عليها . وأصبح الإنسان يعيش في ثنائية الخير والشر ، الحلال والحرام . فمتي يتخلص من هذه الثنائية ؟ ومتي يرجع عقله إلي نقاوته ؟ ومتي تزول من ذهنه معرفة الشر . سواء أكانت وصلت إليه عن طريق العقل ، او عن طريق الخبرة ، والممارسة ؟ متي يتخلص من تذكار الشر الملبس الموت ؟ .. لا أظن ذلك يحدث علي الأرض اطلاقاً ، اما يحدث في الأبدية حسبما قال القديس بولس الرسول حينما كان "يسكب سكيبا ووقت انحلالة قد حضر" قال لتلميذه تيموثاوس.{ وأخيرا قد وضع لى اكليل البر}{ 2تى8:4 } .اخيرا سيتكلل الانسان بالبر ...البرالذي لايعمل خطية والبرالذي لا يعرف خطية ، والبر الذي لا يعرف خطية .. يتكلل بالقداسة التي بدونها لا يعاني أحد الرب . ولكن متي ؟ يجيب الرسول مكملاً حديثه عن أكليل البر " الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل . ليس لي فقط ، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً " .. اكليل البر هذا ، هو الشهوة التي تنطلق إليها الروح .. أما علي الأرض ، فاننا كل يوم نخطئ ، وفي كل يوم نحتاج الي توبة . ولا يوجد إنسان بلا خطية ، ولو كانت حياته يوماً واحداً علي الأرض ... متي ننطلق حقاً من معرفة الخطية ؟ ولا نعرف الا الله وحده وما يحيط به من نور ، ليست فيه ظلمة البتة. سيكون لك حينما نلفظ ثمرة معرفة الخير والشر التي اكلها ابونا في ذلك الزمان . وحينئذ نعود إلي رتبتنا الأولي .. بل اننا في الأبدية ، سنكون في حالة أفضل من حالة آدم في الفردوس . فآدم وحواء كانا في حالة بر ، مع امكانية السقوط . أما في البدية فسوف نتكلل بالبر ، البر الذ لا توجد فيه اية امكانية للسقوط . فأن كنا سنصير في حالة أفضل من حالة الإنسان الأول قبل السقوط ، فعلي القل سنشابهه في الرباءة والنقاوة والبساطة وعدم معرفة الخطسة . سننسى الخطية بكل صورها وكل تفاصيلها وكل ذكرياتها . ولا تبقي في اذهاننا الا أيجابية الحياة الروحية ، في محبة الله ، والتأمل في صفاته الجميلة ، والتأمل في السماويات ، وما لم تره عين ، أو تسمع به اذن ، أو يخطر علي قلب بشر . بهذا تكون الروح قد وصلت إلي قمة انطلاقها . اما هنا علي الأرض ، فأقصى ما تصل إليه الروح هو الإنطلاق من سيطرة الخطية والمادة والجسد ، لكي تحيا طليقة { تعتنق من عبودية الفساد ، الي حرية مجد أولاد الله }{رو21:8}. هل شعرت أن روحك وصلت إلي هذه الحرية ؟ هل الحرية هي أنطلاق الروح . أنطلاقها من كل قيد يعوق وصولها إلي الله .. وكيف ذلك ؟ هنا وأتركك امام هذه التأملات التي كتبت غالبيتها في بداية الخمسينات ، قبل دخولى إلي الرهبنة ... شنوده الثالث | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:00 pm | |
| بقلم قداسة الباباالمعظم
الأنبا شنوده الثالث
أعترف أمامك يا رب ان أتجاهي في الكتابة كان ينبغي ان يتغير . وأعترف في خجل أمامك أننى كثيرا ما حدثت الناس عن الفضيلة ، وقليلاً ما حدثتهم عنك ، بينما ينبغي أن تكون أنت الكل في الكل .... غير أننى لكي أتحدث عنك ، لابد أن أعرفك . وكيف أعرفك ,وأنا إنسان محدود ؟! بل كيف أعرفك وانت غير المدك ، وغير المفحوص ، أنت النور الذ لا يدنى منه ، ولا يستطيع إنسان أن يراه ويعيش ...؟! وبد حاولن أن اسأل قديسيك الذين عرفوك ، أو الذين عرفوا عنك { بعض المعرفة } فاقتربت إلي بولس الرسول الذي صعد إلي السماء الثالثة ، وسألته عنك فقال أن الذي سمعه ورآه أمرو { لا ينطق بها ، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم عنها }{2كو4:12}. وكذلك يوحنا الحبيب الذي رأى بابا مفتوحاً في السماء ، وشاهد عرش الله ، لم يشرح لنا رؤياه الا في رموز لا يمكن ان تعطي الصورة الذاتية للحقيقة كما هي ..
*) تفضل قداسة البابا المعظم وشمل أولاده بعطفه ورعايته الروحية فقدم للطبعة الرابعة هذا التأمل العميق الذي آثرنا أن نستهل به هذا الكتاب الثمين بعد التصدير السابق . وأحيانا أسأل نفسى : أهي كبرياء منى أن احاول أن أعرفك بينما ما أزال جاهلا بحقيقة نفسى ، وما أزال جاهلا بكثير من الأمور البشرية والمادية ؟ أن كنت لم أعرف كنه ذاتي ، فكيف أعرف خالق هذه الذات ؟ وأن كنت لم أعرف بعد سماءك وملائكتك ، فكيف أعرف ذاتك الإلهية . كل ما أعرف عنك ، هو ما تكشفه لنا من ذاتك . وأنت لا تكشف لنا الا ما تستطيع ذاتنا ان تحتمله . لانك أن كشفت لنا أكثر ، ستقف طبيعتنا البشرية مبهورة في دهش ، وقد وقف عقلنا عن الفهم ، وعجزت مفرداتها اللغوية عن التعبير ، وتعترف أن ما تراه هو من الأمور التي لا ينطق بها . وأنا أحاول في معرفتك أن أخرج عن نطاق الكتب بكل ما فيها من عمق ، بل أن اخرج أحيانا عن حدود معرفة العقل ، لكى أعطى للروح في انطلاقها مجالها الوسع الذي تفوق فيه في قدراتها وفي موهبها ، وفي معرفتها .. كما أنها تقاسى كثيراً من ضباب هذا الجسد المادى . أترانا يارب سنعرفك أذن في الملكوت الأبدي ؟ وسننظرك حينذاك وجها لوجه كما قال عبدك بولس ؟ أراني حقا حائرا امام عبارة { وجها لوجه }. أننا في الملكوت علي الرغم من القايمة الممجدة ، وما سنلبس من اجساد نوراني روحانية ، لابد أن سنظل – كما نحن – بشرا محدودين ... ستكشف لنا شئيا عن ذاتك لم نكن نعرفه في العالم ، فنسر بذلك ونفرح ، ثم تكشف لنا اكثر فأكثر ، على قدر ما نحتمل . وقدتكشف لنا أكثر فتصرخ نفس كل واحد منا وهي مريضة حبا { كفانا كفانا }.. وتظل أنت توسع في قلوبنا ، وتوسع في ارواحنا لنستوعب عنك المذيد .. وتظل أنت يارب كما أنت ... غير محدود ، .. ونظل نحن – كما نحن – على الرغم من اتساعنا ، محدودين ، نعرف عنك بعض المعرفة .. ويطول بنا الزمن في الأبدية . ونحن نستمتع بمعرفتك ، نذوق وننظر ما اطيب الرب ، ونكشف كل حين شيئاً جديداً عنك ، فتتغذى بهده المعرفة الحلوة المشبعة ولكننا لا يمكننا أن نلم بك كلك . أذن متي نعرفك المعرفة الحقيقية ؟ يجيب ربنا يسوع ويقول { هذه هى الحياة الأبدية ، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى ةحدك ... "... أذن فمعرفتك ليست موضوع سنين أو ايام ، وإنما طريقها هو الأبدية كلها ، الأبدية التى لا تنتهى .. أن كان الأمر هكذا في الأبدية ، فماذا نقول أذن عن جهالتنا علي الأرضى ؟ أحقا نحن نعرف شيئاً ؟ لذلك أتوسل إليك أيها الخالق العظيم ، أن تعذرنى أن كنت أحدث الناس عن الفضيلة اكثر مما احدثهم عنك
فذلك يرجع الي سببين : السبب الأول : هو أننى لا اعرف . كل ما أعرفه هو أننى أصلى إليك أن تكشف لي شيئاً عن ذاتك ، وما تكشفه لي أخبر الناس به ، لكى يجربوا مداقة الملكوت علي الأرضى . والسبب الثانى : هو أننى عندما أحدثهم عن الفضيلة انما أريدهم أ يعدوا قلوبهم لمعرفتك . أريدهم أن يرفعوا البخور عشية وباكر على هذا القلب حتى يستحق أن تقدم عليه السرائر الإلهية . ونحن بذاتنا لا نعرف ، لكننا نريد بنعمتك – أن نعد ذواتنا لمعرفتك ، وهذه المعرفة تأتي منك انت ، بما تكشفه لنا ، ولا تأتي بمجهود عقولنا ، ولا حتي بمجهود أرواحنا . ان كل جهاد عقولنا وارواحنا – مع ضرورته – أنما يدخل في حقيقته تحت معني الصلاة أو التوسل ، لكي يملأ السحاب البيت ، وتشتعل النار في العليقة ، ويكشف الرب ذاته .. وحينئذ يسجد القلب في خشوع ، ويرتل في شكر { أعطيتني علم معرفتك }. هذه المعرفة الإلهية هي اللؤلؤة الكثيرة الثمن ، التي من أجلها باع التاجر كل أمواله وأشتراها . ولعله من الأموال التي باعها ، ما نكنزه في عقولنا من معارف بشرية متعددة تشغل كل أوقاتنا حتى لا نتفرغ لمعرفتك انت ، وحتي لا نجلس مع مريم عند قدميك تسكب في قلوبنا ذلك الماء الحى ، الذي كل من يشربه لا يعود يعطش أيضاً ... ليتنا نسعي إلي هذه المعرفة ، ونطلبها بكل قلوبنا ، ونحدها في داخلنا ، في عمق أعماقنا ، حيث تسكن أنت ، وحيث هيكلك المقدس الذي تدشن يوم المسحة المقدسة منك .
25 ديسمبر سنة 1973 كانت الساعة اسابعة مساء ، والسكون يخيم علي ارجاء المكان ، حين بدأت وابي الراهب نضرب باقدامنا في رمل الصحراء ، نتمشى حينا ونقف حينا آخر، متأملين في موضوعات أسمى من أن يكتبها قلم بشري .. وقد طال بنا التجوال ونحن لا ندرى ، أو نحن لا نود أن ندرى ، حتي استقر بنا المطاف اخيراً علي عتبة الدير ، فجسلنا نناقش موضوع | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:00 pm | |
| بقلم قداسة الباباالمعظم
الأنبا شنوده الثالث
أعترف أمامك يا رب ان أتجاهي في الكتابة كان ينبغي ان يتغير . وأعترف في خجل أمامك أننى كثيرا ما حدثت الناس عن الفضيلة ، وقليلاً ما حدثتهم عنك ، بينما ينبغي أن تكون أنت الكل في الكل .... غير أننى لكي أتحدث عنك ، لابد أن أعرفك . وكيف أعرفك ,وأنا إنسان محدود ؟! بل كيف أعرفك وانت غير المدك ، وغير المفحوص ، أنت النور الذ لا يدنى منه ، ولا يستطيع إنسان أن يراه ويعيش ...؟! وبد حاولن أن اسأل قديسيك الذين عرفوك ، أو الذين عرفوا عنك { بعض المعرفة } فاقتربت إلي بولس الرسول الذي صعد إلي السماء الثالثة ، وسألته عنك فقال أن الذي سمعه ورآه أمرو { لا ينطق بها ، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم عنها }{2كو4:12}. وكذلك يوحنا الحبيب الذي رأى بابا مفتوحاً في السماء ، وشاهد عرش الله ، لم يشرح لنا رؤياه الا في رموز لا يمكن ان تعطي الصورة الذاتية للحقيقة كما هي ..
*) تفضل قداسة البابا المعظم وشمل أولاده بعطفه ورعايته الروحية فقدم للطبعة الرابعة هذا التأمل العميق الذي آثرنا أن نستهل به هذا الكتاب الثمين بعد التصدير السابق . وأحيانا أسأل نفسى : أهي كبرياء منى أن احاول أن أعرفك بينما ما أزال جاهلا بحقيقة نفسى ، وما أزال جاهلا بكثير من الأمور البشرية والمادية ؟ أن كنت لم أعرف كنه ذاتي ، فكيف أعرف خالق هذه الذات ؟ وأن كنت لم أعرف بعد سماءك وملائكتك ، فكيف أعرف ذاتك الإلهية . كل ما أعرف عنك ، هو ما تكشفه لنا من ذاتك . وأنت لا تكشف لنا الا ما تستطيع ذاتنا ان تحتمله . لانك أن كشفت لنا أكثر ، ستقف طبيعتنا البشرية مبهورة في دهش ، وقد وقف عقلنا عن الفهم ، وعجزت مفرداتها اللغوية عن التعبير ، وتعترف أن ما تراه هو من الأمور التي لا ينطق بها . وأنا أحاول في معرفتك أن أخرج عن نطاق الكتب بكل ما فيها من عمق ، بل أن اخرج أحيانا عن حدود معرفة العقل ، لكى أعطى للروح في انطلاقها مجالها الوسع الذي تفوق فيه في قدراتها وفي موهبها ، وفي معرفتها .. كما أنها تقاسى كثيراً من ضباب هذا الجسد المادى . أترانا يارب سنعرفك أذن في الملكوت الأبدي ؟ وسننظرك حينذاك وجها لوجه كما قال عبدك بولس ؟ أراني حقا حائرا امام عبارة { وجها لوجه }. أننا في الملكوت علي الرغم من القايمة الممجدة ، وما سنلبس من اجساد نوراني روحانية ، لابد أن سنظل – كما نحن – بشرا محدودين ... ستكشف لنا شئيا عن ذاتك لم نكن نعرفه في العالم ، فنسر بذلك ونفرح ، ثم تكشف لنا اكثر فأكثر ، على قدر ما نحتمل . وقدتكشف لنا أكثر فتصرخ نفس كل واحد منا وهي مريضة حبا { كفانا كفانا }.. وتظل أنت توسع في قلوبنا ، وتوسع في ارواحنا لنستوعب عنك المذيد .. وتظل أنت يارب كما أنت ... غير محدود ، .. ونظل نحن – كما نحن – على الرغم من اتساعنا ، محدودين ، نعرف عنك بعض المعرفة .. ويطول بنا الزمن في الأبدية . ونحن نستمتع بمعرفتك ، نذوق وننظر ما اطيب الرب ، ونكشف كل حين شيئاً جديداً عنك ، فتتغذى بهده المعرفة الحلوة المشبعة ولكننا لا يمكننا أن نلم بك كلك . أذن متي نعرفك المعرفة الحقيقية ؟ يجيب ربنا يسوع ويقول { هذه هى الحياة الأبدية ، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى ةحدك ... "... أذن فمعرفتك ليست موضوع سنين أو ايام ، وإنما طريقها هو الأبدية كلها ، الأبدية التى لا تنتهى .. أن كان الأمر هكذا في الأبدية ، فماذا نقول أذن عن جهالتنا علي الأرضى ؟ أحقا نحن نعرف شيئاً ؟ لذلك أتوسل إليك أيها الخالق العظيم ، أن تعذرنى أن كنت أحدث الناس عن الفضيلة اكثر مما احدثهم عنك
فذلك يرجع الي سببين : السبب الأول : هو أننى لا اعرف . كل ما أعرفه هو أننى أصلى إليك أن تكشف لي شيئاً عن ذاتك ، وما تكشفه لي أخبر الناس به ، لكى يجربوا مداقة الملكوت علي الأرضى . والسبب الثانى : هو أننى عندما أحدثهم عن الفضيلة انما أريدهم أ يعدوا قلوبهم لمعرفتك . أريدهم أن يرفعوا البخور عشية وباكر على هذا القلب حتى يستحق أن تقدم عليه السرائر الإلهية . ونحن بذاتنا لا نعرف ، لكننا نريد بنعمتك – أن نعد ذواتنا لمعرفتك ، وهذه المعرفة تأتي منك انت ، بما تكشفه لنا ، ولا تأتي بمجهود عقولنا ، ولا حتي بمجهود أرواحنا . ان كل جهاد عقولنا وارواحنا – مع ضرورته – أنما يدخل في حقيقته تحت معني الصلاة أو التوسل ، لكي يملأ السحاب البيت ، وتشتعل النار في العليقة ، ويكشف الرب ذاته .. وحينئذ يسجد القلب في خشوع ، ويرتل في شكر { أعطيتني علم معرفتك }. هذه المعرفة الإلهية هي اللؤلؤة الكثيرة الثمن ، التي من أجلها باع التاجر كل أمواله وأشتراها . ولعله من الأموال التي باعها ، ما نكنزه في عقولنا من معارف بشرية متعددة تشغل كل أوقاتنا حتى لا نتفرغ لمعرفتك انت ، وحتي لا نجلس مع مريم عند قدميك تسكب في قلوبنا ذلك الماء الحى ، الذي كل من يشربه لا يعود يعطش أيضاً ... ليتنا نسعي إلي هذه المعرفة ، ونطلبها بكل قلوبنا ، ونحدها في داخلنا ، في عمق أعماقنا ، حيث تسكن أنت ، وحيث هيكلك المقدس الذي تدشن يوم المسحة المقدسة منك .
25 ديسمبر سنة 1973 كانت الساعة اسابعة مساء ، والسكون يخيم علي ارجاء المكان ، حين بدأت وابي الراهب نضرب باقدامنا في رمل الصحراء ، نتمشى حينا ونقف حينا آخر، متأملين في موضوعات أسمى من أن يكتبها قلم بشري .. وقد طال بنا التجوال ونحن لا ندرى ، أو نحن لا نود أن ندرى ، حتي استقر بنا المطاف اخيراً علي عتبة الدير ، فجسلنا نناقش موضو | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:00 pm | |
| من الهلاك ، هو جسم فتى أو فتاة ، أو رجل او أمراة ؟ . كلا بل أؤكد لك انه لو أحسن شيئاً من ذها لعرض نفسه للموت هو ومن يعمل علي أنقاذه . ألا ترى أذن أن الروح تسمو على الحس ، وان هناك أوقات يتعطل فيها الحسن كليا او جزئيا لانهماك الروح فيها هو أعظم ؟ .. وهكذا أنت في حياتك الروحية عليك أن تتخلص بقدر الأمكان من قيود الحس . وعندئذ ستنظر إلي الأمور بمنظار آخر : سوف لا تحاربك الشهوة ، شهوة العين أو شهوة الجسد أو شهوة المال أو شهوة الناسء أو تعظم المعيشة . بل تكون كملائكة الله فى السماء تنظر إلي كل شئ بتلك { النظرة البسيطة } التي قال عنها السيد المسيح فى عظته علي الجبل : رأن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً }{مت22:6}. علي أن هذه الأفكار لم تكن موضوع الحديث بين أبى الراهبوبينى ، فقد كنا نتكلم فيما هو أعمق من ذها ، فى موقف الحس عند تفهم الإلهيات والتأمل فيها : أن الأحساس الجسدى جسدى ومحدود لذلك فهو لا يستطيع أن يفحص الله الروح غير المحدود . ثم أن الحس البشرى عرضه للخطأ ، وكثيراً ما يخطى في التمييز بين الخطأ والصواب . لقد رجع التلاميذ الي السيد المسيح فرحين وقالوا له : {حتى الشياطين ايضاً تخضع لنا باسمك } فرد عليهم السيد : {لا تفرحوا بهذا }{لو10: 17، 20} أذ أن أحساسهم كان خاطئاً . أنظر ايضاً إلي القاتل الذى ثأر لنفسه أو أنتقم لشرفه ، ألا يغمره أحساس بالرضى كأنه أتى عملاً جليلاً . أنه حس خاطئ . وانت كذلك يا اخي المحبوب قد تراودك في صلواتك وخلواتك وتأملاتك أحساسات كثيرة : أمتحنها جيداً فقد تكون أحساسات بشرية غير سليمة .. وحاول أن تطلق روحك من قيود الحس . بقى أن اقول لك الاحساس بالعالم وموجوداته يتعطل عند الاستغراق في الإلهيات . كانت حنه تصلي في الهيكل . كانت منسكبة النفس أمام الله فلم تشعر بما يدور حولها حتى أن عالى الكاهن حسبها سكرى فقال لها :{إلي متى تسكرين . قومى انزعى خمرك عنك }.{1صم1: 13، 14}. وهكذا أنت : أن كنت منصرفا بكليتك إلي الصلاة أو التأمل فسوف لا تشعر اطلاقاً بما يدور حولك . قد يتكلم البعض غلي جوارك وقد تقود ضجة . وقد تتهادى مناظر كثيرة ، وأنت لا تدرى عن كل ذلك شيئاً لأنك منهمك فى أمور أخرى في عالم الروح . أن حسك معطل نسبيا لأن روحك ؟ لا ادرى ، ولكنى أعلم ان القديس يوحنا القصير كانت تمر عليه في تأملاته فترات يتكلم فيها الناس إليه فلا يسمع صوتهم ولا يدرى ماذا يقولون ، ويسأله السائل مرة أخرى فيجيبه القديس { ماذا تريد يا ابني ؟} ويكرر السائل طلبه ولا يسمعه القديس أيضاً . لأن روحه منشغله بأشياء أخرى أهم وأعمق وألصق بالسمع والذاكرة . وكانوا يسألونه أحياناً أسلئة فيجيبهم عنها بتأملات لاهوتية لا علاقة لها بما يسألونه عنه ، لأنه لم يسمع ما قالوه . كانت روحه منطلقة من الحس .... الإنطلاق من { الحكمة البشرية } أيضاً . والآن ، ماذا أقول ؟هل أقول أن تنطلق الروح من نطاق الحكمة البشرية أيضاً ؟ يخيل إلي انني أود أن أقول هذا { ألم يجهل الله حكمة العالم }{لأن الرب يعلم أفكار الحكماء باطلة {لأن حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله } لأنه مكتوب { الآخذ الحكماء بمكرهم }{1كو1 : 20 ، 3: 20 ، 19}. علي الرغم من أن العقل البشري – منذ موجوده – قاصر ومحدود ، الا أنه كان في حالة افضل يوم خلق الله العالم ونظر إلي كل ما عمله فأذا هو حسن جدا .. ولكن الخطية والعالم وما ورثناه عن القدامى من أفكار وابحاث وخبرات وعادات وتقاليد ونظم وش*ات . كل ذلك أرسب علي العقل البشرى رواسب كثيرة حتى اصبح – زيادة على قصوره – معرضا للخطأ فى كثير من أحكتمه . وهكذا لا يستطيع وحده أن يفهم الله أو يفحصه ، والذين يظنون أنهم حكماء وعقلاء ويعتمدون على حكمتهم وعقلهم هم ابعد الأشخاص عن الروحيات والإلهيات . وهذكا قال معلمنا بولس الرسول : {وكلامى وكرازتى لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل من الله .. لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية بل بما يعلمه الروح القدوس قارنين الروحيات بالروحيات}{1كو2: 4، 12، 13}, أرأيت ياأخى الحبيب بطلان الحكمة البشرية .. فهل يلغى الله الحكمة علي وجه العموم ، كلا . بل يؤيدها . وهكذا يقول معلمنا بولس في نفس رسالته : { لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ، ولكن بحكمة ليست من هذا الدهر ولا من عظماء الدهر الذين يبطلون ، بل نتكلم بحكمة الله فى سر },
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:01 pm | |
| لذلك إذا أردت لروحك ان تفهم مقاصد الله ، فأطلقها أولا من حكمتك البشرية ، وقف أمام الله جاهلاً فارغا من كل علم وفهم ، حينئذ ستمتلئ بالمعرفة الروحية الكاملة ، وليست المعرفة البشرية القاصرة { لأن الروح يفحص كل شئ حتي أعماق الله . أليس هذا ما يعنيه معلمنا بولس الرسول اذ يقول : {ان كان احديظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلا لكى يصير حكيما }.{1كو18:3}. تقدم إلي السيد المسيح رجل ذو يد سابسة بطلب اشفاء فأمر السيد أن يمد يده فمدها فصارت سليمة {مت12: 10، 13}. وتؤخذ هذه الحادثة دليلا على قدرة السيد وهذا صحيح ، ولكن لها وجهاً آخر وهو تحطيم نطاق الحكمة البشرية . لو كان هذا الرجل متمسكاً بالحكمة البشريةة لجادل السيد في الأمر :{ كيف أمد يدا يابسة ؟ هل اليد اليابسة تمتد . ولو كانت تمتد فما حاجتي إلي الشفاء ؟ أشفني أولا ثم أمدها } أما هذا الرجل فصار جاهلاً لكى يصير حكيما . فتجاهل الحكمة البشرية التى لا تؤمن بامتداد اليد اليابسة . والتى لا تؤمن لا بانتقال الجبل من موضعه ، ولا بمشى الرجل على الماء ، ولا بعد التفكير في الغد .. انها الحكمة البشرية التى جعلت الناس يضعون الله تحت المجهر هو وصفاته وتعاليمه !. وهى { الحكمة } التى جعلت البعض يقبلون من الإنجيل ومن قوانين الكنيسة ما ييرونه بأفكارهم صحيحاً ، ويرفضون ما لا يتفق ومنطقهم العقلى .. أما اولاد الله فيتناولون كل شئ ببساطة وبغير تعقيد تريدنا يارب ان نمشى في البحر الأحمر ؟ سنمسى اذن لأنك لابد تشق لنا فيه طريقا فلا نغرق . هناك أسطورة تقول ان البحر الأحمر لم ينشق عندما ضوبه موسى بعصاه ، وأنما انشق حالما رفع أول رجل قدمه ليضعها في الماء : انها مجرد اسطورة ولكنها تحمل في طياتها معنى ساميا من معانى الروح .
أود أن اخبرك الآن أن الروحيات
في الصحراء والجبل لها طابعهـا
الذى يختلف عن طابع الروحيـات
فى المدينة فمن أهم القيود الــتـى
تتـــعب العــــــابد فــــى المــــــدن
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:01 pm | |
| ولقد جربت هذا بنفسى ، كنت منذ سنوات فى معسكر فى ألماظه وهى بقعة صحراوية تقع على بعد أميال من ضاحية مصر الجديدة . وكنت متعودا أنا وأحد أخوتى من مدارس الأحد أن نصعد على أعلى رابية فى تلك الصحاء لنقضى وقتا فى الصلاة والتأمل . وكانت مصر الجديدة ، تلك الضاحية الفخمة فى مبانيها وشوارعها وتنظيمها وسكانها أيضاً ، تظهر لنا على بعد كشئ ضئيل تافه على مرمى النظر فى خط الأفق . ولم يكن يبدو منها غير بعض اضواء بسيطة : لعاملين بسيطين هما عامل البعد وعامل الارتفاع . وكنا نشعر ان روح كل منا انطلقت من احترام الطول والعرض والارتفاع ، والفخامة والضخامة . والتنميق والترويق ، وتساوى امامها القصر العالىى والبيت الضعير ، أذ لا يبدو شئ من كليهما . بل كنا نشعر بسعادة ولذه روحية ونحن جالسان على الرمل فوق تلك الرابية المرتفعة ، سعادة لم نجدها في المدن في يوم من الايام .
وفي عطلة من المعسكر رجعنا إلي القاهرة وأقول لك الحق با أخي الحبيب انني انزعجت من هذه العاصمة الصاخبة . وكنت اسير في الشوارع وفي رأسى واذني بركان ثأئر من ضجيج الناس وصوت السيارات والترام ووسائل المواصلات المتعددة . وعرفت وسط هذا الصخب اننى لست بقادر أن افكر تفكيراً منطقيا مرتبا متلاحقا ، كما كنت أفعل فوق الرابية المرتفعة .
وعندما أغلقت علي باب مخدعي ووقف للصلاة ، لم أستطيع أن اصلي ، كانت الجدران الأربع التي للغرفة بمثابة حاجر منيع يفصلني عن التمتع بالله . واقول لك في صراحة أنني خرجت من غرفتي دون أن اصلي وسرت بعيداً بعيداً أبحث عن فضاء هادئ مرتفع لا اري فيه امامي الأبنية والمنشئات ، وتصغر فيه نواحي العمران والمدينة ، وبعد حوالي الساعة من السير وجدت مكانا فيه شئ ضئيل مما أطلب ، وهكذا رجعت إلي منزلي ضيق النفس مشتاقاً إلي رابيتي المرتفعة مرة أخري ...
وانقضت اشهر المعسكر ورجعنا إلي العاصمة ، ووجدت نفسي مضطراً إلي تعود الصلاة بين الجدران الأربع . ولكن ذكريات تلك الرابية المرتفعة ما زالت خالدة امام عيني حتي اليوم ، ولكي أحصل علي جانب من التعويض كنت – بعد أن أنتهي من درسي في مدراس الأحد ، اصعد وأخوتي الشبان إلي سطح الكنيسة المرتفعة لنلقي نظرة علي القاهرة ، فنراها ايضاً في ظلمة المساء شيئاً ضئيلاً لا تبدو منه أشباح أبنية تلمع فيها تلك النقط البيضاء المضيئة .
أن روحك يا أخي الحبيب تود أن تنطلق هي ايضاً كالطير من غصن إلي عصن ، تود أن تصير كالملائكة الذين يسبحون في السماء بغير روابط او قيود . وأن لم تستطع هذا باستمرار ، فلا أقل من تهيئة فرص في بعض المناسبات ...
ان هذا يجعلني اتخيل التامل اغزر وأوفر بالنسبة إلي البحار والفلاح وسكان الجبل وساكن الصحراء .. ويخيل إلي أننا سنصير كذلك عندما نتخلص من نطاق الجسد ونصعد إلي فوق ، حيث الله والملائكة والقديسون . وقدتناولت هذا الموضوع مع ابي الراهب ، فحدثني عن اختبار روحي آخر ، حكي لي كيف انفرد في قلايته ثمانية وعشرين يوما في مستهل حياته الرهبانية . قابعا بين الجدارن الأربع ، لا يري أنسانا ولا يتصل بانسان ، مجاهد في صراع عنيف بينه وبين الله ونفسه ، وكيف كانت تلك الحقبة من الزمن فترة { غربلة } قاسية لنفسه ، استطاعت فيها الروح ان تنطلق شيئا فشيئاً من قيودها الكثيرة إلي الله ، وتغصب منه الوعود أغتصابا ...
وبعد ذلك خرج الراهب من قلايته وقد تسوت امامه الجدران واللاجدران ...
وهنا أقدم لك في هذا الموضوع مرحلة من مراحل الروحانية أسمي وعمق . كانت المرحلة الأولي هي التبرم بالجدران الأربع ، أما هذه فهي مرحلة عدم الاحساس بالجدارن الأربع ، حيث تجلس في غرفتك . وتستغرق في صلاتك او تاملاتك أو قراءتك ، حتي لا تعود تشعر بكل ما حولك ، وإنما تعيشر في عالم آخر يسمو علي الحس ، لا تعرف فيه هل أنت في غرفتك أم في فضاء الدير ، هل قلايتك لها جدران أن ليس لها ، بل اقول أنك في تلك الحالة لا تستطيع أن تميز هل انتقلت إليك السماء وانت علي الأرض ، أم انتقلت وأنت علي الأرض إلي السماء ؟ بل دعني اهمس في أذنك يا أخي الحبيب أن هناك أشخاصا لم يستطيعوا أن يدركوا – في حالات كهذه – هل هم في الجسد أم خارج الجسد كما حدث للقديس بولس الرسول ، وكما روي عن القديس يوحنا الأسيوطي والشيخ الروحاني ايضاً .
يتدرج بي هذا الموضوع ، موضوع إنطلاق الوح من المكان غلي تأمل آخر متعلق به وهو { الرؤي }.
سمعنا في هذا المر من قبل عن اختيارات القديسين يوحنا الحبيب والقديس بولس الرسول ، ويعوزنا الوقت أن أسترجعنا اختبارات الأنبا انطونيوس والأنبا شنوده وغيرهما من القديسين الذين انطلقوا من اماكنهم وعاشوا بالروح في أجواء وبيئات أخري رأوا فيها أشياء عجيبة لا ينطق بها .
أنما أذكر هنا قصة رواها لي أحد اخوتنا الأحباء عن كاهن ممتلئ بالروح كان واقفا يصلي في المذبح فلما وصل في صلاته إلي عبارة { ورفع نظرة إلي فوق ..} رفع نظره هو ايضاً ، وسادت الكنيسة فترة من الصمت العميق ، ومرت دقيقة ودقيقتان ودقائق كثيرة والكاهن القديس ناظر في صمت إلي فوق في
دهشة وذهول ، وطال الوقت جداً والشعب يتأمل كاهنه المبارك في صمت ، وبعد فبتة أخفض الكاهن بصره ، وأكمل صلاته في عمق وحرارة دون ان يحس فترة الصمت التي مرت به ، ولما اخبره احد خواصه – بعد القداس – بما حدث وطلب منه ايضاح الأمر ، اضطرب ولم يحب ، ولما كثر عليه الالحاح قال انه نظر إلي فوق فاذا بالكنيسة وكانها بلا قبة ولا سقف ، وغذا به يتأمل سلما طويلا يصل المذبح بالسماء . فتأمله لحيظات كأنها جزء من الدقيقة ثم أكمل صلاته ...
يتحدثون بعد ذلك عن الرهبنة كطريق إلي الخدمة ، وما أري الرهبنة الا طريقا إلي السماء تساعد فيه الخلوة والتأملات والجهاد المستمر علي دوام أنطلاق الروح حتي تتحد بالله .
يخيل إلي يا اخي الحبيب أن هناك أشياء لاقولها له في هذا الموضوع | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| |
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:02 pm | |
| كان مستغرقا فى نومة
يشاء ؟! { وكان الصوت مترفقا نصوحا فلم يفزع ذلك النائم إنما رد في هدوء { ماذا تعني يا سيدي الملاك ؟} فأجابه الملاك { أقصد أنك في افكارك وفي حياتي الروحية قد فقدت شخصيتك ، واصبحت تعيش بشخصية غيرك . هناك رجل آخر كبر في عيني نفسه ، ثم ظل يكبر في عينك أنت ، حتي جعلته مثلك الأعلي تتبعه في كل شئ : ترتفع معه ان ارتفع ، وتسقط معه حينما سقط ، ، آراؤه آراوك ، وانحرفاته هي انحرافاته هي انحرافاتك ، بل انك تدافع عن أفكاره أكثر مما يدافع هي عنها . وأنت تؤمن بمبادئ هذا { السيد } دون نقاش ، يكفيك أن معبودك هذا قد نطق بها في وقت ما }.
واحس ذلك النائم أن كل مالقا الملاك صحيح ، ولكنه أراد توضيحا لموافقة فقال : { وهل من ضير يا سيدي الملاك في أن أتبعه مادامت كل افكاره سليمه ليس فيها شئ من الخطأ ؟ أليس من الجائز أن يخطئ كانسان ؟ وان أخطأ فكيف تعرف ذلك ، ما دمت لا تسمع الا أفكاره ولا تود أن تقبل غيرها ؟ وما دام كل شخص يعارض افكار هذا { السيد } هو في نظرك شخص لا يصح ان تستمع إليه ، وإن استمعت فبروح الجدل ، محاولا أن ترد علي كل فكرة وان تنقضها دون أن تتفهمها لا لشئ الا لأنها تعارض آراء سيدك !! }.
وفرك النائم عينيه في خجل ليتحقق ما أذا كان صاحبا أم نائما بيما استمر الملاك في حديثه :{ان روحك حبيسة تود أن تنطلق ولا تسطيع ، لنها مقيدة بقيود هذا الإنسان .. أنه يعطيك ممن المعلومات ما يريدك هو أن تعلمه : يعلن لك ما يشاء من الحقائق ، ويحبس عنك ما يشاء . وحتي المعلومات التي عندك من ذاتك ، والتي تكتسبها من غير طريقه ، خاضعة هي أيضاً لمراجعته . أنك قد فقدت شخصيتك تماماً . واصبحت لا تتصرف من تلقاء نفسك . كلما حاقت بك مشكلة تستصرخ به لينقذك . وكلما عرض لك امر من الأمور لا تحاول ان تبث فيه بحل حتي يجئ { سيدك } ويحله . وان تصرفت في الأمر يستطيع أن يلغي تصرفك ومتي يشاء في حياتك هو أن تصبح صورة باهتة من هذا الإنسان . شخصيتك التي خلقك الله بها قد ضاعت . وشخصيته هو لن تستطيع أن تصل إليها تماما ، لأن الظروف الروحية والعقلية والإجتماعية التي كونتها هي غير ظروفك . وهذكا أراك تتأرجح في وضع غير مستقر بين الحالتين } .
واستمع ذلك النائم إلي هذه العبارات وهو يشعر أنها تمس صميم نفسه ، بل أنه فيما بينه وبين نفسه يحس أنه قد أصبح ضيق الصدر بسلطان ذلك { السيد }. وهكذا وجد الشجاعة في ان يطلب إلي الملاك أن يوجد له حلا فقال { ولكن أستطيع يا سيدي الملاك أن أناقش معلمي }؟ فأجاب الملاك :{ أقول لك – والقياس مع الفارق – أن الله يحب أن يكون أولاده أقوياء الشخصية حتي أنه كان يسمح لهم أن يناقشوه }. أنظر إلي أرمسا وهو يقول { أبر أنت يارب من ان أخاصمك ولكني أكلمك من جهة احكامك ، لمذا تنجح طريق الأشرار ، اطمأن كل الغادرين غدراً }{أر1:12} واستمع إلي إبراهيم وهو يناقش الله تمجد أسمه ويقول له { حاشا لك أن تفعل مثل ذها الأمر .. أديان الأرض كلها لا يصنع عدلا ؟ {تك25:18}. وانتقل معي ايضا إلي موسى وهو يكلم خالقه فوق الجبل بنفس الأسلوب فيقول له :{ أرجع عن حمو غضبك وأندم عن الشر }{12:32}.
فقال النائم للملاك { ولآن ماذا تريد يا سيدي الملاك أن أفعل ؟} فجابه الملاك { أريد ألا تلقي قيادتك إلي إنسان معين ، وإنما استمع إلي الكثيرين ، واقرأ للكثيرين ، واستعرض ما تشاء من الآراء . وليكن لك روح الفراز ، فتميز الرأي السليم من الرأي الخاطئ ، وتعتنق من كل ذلك ما يناسب حالتك أنت بالذات من جهة تكوينك الروحي والعقلي ، وما يناسب ظروفك الإجتماعية والعلمية ، ويتناسب ايضاً مع سنك ، عالما أن هناك طرقا كثيرة تؤدي إلي الله ، وقد يكون الطريق الذي صلح لغيرك غير الطريق الذي يصلح لك أنت بالذات ، الطريق الذي أختاره لك الله – وليس الناس – دون غيره من الطرق .
... ثم استيقظ النائم من نومه ، ليري نفسه إنساناً جديداً قد انطلقت روحه ، حره من كل قيد ، تبحث عن الحق أينما وجد ولا تؤمن بعبادة الأشخاص | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:02 pm | |
| اعرف ذاتك
هل تود أن تكون كاملا يا اخي الحبيب ؟ وهل تريد أن تنطلق روحك انطلاقا إلي حيث لا قيود ولا حدود ؟ اذن فعليك قبل كل شئ ، أن تفرغ ذاتك من كل شئ : من كل ما أرسبه فوقك العالم من رغبات وعلوم واحاسيس ..
عليك أولا أن تنكر ذاتك ، وأن تقف أمام الله كلاشئ . اعرف نفسك بالحيقية ، من أنت ؟ أليس مجرد حفنة تراب ، من تراب الأرض ..؟ بل أنت أقل من تراب . أنت عدم ، لا شئ مر وقت لم تكن فيه موجودا ، ومع ذلك كان العالم عالما ، من غيرك . ثم كونك الله أذ لم تكن : خلق التراب اولا ، ثم خلقك من تراب . علام إذن ترتفع ، ومن انت حتي ترتفع ؟ اخفض راسك في خجل وذلة . فأنت عدم . وقف امام الله من انكسار نفسى وأنسحاق روح ذاكراً أصلك القديم .
هل عرفت أنك عدم ؟ بل أصارحك ايضاً انك أقل من عدم . فالعدم هو لا شئ خير من الخطية التي جلبها الإنسان إذ أن { تصور قلب الإنسان شرير كل يوم }{تك5:6}.
فإن وجدت فيك شيئا صالحا ، تيقن تماما أنه ليس منك ، بل هو من الله الكلي الصلاح ، والكامل القدوس وحده ، لأنه ليس احد صالحا الا الله وحده {مت17:19} ان وجدت فيك شيئا صالحا فلا تنتفخ ولا تتفاخر ، ولا تحارب نفسك بالبر الذاتي ، وإنما أرجع المجد لله ، لنه هو المستحق وليس أنت ، فالله هو الذي صنع الخير ، لأنه صانع الخيرات ، بل لأنه الخير ذاته ، وهو الصلاح ذاته ، وأنت بدونه فناء لا تستطيع أن تعمل شيئا . فلا تسرق مجد الله وتنسبه لنفسك . قد تضئ كالقمر هو كوكب مظلم يستمد نوره من الشمس ، وليس فيه ضيا من ذاته ، وأن احتجبت عنه الشمس لا يظهر منه شئ لنه مظلم بطبيعته . أتر يستطيع القمر ان يتحدث عن نوره } أمام الشمس ؟. هكذا أنت أيها الحبيب امام الله .
أما أن وجدت فيك شرا فاعرف انه منك ، من الخطية الرابطة التي اشتقت إليها . وكنت تسود عليها فسادت عليك {تك4} لنه ليس شر من قبل الله . الله الذي لا ينفق الشر مع طبيعته والذي بعد ان عمل كل شئ بيديه الطاهرتين اللتين بلا عيب ولا دنس { نظر إلي كل ما عمله فاذا هو حسن جداً }.
هل عرفت ذاتك يا أخي الحبيب ؟ وهل أدركت ان أنكار الذات هو القاعدة الاساسية لعلاقتك مع الله ؟ لست أقصد أن تعتبر ذاتك شيئا تتواضع فتنكره ، لأن ذاتك لا شئ ، عدم وفناء . ولست أحب ان استعمل كلمة { تواضع } لأن المتواضع هوالكائن الذي يتنازل من مكانه إلي درجة أقل أرتفاعاً وأدني عليه ان يتواضع سموا . أما إنسان حقير مثلي ومثلك ، كان ترابا وعدما ، مستحيل عليه أن يتواضع ، أذ لسيت له درجة حتي يرفضها ، أو كرامة حتي يتخلي عنها . وليس هو مرتفعاً حتي ينزل ، أو ساميا حتي يتضع . وأنما كل ما أقصده من إنكار الذات يا أخي المحبوب هو أن تعرف ذاتك ، فتدرك أنه لا قيمة لك علي الاطلاق . وإنما هو الله الذي يتحنن عليك فيهبك ان احببته ، شيئا من مجده ، الذي لا تستحقه ، لولا رحمته ولولا تواضعه هو وتنازله .
دعنا نتدارك إذن فنتامل تلك الآية الجميلة التي تقول { أحتار الله جهال العالم ليخزي الحكماء . واحتار الله ضعفاء العالم ليخزي الأقوياء . واختار الله أدنياء العالم والمزدري وغير الموجود ليبطل الموجود لكي لا يفتخر كل ذي جسد امامه } {1كو1 : 27- 29 }.
فما معني هذا ؟ ألا يصلح لملكوت الله ألا الجهال والضعفاء والمحتقرون ؟! كلا فقد اختار الله قوما مثقفين من أمثله موسى وبنتينوس وأوغسطينوس . واختار الله رجالا أقوياء مثل شمشون والقوي الأنبا موسى ، واختار رجالا محترمين مثل داود الملك والأميرين مكسيموس ودوماديوس ...
فكيف التوفيق بين الأمرين ؟ ليس المقصود إذن ان الله لا يختار الا جهال والضعفاء والمحتقرين ، بل لعل المقصود هو ا،ه – تبارك إسمه – يختار الأشخاص الذين مهما بلغوا من علم أو قوة أو كرامة ، يقفرون أمام ، كجهال وضعفاء محتقرين .
فهاذ موسى الذي تهذب بكل حكمة المصريين ، لم يرسله الله عندما كان واثقا بنفسه ، ومعتمدا علي قوته البشرية . ولكنه دعاه عندما وصل إلي الدرجة التي قال فيها { من انا حتي أذهب إلي فرعون وحتي أخرج بين إسرائيل من مصر ،.. لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس ولا من حين كلمت عبدك . بل أنا ثقيل الفم والسان }{خر3: 11، 4: 10 }. وهذا هو بولس الذي درس الناموس وتعلم تحت قدمي غمالائيل ، لم يرسله الله الا عندما وصل إلي الحالة التي يستطيع أن يقول فيها :{ لأنه مكتوب سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء . اين الحكيم . اين الكاتب . أين مباحث هذا الدهر . ألم يجهل الله حكمة هذا العالم .. وانا كنت عندكم في ضعف وخوف ورعدة كثيرة وكلامي وكرازتي لم يكونا بلاك الحكمة الإنسانية المتنع بل ببرهان الروح والقوة} { 1كو1: 19 ،2، 3، 4 }.
وأرسانيوس لم يجعله الله أبا ومرشداً ، عندما كان معلما للاميرين اركاديوس وهونوريوس في قصر أبيهما الأمبراطور ثيئودسيوس . بل عندما تنقت روحه ,اصبح في أمكانه ان يقول عن نفسه :{أن أرسانيوس معلم أولاد الملوك } الذي درس حكمة اليونان والرومان ، لا يعرف الالفا فيتا التي يعرفها هذا المصري الأمي }.
هل تظن يا أخي العابد انك ستبني ركنا في الكنيسة بعلمك وثقافتك ؟! يا لك من مسكين . الحق أقول لك ان لم تنطلق من أعتمادك علي معرفتك فلن تصل غلي الله . ولن يبارك الله لك في خدمة لأنك ان نحجت فسوف ينسب الناس نجاحك إلي ما وهبه لك العالم من شهادات وإجازات علمية ، وهكذا يسلب من الله مجده ويعطي للعالم . الله – ياأخي المتعلم – قادر في القرن العشرين أن يذهب غلي البحيرة من جديد ، ويختار صيادا جاهلا لكي يقيمه رسولا وكاروزا . فيعلم الناس خيرا منك . أن الله عندما شق البحر الأحمر لم يختر لذلك قضيبا من ذهب ، وإنما عصا بسيطة توجد ملاييبن مثيلاتها في العالم .
فحاذر أن تظن في نفسك أنك شئ ، أو أن تغتر بثقافة العالم . وحاذر – حتي في حياتك الخاصة – أن تعتمد علي معرفتك العالمية او الدينية أو قراءاتك الروحية او خبرتك القديمة . وإنما كلما ازددت علما ، وكلما تعمقت في الروح ، قف كل يوم أمام الله وأنت شاعر بجهلك وعجزك وأنت محتاج إليه ليرشدك ، كمبتدئ ، مهما كنت قديم الأيام . قف أمامه وانت شاعر بحاجتك الماسة إليه ليحميك من أضعف الشياطين ، ومن أبسط الخايا في نظرك ومن أتفه الزلات أمام عينيك .
ليكن لك هذا الشعور . لأني رايت كثيرين بعد أن قرأوا وكتبوا عن عمق الروحيات يسقطون خطايا المبتدئين .. وأقول لك هذا أيضاً خوفا من أت ثقتك بعلمك الروحي وخبرتك الروحية . تجعلك تعتمد علي ذراعك البشري ، { ومعلون من يتكل علي ذراع بشر }. واعلم يا أخي الحبيب أن كل علم روحي أو عالمي لا يقودك إلي حياة الانسحاق وإلي الشعور بالجهل ، هو علم باطل وخداع للنفس ، بل هو ضربة من الشيطان يصرفك بها عن أن تسأل وتطلب وتقرع الباب .. فأشعر يا أخي بجهلك أذ يقول الكتاب : { أن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر ، فليصر جاهلا لكي يصير حكيما } {1كو18:3}.
وكما لأنه أمام الله يتساوي الحكيم والجاهل في انهما كليهما جاهلان وأن موت هذا كموت ذاك ، ونسمة واحدة تهب علي الأثنين كذلك أمام الله يتساوي الضعيف والقوي لنهما يليهكا ضعيفان ،أذ ليست هناك قوة لحد في حضرة الله .
هل تعتقد يا صديقي أنك قوي ؟ اذن فمن اين أتتك القوة انها ليست من ذاتك طبعاً لأنك تراب ورماد ، بل عدم وفناء . وهي ليست من كانئ آخر غير الله . لأنه – تبارك اسمه هو وحده القوي ، ومنه تستمد كل قوة
فهل قوتك أذن من الله ؟ ام كان الأمر كذلك فلماذا تغتخر ؟ ولمذا تتصلف ؟ ولمذا تستخدم قوة الله في غير ‘مال الله ؟ أذن فأن افتخر احد فليفتخر بالرب ، لأنه – تعالي في مجده – مصدر كل شئ يدعو إلي الفخار ، وان كنت أيها افنسان الضعيف بطبيعتك قويا بالله ، فقل أذن كما قال الطوباوي بولس { فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح . لذلك أسر في الضعفات .. لأني حينما انا ضعيف فحينئذ أنا قوي } {2كو9:12،10}
الشخص الذي يعتقد في نفسه أنه قوي لا يستخدمه الله . لن الله يختار ضعفاء العالم ليخزي بهم الأقوياء ، فحاذر أن تثق بقوة مزعومة لك . لأن الخطية { طرحت كثيرين جرحي ، وكل قتلاها أقوياء }. وإنما قل مع داود البار { ارحمني يا رب فإني ضعيف ، اشفني يارب فإن عظامي قد أضطربت ، ونفسي قد انزعجت جداً }. تأكد يا أخي من ضعفك ، ليس لأني قلت هذا وإنما لأنها الحقيقة الواضحة . الم تسقط اليوم وتخطئ ؟ ألم تخطئ أمس وقبلا من أمس ؟ لست قويا أذن ، بل ضعيفا ومثالا للضعف . وستظل كذلك حتي تعترف بضعفك . وتسرع وتثبت في الآب والآب فيك .
نصيحة أخري أهمس بها في أذنك : لا تجلس في خلوتك وتظن أنك أقوي من الناس ، وتستعرض المشروعات العظيمة التي يمكنك القيام بها لو أعطيت لك سلطة ، أو لو كنت في مكان الآخرين . أنك لست قويا يا أخي بهذا المقدار ، وما هذه الا أحلام اليقظة ، او لعله الغرور . أما أنت فضعيف ، وربما لو كنت في مكان أولئك الخطاة الذين تنتقدهم لاخطأت أكثر منهم ، ولأظهرت ضعفا اكثر من ضعفهم . ان كنت قد أنتصرت في الماض أو تنتصر الآن ، فسبب ذلك هو وجود الله معك ، وليس السبب أنك قوي . احتفظ إذن ببقاء الله معك عالما انه لن يرضي بالبقاء طالما أنت تعبد ذاتك بدلا منه .
واحد من أثنين يعمل في الميدان : اما الله وأما أنت .أن كنت تعتقد أن الله هو الذي يعمل ، وأنك لا شئ إلي جواره ، بل أنك متفرج تنظر إلي اعمال الله في اعجاب ، أن كنت تعتقد هذا فحسنا تفعل . أما أن كنت أنت الذي تعمل . وأن لك القوة ما يكفك لك ذلك ، فثق ان كل ما تعمله باطل هو ، وستفشل فيه . لست أوقول هذا عن خدماتك وأعمالك الخارجية ، وإنما عن صميم حياتك الروحية أيضاً ، ان اعتقدت أنك أنت الذي تجاهد لترث الحياة الأبدية ، فسوف تفشل في جهادك . وان اعتقدت أن خطية ما لم يعد لهل سلطان عليك ، فقد تسقط فيها ولو بعد حين ، ويكون سقوطك عظيما ...
ولكن الحل الصحيح هو أن تشعر بضعفك ، في أرض تنبت شوكا وحسكا ، أن تشعر بضعفك ، أمام كل تجربة وكل خطية قائلا مع المرنم : { لولا أن الرب كان معنا ليقل إسرائيل ، لولا أن الرب كان معنا حين قام الناس علينا لا بتلعونا ونحن احياء ، عند سخط غضبهم علينا }{مز123} وهكذا تصرخ إلي الله ، ثم تنظر كيف يحارب عنك وينتصر فتمجد الله وليس نفسك ، لأن النصرة كانت من عنده .
واخيراً ، اشعر أن هناك أشياء كثيرة لنتحدث عنها معا في هذا الموضوع ، فاذكرني يا أخي الحبيب في صلاتك حتي نلتقي مرة أخري ونكمل تاملنا ، أن أحبت نعمة الرب وعشنا ....
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:03 pm | |
|
ذاتك ومديح الناسكلمتك في المرات السابقـــة عن انكار الذات ، وما يــزال هناك كثير أقواله لك في هذا الموضوع حتي نصل سويــا إلي أنطـــــلا الـــــــــــــروح اتريد يا اخي أن تصل إلي الله ؟ أتحب أن تردد عبارة الطوباوي بولس { لي أشتهاء أن انطلق وأكون مع المسيح فذاك افضل جدا } إذن فانطلق أولا من ذاتك ، من ذاتك التي تعبدها بدلا من الله وتحاول باستمرار أن تراها ممجده معظمه أمام الاخرين . هل يمجدك العالم يا أخي الحبيب ، وهل تقبل منه هذا التمجيد ؟ با لك من مسكين .. ألست تعلم أن المجد لله وحده ؟ لن خالق الكل ومصدر جميع الكائنات ولأنه الوحيد الواجب الوجود ، والأزلي ، والقادر علي كل شئ ، والمالي كل مكان .. ألست تعلم أذن أنك أن مجدت ذاتك ، أو مجدك الناس فإنما تسلب صفة من صفات الله . وتنسبها إلي نفسك !! أهي التجربة التي حاربت أباك آدم ، إذ لم يكتف بما وهبه الله من نعيم ، بل أاد أن يكبر حتي يصير مثل الله ؟ ومن أنت يا أخي حتي تتمجد ؟! هل للتراب مجد او للرماد كرامة أو للعدم أحترام وهيبة ؟! ثم ألست خاطئاً مثلي ، وان كان الله قد سترك وأخفي غيوبك عن الناس – فهل للخاطئ مجد وهل للضعيف كرامة ؟ إذن لماذا تمجد نفسك ، وأنت تعرف حقيقتك بكل ما فيها من خطايا ونقائص وعيوب ... هل تفعل هذا لن الناس لم يعرفوا حقيقتك بعد ، ولم يعلموا كل شئ من ماضيك ، ولم يكتشفوا كل ضعفاتك ، ولم تظهر أمامهم أخطاؤك ؟ لمذا إذن تخدعهم وأنت تعلم ؟ بل لماذا تخدع نفسك والخداع لا يفيدك شيئاً ؟؟ ألهذا الحد تستغل ستر الله وكتمانه حالتك عن الناس .. أتوده إذن أن يعلن للآخرين افكارك وأحاسيسك ورغباتك المكبوتة ... !! ثم لماذا عن مجد زائل ، لا يصحبك بعد الموت ، ولا يقف معك في يوم الدينونة . أمام الديان العادل ، الذي لا يتأثر في حكمه عليك برأي الناس فيك ، لأن كل شئ مستور ، هو عريان قدامه .. ألأ يزال عزيز عندك مدح الناس ؟ الست تعرف أن مديحهم زأئف : لأنه يكون أحيانا على سبيل المجاملة أو التشجيع أو التملق أو الخجل كما أنهم حتى ان صدقوا وأخلصوا فهم انما يحكمون حسب الظاهر وليس فيهم من يقرأ فكرك ، أو من يعرف نياتك ، أو يدخل إلي قلبك ليفحص ما فيه ... يا أخي الحبيب : أنني لا اشك قد أثقلت عليك بافكار مجتمعة فهل تريد أن أقص عليك قصة ، لتكن أذن قصة نبوخذ نصر {دا4: 29-33} : هل تعرف كيف نسب لنفسه مجداً زائلاً ؟ وهل تعرف كيف كانت نهايته ؟ إذن ليته يكون درساً لك ... أترك تضايقت ؟ سامح ضعفي ، واسلوبي الخشن في التعبير . ولكن أهي عادتك باستمرار أن تتضايق من شخص يكلمك بصراحة ؟ لا يتملقك ، ولا يستعمل معك الفاظ التفخيم التي يستعملها الناس .. لماذا ؟ الأولي بك يأخي العزيز ا، تحب هذا الأسلوب ، لأنه يوقفك أمام حقيقتك ، وما أشد احتياجك غلي الوقت أمام هذه الحقيقة ، حتي تعرف نفسك ، تلك المعرفة اللازمة لخلاصك . ولكن دعنا نناقش الأمر معا . لماذا تريد أن تظهر عظيما أمام الآخرين ؟ أهو مركب النقص ؟ هل تشعر في ذاتك أنك في درجة صغيرة . وتريد أن تعوض ذلك بأن تكتسب مدح الناس بحرارة عن نفسك حتي لا تظهر أمامهم معيبا ، وأن وقفوا منك محايدين لا مدح ولا مهاجمة ، لم يعجبك هذا أيضاً وأخذت تتسول مدحهم بأن تحدثهم عن فضائلك حتي يعجبوا بك فيمدحونك .. أهذه هي الحقيقة ؟ أن كانت كذلك ، فلنحاول مناقشتها معاً : حسن يا أخي أن تشعر بأنك ناقس وخاطئ وضعيف وأقل من الناس جميعاً ، ولكن علاج هذا النقص لا ياتي باضافة نقص جديد إليه عن طريق محبة مدح الناس ، وإنما يأتني بتكميل الذات وأصلاح امرها . لمذا يهمك رأي الناس فيك ومدحهم اياك ؟ ألعلك ستدخل ملكوت الله ان رشحك الناس لهذا ؟! إذن فأعلم أن كثيراً جداً من الذين يمدحهم الناس سيلقون في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت .. { وويل لكن أن قال فيكم الناس حسنا }{لو26:6}. مدح الناس ياصديقي وقتي وزائل . وهو لا يثبتون علي حال . للذين هتفوا للسيد المسيح كملك . صرخوا ايضاً قائلين {أصلبه اصلبه } ومدح الناس ايضاً زائف لأنهم لا يعرفون الحقيقة تماما . إليك سؤال يهمني أن تجيب عليه أجابة صريحة :ماذا يكون شعورك عندما يمدحك الناس وأنت تعرف عن خفاياك ما يخجل ؟هل تنسي أثناء مدحهم تلك الخطايا التي لو عرفوها عنك لطردوك خارج المجمع أم أنت تتنساها ؟ ام تعتبرها مكدرات لا يجب أن تظهر أثناء نشوتك بمديح الاخرين ؟ إذن فأنت يهمك فقط خارج الكأس ، يهمك أن تكون كاقبور المبيضة من الخارج ومن الداخل نتنة ؟! إذن فإنت تهمك الحياة الأرضية فقط ولا تأبه للحياة الآتية . صارح نفسك يا اخي المحبوب بحيقية مشاعرك ، واعترف بهذا بينك وبين نفسك اولا ، ثم اسكب هذه الذات امام أب اعترافك ، أسكبها في بكاء وأنين وألم مر . وإليك ما يجب أن تشعر به عندما يمدحك الناس : 1) اشعر أولاً أنك ربما تكون مرائيا ، تظهر للناس غير ما تبطن . قل لفسك في صراحة { أنني شخص خاطئ دنس ، وعندما أجلس إلي أب أعترافي أكاد أذوب خجلا وعندما أحاسب نفسي علي خطاياي تنسحق ندما وشعورا بالخسة والحقارة ، وتصغر ذلتي أمام عيني ، وعندما أقف للصلاة أشعر انني غير مستحق أن ارفع نظري إلي فوق .. فلماذا إذن يمدحني الناس . ألعلني مرائي ؟ ألعلني ذو وجهين ؟: أظهر أمام الناس بشخصية ، وحقيقتي شخصية أخري ؟ هل أنا ممثل ؟ ربما أكون ... 2) أشعر أن مدح الناس ربما يجعلك تستوفي أجرك علي الأرض فلا تنال أجراً في السماء ، وهكذا يصيع أكليلك بثمن بخس . أن مدحك الناس فخير لك لأن تحزن . أحزن علي أكليلك الذي يوشك أن يضيع . وهذا الحزن المقدس يصفي نفسك ويجعل روحك تنطلق بالأكثر . 3) عند مدح الناس لك أشعر أنك ربما تكون مختلسا : قد سلبت مجد الله ونسبته إلي نفسك . لقد قال السيد المسيح : { لكي يروا أعمالك الحسنة ، فيمجدوا أباكم الذي في السموات {مت16:5}. فإن كان المجد قد رجع إليك أنت بدلا من الآب ، فربما يكون هذا أختلاسا وأنت لا تدري ، أو وأنت تدري . عندما تصلي وتقول : { لأن المجد لها فتنافس الله في قوته.{ليس لنا يارب ليس لنا ، ولكن لاسمك القدوس أعط مجداً }{مز1:115}. 4) عندما يمدحك الناس أنكر ذاتك ، ووجه انظارهم إلي الله ، في غير رياء وفي غير تظاهر بالتواضع ، أذكر لهم لهم انك خاطئ . وضعيف وأن الله هو الذي فعل الأمر الذي يستحق المديح . وكما توجه هذا الكلام إلي الآخرين ، توجه به ايضاً إلي نفسك وأقتنع به حتي لا تعود فتنتفخ . 5) إذا وجدت البعض قد بدأ قصة أو حديثا أو خبراً سينتهي بمدحك ، حاول أن تغير مجري الحديث أو علي الأقل ٌتسر بالمد وانسبه إلي الله عن أقتناع . 6) عندما يمدحك الناس تذكر هاتين الايتين الجميلتين { مجداً من الناس لست أقبل }{يو41:5}.{مجدني أنت ايها الآب عند ذاتك ..}{يو5:17}. احفظ هاتين ورددهما كثيراً في فكرك . 7) عندما يمدحك الناس تذكر خطاياك ، واترك ضميرك يؤنبك حتي يكون هناك توازن بين داخلك ، وبين مدح الناس من الخارج . وأخيراً ، أن كان هذا هو المطلوب منك عندما يسعي إليك مدح الناس فبديهي جداً أنك لا تسعي بنفسك إلي طلب هذا المديح أو أستجدائه مما سنرجح إليه في المقال القادم أن شاء الرب وعشنا . | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:03 pm | |
| ذاتك وءاساءات الناسان لم تنطلق من ذاتــــــك يـــــــا أخـي الــحبيب من ذاتك هذه التي تعبــــــــدهامــن دون الله ، والتي تكبرها وتفخمهاامام الناس ، فلن تصل أبدأ إلـــي سمـوإنطلاق الروح .لعلك تحب أحيانا أن يمدحك الناس ، ولقد تفاهمنا في مقال سابق عما يحسن بك فعله عندما يمدحك الآخرون . أما في جلستنا الهادئة هذه ، فأود أن اسالك سؤالا ؟ وا هو شعورك وتصرفك عندما يسئ إليك الغير أو يظن بك الظنون ؟رمبا تفكر في ذاتك أهنت ، وربما تفكر في كرامتك وهيبتك والأحترام الواجب لك : فتضغب وتثور ، وتثار لذاتك ، وتدافع عن نفسك . لست انكر عليك هذا ، فأنا أنسان في الجسد مثلك جربت هذه المشاعر جميعا ، أو جربت بهذه المشاعر جميعاً ولكن دعنا نناقش الأمر معا . ماذا يفيدك الغضب ؟ أنه يعكر دمك . ويتلف اعصابك وأخطر من ذلك كله أن الغضب يفقدك سلام القلب وراحته . الم تسمع معلمنا يعقوب الرسول يقول : ر أن غضب الإنسان لا يصنع بر الله }{يو20:1}. ، وغضبك من أجل ذاتك هو لا شك غضب أنسان كالذي يقصده معلمنا يعقوب . تقول أن هذا الغضب ينفس عنك ، ويفرج عن الثورة المكبوتة في داخلك . ولكن لماذا تختزن في داخلك ثورة مكبوتة تحتاج إلي تنفيس ؟ السبب في ذلك واضح طبعاً ، هو أنك تفكر كثيرا في ذاتك ! انطلق يا أخي الحبيب من هذه الذات وأنت تستريح . ان أهنت فلا تفكر في ذاتك انك أهنت . وانما في ذلك الذي أهانك ، أنه اخوك . وانت كشخص روحي ممتلئ بالمحبة ، عليك أن تفكر في هذا الأخ الذي أخطا : ماذا تفعل لأجله . أنك لا تريد طبعاً أن تنحدر نفسه الغالية إلي الجحيم ، ولا تريد ان تقف اهانته لك في طريق خلصه . لذلك فأنت تطلب إلي الله ألا يقيم له هذه الخطية ولا يعاقبه عليها ، ثم أنت ايضاً تصلي من اجله ان يخلصه الله من الخطية ذاتها فلا يعود إلي اقترافها معك أو مع غيرك . وعندما تفكر في أخيك هذا الذي أهانك ، قد تفكر في السبب الذي جعله يفعل ذلك . ربما يكون مريضا اعصابه متلفة ، او متعبا عقله مجهد ، أو قواه منهكة ، أو مرهقا بمشاكل أجتماعية أو دراسية ، أو مالية .. فأنت تفكر فيما يمكن أن تفعله لأجله ، وهكذا قد تخطر ببالك رحله أو نزهة لطيفة تدبرها له ، أو قد تساهم بجهد في التخفيف أو الترفيه غنه . وأن لم تستطيع شيئاً من هذا كله فعلي الأقل ترثي له ، وتطلب له من الله معونة خاصة . ان الناس يا اخي الحبيب لم يخلقوا أشرارا ، لأن الله بعدما خلق الإنسان { نظر إلي كل ما فعله فاذا هو حسن جداً } وأماالشر فإنه يأتي إلي الناس من الخارج دخيلاً عليهم .. وهذا الشخص الذي أهانك ، ربما تكون لاهانته لك اسباب أخري . وربما يكون قد اساء فهمك . ومثل ذلك تفاهم معه وأقنعه في وداعة ومحبة . ولكن هناك نوعاً من الناس يهين الآخرين حبا في أهانتهم مستغا\لاً تسامحهم ليتخذهم مجالا للفكاهة والتندر . مثل هذا الصنف أما أن تبتعد عنه ، وأما أن تكلمه بلهجة حاسمة وحازمة مؤدبة مظهراً له خطاً ، ومانعا اياه من تكراره . ولتفعل هذا ليس علي سبيل الثأر للنفس ، أو الاختفاظ بكرامة ذاتية ، وإنما حبا في ذلك المخطئ حتي لا تترك له فرضة أخري للخطأ ، ومجالا يسقط فيه ويهلك بذلك نفسه .. وشتات بين توبيخك لخاطئ بغرض انتقامي ، توبيخا يجعله يثور عليك ويحتك بل ، وبين تانيب المحبة الحازم الهادئ الذي يشعر فيه الشخص ان مؤنبه يحبه .. هذا كله عن موقفك من جهة الشخص الذي تشعر أنه اهانك ، ولكن اسمح لي أن أدخل قليلا إلي أعماق نفسك لاناقش شعورك الباطن بينك وبين نفسك . 1) لماذا تحسب الكلام الذي يقوله غيرك أنه أهانة ، أو انه شتيمة ؟ لماذا لا تكون تلك التي تحسبها أهانه هي كلمة صريحة لازمة لاصلاح نفسك ؟ وان كنمت قد تضايقت منها فذلك لانك تحب المديح ، وتريد ان يقول فيك جميع الناس . افرح يا أخي بانتقاد الناس وتأنيبهم ، فان ذلك صالح لك وينقيك ويفيدك في حياتك الأخري. اذا انتقدك شخص فأولي بك أن تشكره فربما يكون قد ارسل هذا افنسان ليرشدك ويظهر لك أخطاك حتي تتركه . 2) ربما تكون تلك الإهانات تأديباً لك من الله علي خطايا أخري اقترنتها في ماض قريب أو ماضي بعيد . وعندما سمع داؤد النبي اهانة كهذا قال في انسحاق : { الله قال لهذا الإنساناشتم داود }{2صم10:16}. عندما يهينك غيرك يا أخي الحبيب تذكر خطاياك الماضية ، واعرف انك لست بالشخص الخالص النقاوة الذي يسمو عن التوبيخ .. 3) في بعض الأحيان يكون الله قد عمل عملا ناجحا عن طريقك ، فاتخذت أنت هذا النجاح سلاجا تنتفخ به ، وتحارب نفسك بالبر الذاتي ، وخشى الله عليك من السقوط عن طريق الكبرياء فسمح ان تهان ، حتي يوجد توازنا بين مشاعرك ، ويخخفف شيئاً من كبرياء . كثيرون من الذين يهانون متكبرون ، أما الودعاء فيرفعهم الله من المزبلة ليجلسهم مع رؤساء شعبه {مز112}. 4) بما تكون أعثرت غيرك بتصرفك وأنت لا تدري ، وكان هذا هو سبب أهانتك . لذلك يسحن ان تدرس وجهة نظر من ا÷انك ، لعله علي حق . 5) قد تكون هذه الإهانة درسا لك في المحبة والاحتمال . قال لي احد الآباء الروحيين عن راهب اعتزل ولم يختلط بالأخوة في المجمع { ان فترة الوجود في المجمع لازمة للراهب . لأنه أن لم يستطع أن يحتمل مشاكسات الاخوة في المجمع ، فكيف يستطيع أن يحتمل محاربات الشياطين في الوحدة كما قال مار اسحق !! 6) ماذا يضيرك عندما يحكم عليك إنسان حكما ظالما . أو عندما يظن فيك أنك مخطئ ؟ العل هذا يعوقك عن ملكوت الله ، أم أن الله سيعتمد أحكام الناس ؟ 7) أم أنك تحب المديح والتطويب من بشر هم تراب مثلك ؟ سيدك يا صديقى { ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح { اش7:53}. { أحصى مع اثمة } أما هو ففقبل هذا الصليب .. 3) أخيراً يا أخي الحبيب ، اذا أهنت فتضايقت ، وكبرت عليك الاهانة علي الرغم من أنك خاطئ مثلي ، فتذكر كيف أننا نهين الله فيصبر علينا ويحبنا ويقبلنا إليه ! ما أعظم الهنا الحنون ليس له شبيه بين الآلهة . | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:03 pm | |
| انطلق من ذاتك
ان كنت ما تزال تهتم بفكرة الناس عنك ، وتتخذ كافة السب ليحسن رأيهم فيك فمن الصعب أن تصل إلي سمو إنطلق الروح في بعض الأخيان لا يمحدك الناس ،أو يكون مديحهم لك أقل من مديحهم لغيرك . فبدلا من أن تسر وتبتهج ، لأن شيطان المجد الباطل نائم عنك ولو إلي حين ، اراك تسعي إلي أتعاب نفسك فتجلس إلي الناس تتسول مديحهم بطريقة لا تتفق مع كرامتك كإبن لله ، وهكذا تحدثم عن نفسك .. فهل تسمح لي يا أخي الحبيب أن أنافش معك الأمر بنفس ما أعتدناه قبلا من صراحة : 1) لمذا تحدث الغير عن نفسك ؟ أتريدهم أن يعجبوا بك ؟ إليك إذن هذا السؤال الصريح : هل انت في اعماق ذاتك معجب بنفسك ؟ لا شك أنك في حقيقتك متضايق من نقائص كثيرة محيطة بك ، لماذا تريد أذن أن يمجدوا شخصية انت نفسك غير مقتنع بتمجيدها ؟ 2) لو أعتمدنا فرضا مبدأ الحديث عن النفس ، فهل أنت تعطي صورة صادقة حقيقية عن نفسك ؟ أم أنت تذكر للناس النواحي البيضاء فقط ، وتترك النقط البشعة الحقيرة التي تنفرهم منك ؟ ألا تعرف يا صديقي ان أنصاف الحقائق ليست كلها حقائق ؟ ألست تري أن إذن ان في حديثك عن نفسك شيئاً من الخداع والكذب وتقديم وجه واحد من صورة لها عيوبها – تلك العيوب التي تعرفها أنت جيداً والتي يعرفها معك ابوك الروحي ؟ 3) أنك تعرف بلا شك ان حديثك عن { فضائل } يضيع عليك أجرك . ولست أشك أنك قرأت العظة علي الجبل وسمعت فيها { لا تعرف شمالك ما تفعله يمينك }{فأبوك الذي يري في الخفاء هو يجازيك علانية } أنني مشفق عليك يا أخي الحبيب ، تجاهد طويلا في سبيل فضيلة معينة ، وفي لحطة طيش من لحظات البر الذاتي اللعين ، يأتي الشيطان ويسلب كل جهادك منك ، فاذا تعبك كله قد ضاع باطلاً . كلما أراك تتحدث عن نفسك ، يخيل إلي أنك شخص زرعت زرعا ، فلما أنماه الله وأتي ثمرة ، بدلا من ان تحصده وتفرح به أشغلت فيه النار ، أو تركت الشيطان يحصده نيابة عنك ! يا صديقي العزيز ، كلما احسست رغبة في التحدث عن نفسك ، دع ذلك القول الإلهي يرون في أذنيك { الحق اقول لكم أنهم قد أستوفوا أجرهم }{ مت2:6}. 4) هناك ضرر آخر من حديثك عن نفسك ربما توضحه لك الحادثة الآتيةى : كنت أحدي المناسبات أتكلم في حماسة وأعجاب عن شخص مبارك احبه وأقدره { فقاطعني أحد أساتذتي الروحيين قائلا : ر أرجوك ، لا تكمل هذا الكلام . أنك بهذا الحديث تجمع الشياطين حوله لتحابه . أتركه يعمل في هدوء . أنه ما يزال مبتدئا وفي حاجة إلي صلوات كثيرة }. فسكت وقد شعرت فعلا أنني أخطأت في حق هذا الإنسان . الشياطين لا تطيق أن تسمع عن أعكال طيبة لإنسان . أن أتخذك الله وسلية لعمل مجيد ، فلتكن ذلك سرا بينك وبين الله . لا تتحدث عن هذا العمل لئلا تتعرض لحسد الشياطين وقتالهم . ولا يضيع أجرك فحسب ، وأنما قد تتعرض لحرب قاسية لا تعرف نتائجها .5) أرايت إذن بعضا من الضرر الذي يحيق بمن يتحدث عن نفسه ؟ أتستطيع أن تدلني – في مقابل ذلك – عن فائدة واحدة تجنبها من مديح لذاتك ؟ لست أقصد تلك النزوة الحسية الخاطئة التي يشعر بها كل من يلمح نظرات الأعجاب موجهة إليه . فهذه في حد ذاتها خطيئة تحتاج إلي علاج !! هناك فائدة حقيقية أعرضها عليك : أن ألح عليك الحديث عن نفسك الحاحا لم تستطع له مقاومة ، فحدث الناس عن ضعفك وعجزك ، حدثهم عن نفسك الساقطة التي لولا معونة الله لأشبهت أهل سدوم ، واطلب إليهم بالحاح ان يصلوا من أجلك حتي يفقدك الله برحمته . 6) كلمة صريحة أخري . ترددت طويلا قبل أن أهمس بها في أذنك ، وهي أنه حتي الناس انفسهم يشمئزون أحيانا ممن يتحدث كثيراً عن نفسه . أنهم يسمونه أحيانا { المنتفخ } أو { المغرور }. وهذكا لا يكسب مثل هذا المادح لذاته سماءاً ولا أرضاً . 7) اخيراً فإن تلك الأعمال التي تحاربك بالبر الذاتي ليست كلها من صنعك : هناك الظروف المحيطة ، والدور الذي قام به الآخرون ، والامكانيات الت منحت لك من فوق . إنها تكون مبالغة بلا شك ان تنسب كل هذا غلي نفسك فقط ناسيا عمل الله فيك . أتراني ضايقتك بصراحتي يا اخي الحبيب ؟ سامح ضعفي مصلياً من أجلي . | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:04 pm | |
| ذاتك امام اللهومرة أخري يا أخي الحبيب أريد أن أحدثك عن ذاتك ، ذاتـك التي تحبها وتثق بها اكثـــــر مـن الله أحيانا . أن لم تنكر هــــذه الذات فهيهات ان تتمتع بجمال إنطـلاق الروح . ان كانت المحبة هي الوصية الأولي في المسيحية ، فان إنكار الذات هو الطريق الأول إلي المحبة . أنك لا تستطيع مطلقاً أن تحب الله والناس ، طالما أنت تهتم بذاتك ولذاتك . لذلك عليك أن تنطلق اولا من هذه الذات ، فقد قال السيد له المج : من اراد أن يتبعي فلينكر ذاته ويحمل صليبه ويتبعني { م38:8}. وهكذا جعل إنكار الذات اول كل شئ . ليكن هدفك إذن يا أخي الحبيب هو أخفاء ذاتك في الله بحيث لا يكون لك وجود مستقبل عنه ، لتقل كمل قال معلمنا بولس الرسول : { لكي أحيا لا أنا بل المسيح يحيا في }{غل20:2}. أن اردت أن يكون لك مجد ، فلايكن مجدك من الله وعند الله كرر هذه الآية دائما : ر مجدني أنت ايها الآب عن ذاتك } {يو5:17}. لا تبحث عن مجدك في العالميات { فالعالم يبيد وشهوته معه } أما أنت فأبن الله ، وأما أنت { فهيكل الله وروح الله حال فيك }، لست من دم ولا مشيئة جسد ولا مشيئة رجل بل من الله ولدت ، وروحك نفخة من الله ، نسمة من فيه .. وأنت في كل قداس تتناول جسد الله ودمه ، والله يريدك أن تتحد به ، تثبت فيه ، فلماذا إذن هذا المجد العظيم كله ، وتبحث عن مجدك في التراب ؟ لماذا يهمك راي الناس فيك ، فتسر بمديحهم . وتدافع عن نفسك أن هاجموك ، وتتسول رضاهم بحديثك عن نفسك ؟ أما زلت يا أخي تحب التربا ومجد التراب ؟ أما زالت نفسك تمثالا تقدم له الذبائح والقرابين – أنكر ذاتك ، وركز محبتك كلها في الله وحده . قل كما قال يوحنا المعمدان { ينبغي أن ذاك يزيد وأني أنا أنقص ، {يو30:3}. اتتهامس في تذمر وتقول {لا أريد أن أنقص }. أعلم إذن أنك سوف لا تنقص الا الشوائب التي تعكر نقاوة عنصرك ، سوف لا تنقص ألا المجد العالمي ، ذلك التراب الذي علق بك ، والذي ينبغي أن تنقضه لترجع نظيفاً كما خلقك الله وكما يريدك دائما أن تكون . هذا من وجهة علاقتك بالناس ، ولكني أريد أن أخاطبك أيضاً من جهة نظرتك إلي نفسك وموقفك أمام الله . ان اردت لروحك ان تنطلق فقف امام الله كجاهل لا تعرف شيئاً . لست اقصد أن تدعي الجهل أو تتظاهر به ، فالله لا ينخدع ولا يحب المدعين ، إنما اعتقد يقينا – في نصريف كل أمر – ان ذاتك ينبغي ان تختفي ليظهر المسيح ، ليس امام الناس فحسب ، وإنما أمام نفسك أيضاً . قل له يارب أني احكم حسب الظاهر ، وقل له ياربي أني ضعيف لا استطيع مقاومة الشياطين ، قل له ايضاً أنم النتائج في يده وأطلب منه أن يتدخل فيرشدك ، أو يسكن فيك ويعمل بك . وعندما يأتي الناس ليمدحوك علي فعلك ، لا تفتخر ولا تتظاهر بالتواضع ، إنما أتخذها فرصة أن تجلس معهم وترنم ذلك المزمور الخالد { لولا أن الرب كان معنا ، فليقل إسرائيل لولا أن الرب كان معنا ، حين قام الناس علينا ، لابتلعونا ونحن أحياء .. إذن لغرقنا في الماء وجازت نفوسنا السيل }{مز123}. وعندما تعرض لك خطية ، لا تثق بقوة روحك ، ولا بماضيك في الإنتصار { فقد طحت كثيرين جرحي وكل قتلاها أقوياء }{أم26:7}. إنما اعتقد أن النصرة من عند الله ، وإن تخلي عنك في أبسط الخطايا فسوف تسبه أهل سدوم . أنما رتل ذلك المزمور الجميل .{وأنت عرفت سبيلي . في الطريق التي أسلك اخفوا لي . نظرت إلي اليمين وأبصرت وليس من يعرفني . ضاع المهرب مني وليس من يسأل عن نفسي . فصرخت إليك يارب وقلت أنت هو ملجأي ورجائي في أرض الأحياء .. نجني من مضطهدي لأنهم قد اعتزوا أكثر مني }{مز141}. يا اخي الحبيب . أنك لست شيئاً ، فاعترف بهذا أمام الله وأمام نفسك ،؟ وكلما فكرت أنك تستطيع عمل شئ ، ارجع إلي ذاتك مرة أخري ، وقل : من انا يارب حتي أقف امام فرعون وأخرج بين إسرائيل من مصر !{خر11:3}فإن أقنعك الله بإنه سيكون لك فما ، وأنه ستيكلم علي لسانك ، وأنك سوف لا تكون الا أداة ، حينئذ استمر في حياتك . ان سرت في وداي ظل الموت فسوف لا تخاف شرا ، وان قامم عليك جيش ففي ذلك ستكون مطمئنا . حينئذ اذكرني أنا التراب النجس ، لكي نتقابل معا . هناك ... | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:04 pm | |
| انطلاق من رغباتك الأرضية
هل تعرف من اي شئ يجب أن تهرب ؟
أهرب من الأغراض ، من الآمال ، من
الرغبات اهرب من كل أولئك ، أن كنت
تود حقا أن تصل إلي إنطلاق الــروح .
اسمح لي يا أخي الحبيب ان أدخل قليلاً إلي قلبك ، وأتحدث إليك في صراحة . أن لك آمالا عرضة تشغلك كثيراً ، وتحتل جانبا من قلبك بل هي تحتل خيالك أيضاًُ فتجلس في وحدتك وتحلم بها احلام اليقظة ، تأوي إلي فراشك فتري هذه الآمال في نومك . لك اهداف أنت أدري الناس بها ، ولست مستطيعاً أن تنكرها . أنك تود أن تكون شيئاً هاما ، تود أن تعرفك الناس ، ويبجلوك . لك آمال في الشهرة والصيت ، ولك آمال في السيطرة والنفوذ ، ولك رغبات في المال ، وفي المركز الاجتماعي ، وفي العلم ، وفي الألقاب ، وفي المستقبل ، وفي المظاهر والسمعة . ولك رغبات في المسكن والمأكل والملبس . ولذات الجسد المنوعة . انك لا تعيش في العالم بل العالم هو الذي يعيش فيك ، ويستولي علي قلبك وفكرك وخيالك ومشيئتك أيضاً . أما روحك التي تعيش حبيسة في هذا كله فأنها تود الإنطلاق من رغبات جسدك ، الجسد الذي { يشتهي ضد الروح }.
انك يا ايخ الحبيب تشقي بهذه الآمال والأغراض ، فهي لا تتحقق جميعها ، ولذلك فأنت غير رأض . انك تشتاض وتشقي في اشتاقك ولذلك فأنت تعد العدة ، وتلتمس الوسائل : تفكر ، وتقابل وتكتب ، وتسير وتذهب ، وتسعي وتتعب في سعيك ثم انت تجلس وتنتظر ، وقد يضيق صدرك ، وتمل الصبر والترجي ، ويدركك اليأس أو القلق أو خوف الفشل ، فتشفي بانتظارك . وقد ينتهي السعي والتعب إلي لا شئ وتحرم من رغبتك التي تودها فتشفي بالحرمان . واخطر من ذهذا كله ، فإن آمالك واغراضك قد تجنح بك عن طريق الصواب فتتعلم بسببها الخداع ، او اللف والدوران ، أو التزلف والتملق ، أو الكذب ، أو ما هو أبشع من هذا .. كما قال أحد الحكماء { لابد أن تنحدر المرء يوماً للنفاق ، أن كان في نفسه شئ يود أن يخفيه } ..
أنك متعب ، وأنا أعرف هذا وأشفق عليك في تعبك . فالي متي تعيش في جحيم الآمال ! والعجيب في رغباتك الترابية هذه أنها تشقيك ايضاً حتي اذا تحققت . فرغبتك عندما تتحقق تتلذذ بها وتقودك اللذه إلي طلب المذيد . وهكذا كما قال السيد المسيح : { من يشرب من ذهذا الماء يعطش ْ}يو13:4}. وعندما يعطش سيسعي إلي الماء مرة أخري ليشرب ، وكلما يشرب يزداد عطشاً ، وكلما يزداد عطشاً ، يزداد أشتياقاً إلي هذا الماء .
لذلك يا أخي الحبيب أود أن أناقش معك الأمر في هدوء لمذا تتمسك برغبات معينة في العالم ، والعالم يبيد وشهوته معه . أنك غريب مثلي علي الرض ، وستأني ساعة تترك فيها هذا العالم وتترك فيه كل ما أخذته منه . عريانا خرجت من بطن أمي وعريانا تعود إلي هناك . ستترك رغماً عنك كل ما في العالم من عظمة ومال وشهوة وتتوسد حفرة كأحقر الناس ، ومهما بلغت في العالم من سطوة أو متعة أو شهرة ، فإن هذا سوف لا ينمع جسدك الفاني من التعفن ، سوف لا يمنع الدور من ان يرعي في جثتك حتي يأتي عليها . وستقف بعد هذا كله أمام الله مجرداً من مظاهر العالم المنوعة ، لم تأخذ من الدنيا غير أعمالك ،
خيرا كانت أم شراً . فحرام عليك يا أخي الحبيب أن تركز أغراضك وآمالك في هذه الأرض ، الأرضالتي تنبت لك شوكاً وحسكا ، والأرض الت يقبلت دماء هابيل البار ، والأرض التي يحفرون فيها أباراً مشققة لا تضبط ما . {أر13:2}.
ان الآباء القديسين الذين عاشوا قبلنا علي الأرض . ولم تكن الأرض مستحقة أن يدوسوها بأقدامهم ، هؤلاء جميعاً لم يصلواإلي ما وصلوا إليه من قداسة . الا بعد أن فرغوا قلوبهم من حب العالم والأشياء التي في العالم ، فلم تعد لهم علي الأرض رغبة أو شهوة ، ولم يحتفظوا فيها بقنية أو ملك . لم يتمسكوا بشئ في العالم لذلك سهل عليهم أن يتركوه ، بل أشتاقوا إلي ذلك اشتياقاً .
أما أنت ياأخي الحبيب فلك رغبات أرضية ،{وحيثما يكون كنزك يكون قلبك ايضاً } . لذلك تعلق قلبك بالتراب ومجد التراب ، فقلت قيمة الروحيات في نظرك . أنها التجربة التي حاول بها الشيطان أغراء رب المجد { أخذه إلي جبل عال جداً وأراه جميع ممالك لعالم ومجدها وقال له أعطيك هذه جميعها ان خررت وسجت لي }. وأن ملكت هذه جميعها ماذا تستفيد أن خسرت روحك ، روحك الحبيسة في قفص مذهب من الرغبات ، وتود أن تنطلق | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:04 pm | |
| انطلاق من سلطان الحواس
أنك تؤمن بحواسك الخمس إيمانا شديداً
ولا تصدق روحك أن تعارضت مع هــذه
الحواس فمتي تنجو من سلطان حواسك
وتــــــــــدرك إنطــــــــلاق الــــــــــروح .
أنك تصدق الشئ الذي تراه بعينيك . او تسمعه بأذنيك ، أو تلسمه بيديك .. أما غير هذا فقد يعتريك فيه الشك فلماذا !! السبب بسيط ، وهو أنك ما تزال عائشا بالجسد ، تؤمن بالجسد وحواسه .
أنك تنظر هنا وهناك ، فتري أنه ليس من أحد ، ليس من مشاهد ولا من رقيب . فترتكب الخطأ الذي تتحاشى ارتكابه أمام الناظرين ، فهل تصدق حقاً أنه لم يرك أحد ؟! لقد لقد كان هناك عينان تنظران إليك في اشفاق .وفي تأنيب .. ولكنك الله يراقبك وأنت لا تراه ولو كنت تعيش بالروح منطلقاً من هذه الحواس القاصرة لا تسطعت ان تقول ما قاله ايليا : { حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه }{1مل15:18}.
تحيط بل المخاطر فتلتفت عن يمين وعن يسار . وإذ تري نفسك وحيداً تخاف وترتعب . أن الله واقف عن يمينم لكي لا تتزعزع ، ولكنك لا تراه . عيناك قاصرتان لا تبصران كل شئ . أنها عينان ماديتان لا تدركان الروحيات . ليتك يا أخي الحبيب تطلق روحك من سلطان هذه الحاسة الجسدية ، روحك التي تفحص كل شئ حتي أعماق الله { 1كو10:2}.، ليت روحك تنطلق لتري الله عن يمينك وتهمس في أذنه فرحا {أن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معي }{مز23}. كان جيحزي المسكين خائفاً جداً وهو يري بعينيه الأعداء يقتربون وليس من منقذ . أما اليشع العائش بالروح فكان مطئنا . كان يري بالروح ما لا تراه العين ، ويسمع ما لا تسمعه الأذن . وإذ أشفق علي الغلام طلب من الله أن يقتح عينيه ليري ... ونظر جيحزي فإذا الجبل زاحر بجنود الله ومركباته فاطمأن {2مل17:6}.
لا تعتمد علي حواسك فهي ضعيفة لا تدرك ما تدركه الروح . كانت أرملة صرفة صيدا إلي الكوار فتري فيه حفنة واحدة من الدقيق . إلي الكوز فتري فيه قليلاً من الزيت ، وتري أن هذا الدقيق وهذا الويت لا يكفيان الا لصنع كعكة واحدة تأكلها مع أبنها ثم يموتان من الجوع . أما ايليا ، رجل الله . فكان يري بالروح غير ما تراه العيون الجسدية : كان يري كوز الزيت لا ينقص مهما أخذت منه الأرملة وكذلك كوار الدقيق ... وقد كان . {1مل14:17}.
كان أليشع واقفا علي شاطئ الأردن . عينه الجسدية تري الأردن نهرا ، وتري السير فيه يؤدي حتما غلي الغرق . أما روح اليشع فكانت منطلقة من هذه العين القاصرة . كان نهر الأردن والشاطئ بالنسبة غليها سواء . كلاهما أرض صالحة للسير أخذ أليشع رداء ايليا الذي سقط عنه عندما استقل المركبة النارية وضرب الماء بهذا الرداء فانفلق الماء وعبر اليشع {2مل14:2}. أن العين العادية تري ثوب ايليا ثوبا ، أما أليشع فكان يراه بالروح قوي عجيبة يستخدمها الله .. ولم يكن في نظرة ثوبا كباقي الثياب . ان عينك قاصرة يا صديقي حتي في الماديات . هناك أجسام لا تراها ، ومع ذلك فهي موجودة تتحدي بصرك الضعيف ، وربما تستطيع أن تري هذه الأجسام الصغيرة ياستعمال اتلمجهر .
فإذا لك يكن هناك مجهر ، ولم تر عينك المجردة تلك الأشياء الدقيقة ، اتستطيع أن تنكر وجودها لأنك لا تراها ! فأن كان هذا في الماديات . فماذا تقول عن الروحانيات .
في الأمور الروحية اترك فرصة للروح لكي تقودك ، ولا ترغمها علي الخضوع للجسد ، أتركها علي سيجتها تنطلق وتسبح في عالم الإلهيات " وطوبي لمن آمن دون أن يري " {يو29:20) >
لابد أنك سمعت عن الرؤي يا أخي الحبيب ، حينما تسبح الروح في عالم الملائكة والقديسين وتري ما لا يراه الجسدانيون ، هنا تري الروح منطلقة من سلطان الجسد ، تستخدم أعضاءه في أغراضها الروحية ، فتخضع الحواس للروح ، وليس الروح للحواس .
قال لي شخص انهخ سمع بظهور ما رجرجس في أحد الكنائس فرفض ان يصدق ، وذهببنفسه إلي هناك ليتأكد بعينيه من فساد تلك { الخرافات } وفعلا ذهب ولم ير شيئاً .
لست أريد أن أعلق علي هذه القصة بشئ ، ولكني أعرض راياً وهو أن هذا الشخص وأمثاله قد لا يرون الرئي لضعف أيمانهم بها ، لأنهم يريدون أخضاع الروحيات لحوس الجسد ، بينما يكشف الله للبسطاء عن أسرار ملكوته | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:05 pm | |
|
لست اريد شيئا من العالم
هذا هو أول شئ يجب أن يقوله الإنسان الذي يحب أن يصـــــل إلي إنطــــــــــــــــــلاق الروح :
لست أريد شيئاً من العالم ، لأن العالم أفقر من ان يعطيني لو كان الذي أريده في العالم ، لا نقلبت هذه الأرض سماءاً ، ولكنها ما تزال أرضاً كما أري ، ليس في العالم الا المادة والماديات ، وأنا أبحث عن السماويات ، عن الروح ، عن الله .
لست أريد شيئاً من العالم ، فأنا لست من العالم ، لست تراباً كما يظنون ، بل أنا نفخة إلهية , كنت عند الله منذ البدء ، ثم وضعني الله في التراب ، وسأترك هذا التراب بعد حين وأرجع إلي الله . لست أريد من هذا التراب شيئاً ، من عند الآب خرجت وأتيت إلي العالم ، وأيضاً أترك العالم وأرجع إلي الآب .
لست أريد شيئاً من العالم ، لأن كل ما أريده هو التخلص من العالم . أريد أن أنطلق منه ، من الجسد ، من التراب ! وارجع – كما كنت – إلي الله ، نفخة { قديية } لم تتدنس من العالم بشئ .
لست أريد شيئاً من العالم ، لأني أبحث عن الباقيات الخالدات ، وليس في العالم شئ يبقي إلي الأبد ، كل ما فيه إلي فناء ، والعالم نفسه سيفني ويبيد . وأنا لست أبحث عن فناء .
لست أريد شيئاً من العالم ، لأن هناك من اطلب منه . هناك الغني القوي الذي وجدت فيه كفايتي ولم يعوزني شئ . أنه يعطيني قبل أن أطلب منه ، يعطيني النافع الصالح لي . ومنذ وضعت نفسى في يده لم أعد أطلب من العالم شيئاً .
لست اريد شيئاً من العالم ، لأن العالم لا يعطيني لفائدتي وإنما يعطي ليستعبد . والذين أخذوا من العالم صاروا عبيدا له ، يعطيهم لذة الجسد ، ويأخذ منهم طهارة الروح . يعطيهم متعة الدنيا ، ويأخذ منهم بركة الملكوت . ويعطيهم ممالك الأرض كلها ليخروا ويسجدوا له . ويعطيهم كل ما عنده لكي يخسروا نفوسهم . أما أنا فقد خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي اربح المسيح { في 8:3}. وهذا العالم الذي يأخذ أكثر وأفضل مما يعطي ، هذا العالم الذي يستعبد مريديه ، لست أريد منه شيئاً ..
لست أريد شيئا من العالم لأنني أرقي من العالم . انني أبن الله . صورته ومثاله . أنني هيكل للروح القدس ومنزل لله أنني الكائن الوحيد الذي يتناول جسد الله ودمه . أنني أرقي من العالم ، وأجدر بالعالم أن يطلب مني فأعطيه ، أنا الذي أعطيت مفاتيح السماوات و الأرض . وانا الذي شاء الله في محبته وتواضعه أن يجعلين نوراً للعالم وملحا للارض {مت5}.
لست أريد من العالم لأنني أريد ان أحيا كآبائي ، الذي لم تكم الأرض مستحقة ان يدوسوها بأقدامهم . هكذا عاشوا ، لم يأخذوا من العالم شيئا بل علي العكس كانوا بركة للعالم . من اجل صلواتهم أنزل الله الماء علي الأرض ، ومن أجلهم أبقي الله علي العالم حياة حتي اليوم ..
لست أريد شيئا من العالم لأن الخطية قد دخلت إلي العالم فأفسدته . في البدء نظر الله إلي كل شئ فرأي أنه حسن جداً إذ لم تكن الخطية دخلت بعد ، حتي التنين العظيم في البحر باركه الرب ليثمر ويكثر ، أما الآن وقد تشوهت الصورة البديعة التي رسمها الله في الكون فقد مجت نفسي العالم ، ولم أعد اشتهي فيه شيئاً ، هذا العالم الذي أحب الظلمة أكثر من النور .
لست اريد شيئاً من العالم ، لأني أريدك أنت وحدك ، انت الذي احببتني حتي المنتهي ، وبذلك ذاتك عني . أنت الذي كونتني أذ لم اكن ، ولم تكن محتاجاص إلي عبوديتي بل انا المحتاج إلي بروبيتك أريد ان أنطلق من العالم وأتحد بك ، انت الذي أعطيتني علم معرفتك .. | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:05 pm | |
| من الناس من هم جهلة لم يتعلموا علي الإطلاق ، منهم من قد علمـهم النـــــاس وهؤلاء أشد جهالة ، أمــا المتعلمــــون الحقيقيون فهــم الذين تعلمــــــــــوا من الله مبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاشـــرة التعلم من اللةلقد خلق الله الإنسان علي جانب وافر من المعرفة . وعنما كان الإنسان يحتاج إلي مزيد من لعلم ، كــــان الله يعلمه بنفسه ، ولو استمر افنسان هذكا لصار عالما ، ولا ستطاع أن يأكل من شجرة الحياة ويحيا إلي الأبد ، للكن الإنسان قبل لنفسه أن يتلقي العلم علي غير الله فبدأت جهالته ، وهكذا أخذ اول درس له عـن الحية وأكل من { شجرة المعرفة } فصار جاهلا .. وما زال الإنسان يسعي إلي المعرفة بعيداً عـــــن الله ، فيزداد جهالة علي جهالته . أن الإنسان هيكل الله ، وروح الله ساكن فيه ، هذا الروح الذي قال عنه السيد المسيح : { يرشدكم إلي جميع الحق } {يو13:16}. والذي قال عنه القديس بولس الرسول أنه : { يفحص كل شئ حتي أعماق الله }{1كو10:2}. ولأن الإنسان من فرط شقاوته وجهله ، كلما يبحث عن المعرفة ، لا يطلب أخذها من داخله، من روح الله الساكن فيه ، وإنما يفتش عنها في الخارج عند الناس ، وفي الكتب التي يظن أن له فيها حياة ... ! وهكذا كثر العلماء وحكماء هذا الدهر ، وكانت حكمة هذا العالم جهالة عند الله ، ولقد سار أوغسطينوس العظيم في هذا الطريق فترة طويلة ، يبحث عن الله خارجا عن نفسه فلا يجده ، ثم وجده أخيراً فناجاه بتلك الأنشودة الخالدة : { قد تاخرت كثيراً في حبك ايها الجمال الفائق في القدم والدائم جديداً إلي الأبد }. { كنت في فكيف ذهبت ابحث عنك خارجاً عني ...} { انت كنت معي ، ولكني لشقاوتي لم أكن معك ...} ولما بحث اوغسطينوس عن الله في داخله ، وجده وصار قديسا ... وهكذا أنت يا اخي الحبيب ستظل كثيرا في بحثك عن الله ان بحثت عنه في الخارج . أجلس إلي نفسك وفكر وتأمل ، وادخل إلي أعماق اعماقك ، واطلب الله ، فستجده هناك ، وستراه وجها لوجه ، وتحسه كنبع دافق فياض من المحبة ، فتعيش في فترة من الدهش العجيب وتضرخ في فرحة صامتة { لقد رأيت الله }. هذه هي الطريقة التي لجأ إليها آباؤنا القديسون ، خرجوا من زحمة الحياة ، ومن اضطراب العالم وصخبه ، وتركوا كل شئ وبحثوا عن الله في داخل نفوسهم ، وهكذا بالهذيذ والتأمل استطاعوا أن يروا الله ، وفي نفس الوقت كان المفكرون والفلاسفة والباحثون والعلماء يفتشون عن الله في الكتب وعند الناس ، فلا يصلون الا إلي جهالة وغموض وتعب .. أوق هذا وأنا متألم ، لأنني أري أيضاً كثيرا من الآباء الذين ذهبوا إلي الفقر ، قد أخذوا هم ايضاً يفتشون عن الله في الكتب أو في المشروعات أو في الخدمة ، بينما الله في قلوبهم من الداخل ، يريدهم أن يفرغوا من هذه المشغوليات كلها ويجلسوا إليه فيحدثهم عن اسرار لا يعرفها أحد ، ويريهم ما لم تره عين . ليس هذا بالنسبة إلي الرهبان فحسب ، وإنما إلي الجميع .. أتدري يا أخي الحيب ما هي الطريقة الصالحة للتربية الروحية ؟ أنها ليست في اعطاء الإنسان شيئاً جديداً ، فهو يملك كل شئ والروح الحال فيه يعرف أكثر مما تريد انت أن تعلمه .. إنما الوسيلة الصالحة للتربية الروحية هي في تخليص الإنسان مما يملك من معلومات خاطئة ، من معرفة أخذها من العالم او من الناس . أن الطفل يولد وفي قلبه وفي فكره وفي خياله فكرة واسعة جميلة عن الله ، ثم يتولاه المجتمع المسكين بالتعليم ، فيقدم له أفكارا عن الله غير افكاره ، ويقدم له صوراً عن الله وعن القديسين تحد من خيال الطفلالواسع .. وهذكا تتبدل فكرة الطفل عن الله وعن القداسة بمصطلحات عرفية عن الخير والشر ، التي أكل منها آدم وحواء . ويصير مثلهما جاهلا ، وياتي دور المرشدين الروحيين الحقيقين ،لا لكي يزيدوا علي الطفل علما ، وإنما لينزعوا منه المعرفة الباطلة التي أخذها من العرف والتقاليد وتفسيرات الناس للين . وعندما تنطلق روحه من هذا كله يعرف الله علي حقيقته ، لأن الله ليس غريبا عنه ، بل هو ساكن فيه .. | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:06 pm | |
| انطلاق من حب التعليم حب التعليم خطر كبير .. ابتعــــــد عنه يا أخي الحبيب حيثما وجــــد وأهرب منه علي قدر ما تستطيـع أنك تريد أن تعلم الناس . ولكن أي شئ تريد أن تعلمهم ؟ ألست معي يا اخي العزير في أننا لم ننضج بعد ، ولم نتعلم بعد ؟ هناك أشياء نفهمها من وجهة نظر واحدة فنسئ فهمها . وعندما ندفع بأنفسنا لتعليم الناس ، لا نعلمهم الدين كما هو وإنما كما نفهمه نحن ، وفي سن معينة ، ودرجة روحية وعقلية معينة . وقد نكبر في السن والروح والعقل ، ونفهم الدين فهما آخر غير فهمنا له اليوم ، فماذا يكون من أمر الناس الذين علمناهم قبلاً ؟! لذلك ولغيره يقول القديس يعقوب الرسول في رسالته { لا تكونو معلمين كثيرين يا أخوتي . عالمين أننا نأخذ دينونة أعظم ، لأننا في شاياء كثيرة نعثر جميعاً }{يع3: 1، 2}. وهكذا نسمع أرميا يقول لله { لا أعرف ان أتكلم ، لأني ولد {أر6:1}. ويقول اشعياء النبي عن نفسه أنه { إنسان نجس الشفتين }{أش5:6}. ونجد القديس باخوميوس يأتون إليه يطلبون كلمة تليق ، فلا يتحدث ، ولكن يدفع إليهم بتلميذه تادرس فيتحدث روح الله علي لسان هذا التلميذ القديس .. وأحد الآباء وهو شيخ ، يأتي إليه أخ ليأخذ تعليما فيقول له { أمكث في قلايتك وهي تعلمك كل شئ } فيرجع الأخ منتفعاً ... قصص كثيرة ، أقرأها يا أخي بنفسك ، وأنظر أي درس يعطيك الله عن طريقها . ولي ملاحظة قبل أن اترك هذه النقطة وهي أن تعاليم كثيرة للآباء القديسين وصلت الينا عن أحد طريقين : اما ان الأب الشيخ كان في اثناء حديثه مع الأخوة ، يتناول راهب ورقة ويدون ما يقوله الشيخ ، واما أن الأب كان يسجل تاملات له لمنفعة ، فيجدونها في قلايته بعد نياحته وينتفعون بها . هناك يا أخي الحبيب فرق شاسع جداً بين التعليم وحب التعليم : التعليم دعا إليه الكتاب المقدس ، وعهد به إلي اشخاص معينين ، أما حب التعليم ففيه خطر كبير ، في أحيان كثيرة يكون احساس متنكرا .. مع حب التعليم يأتي في كثير من الأحيان احساس خفي أو ظاهر بالجدارة الشخصية ، وبالامتياز عن الآخرين ، وكلما يتسع عند الشخص نطاق التعليم كلما يكبر عنده هذا الأحساس ، حتي ليدخل إلي الكنيسة أحيانا لا لينتفع ، بل لينقد ويقيم من نفسه معلما للمعلمين . أنه لا يأخذ ابدأ ، وأنما يعطي باستمرار ، ومثل هذا الشخص الذي لا يأخذ يأتي عليه وقت يجف فيه ، ولا يعد لديه شئ ليعطيه .. أما ألاباء فكانوا علي عكس هذا تماماً . كانوا يتعلمون باستمرار ويأخذون نفعاً من كل شئ . كان القديس انطونيسو العظيم يأخذ تعليماً من امرأة { لا تستحي أن تخلع ثيابها لتستحم ، أمام راهب }. والقديس مكاريوس أب برية شهيت كلها يأخذ تعلمياً من صبي صغير . وأرسانيوس الذي درس حكمة اليونان والرومان يتعلم من مصري أمي }. هؤلاء الآباء كانت أرواحهم تطوف كالنحلة النشيطة فتجني من كل زهرة شهداً ! هناك خطورة أخري في حب التعليم ، ذكرني بها إنسان غيور شغله التعليم عن نفسه : كان يقرأ الكتاب المقدس لالينتفع ، وأنما ليحضر درسا . ويحسن إلي الفقراء لا لأنه يحبهم وإنما ليكون قدوة للناس . ويحترس في تصرفاته لا لأنه يؤمن بما يفعله ، وإنما لكي لا يعثر الاخرين . ويجلس إلي الناس لا ليقتبس من أرواحهم شيئا وإنما ليمتحن حديثهم { كأستاذ } ثم يلقي بحكمة شارحا الأوضاع السليمة . بل قال مرة أنه كان يقف للصلاة فإذا ما افتقده روح الله ، وشعر في الصلاة بشئ ، أو سبحت تأملاته في شئ ! يقطع صلاته ويجلس ليسجل هذه الأختبارات ليعلم بها الناس لقد انقلبت وسائط النعمة عند هذا الإنسان ، واصبح التعليم عنده هو كل شئ . همسة أخري أريد أن أهمسها في اذنك الحبيبة إلي قلبي وهي { أي شئ ستعلمه للناس ؟ أهو الدين ؟ هل تظن الدين مجرد معلومات يملأ بها الإنسان عقله ؟ أخشي ما أخشاه يا صديقي المجاهد أن طريقة بعضالناس ستحول الدين إلي علم يدرسونه ويمتحنون فيه كسائر العلوم ، وما الدين الا روح وحياة كما تعرف . قال لي { ولكني معلم في الكنيسة فماذا اعمل ؟} . قلت له { حية هي روحك يا اخي الحبيب . أنك لا تعلم تلك النفوس وإنما تحبها . وهذه الأرواح التي تراها منطلقة حواليك ، لم تطلقها التعاليم وإنما المحبة ، المحبة التي { لا تسقط ابداً لأنها الله .... }. | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:06 pm | |
|
انطلاق من الشعور بالأمتلاككثيرون يدعون أنهــــم أغنيـــــــاء يملكون من قنية العالم أشياء كثيرة أما أنت يا أخي الحبيب فقد تخلصت من الشعور بالأمتلاك منـــــذ أيقنت أن الملكية تقيد روحك . لقد جئت إلي العالم بلا شك فقيرا مثلي لا تملك فيه شيئاً عريانا خرجت من بطن أمك . لا تملك الأقمطة التي قمطوك بها ، ولا الفراش التي أضجعوك عليها . وكل ما { أمتلكته } في العالم بعد ذلك لم يكن في الواقع الا عطية من الله . لم يكن ملكك وإنما أمانة وضعها الله في يدك لفترة محدودة هي فترة العمر ، وعندما تنقضي حياتك علي الأرض ستخرج منها فقيرا كما اتيت ، ورعيانا كما ولدت . أما قنية العالم التي أدعيت ملكيتها عندما كنت علي الأرض والتي تركتها رغما عنك ، فسيدعي ملكيتها غيراك . وينتقل من الأرض ليدعي ملكيتها ثالث ، وهكذا دواليك ... انك لا تملك شيئا إذن ، حتي ذاتك . لم يكن لك ذات من قبل إذ لم يكن لك كيان أو وجود ، كنت عدما . ثم خلق الله ذاتك . وعندما سقطت واصبحت هذه الذات ملكا للموت والهلاك ، عاد الله واشتراها بدمه وافتداها لنفسه . أنت إذن من كل ناحية لا تملك شيئاً حتي ذاتك ، لذلك فالذي يخطئ إلي ذاته يخطئ إلي الله نفسا ، لأنه يفسد ملكا لله ، ويفسد جسدا سر الله بعد أن امتلكه أن يجعله هيكلا لروحه القدوس . وبالمثل من يخطئ إلي الآخرين ، فإنه مخطئ ضد الله نفسه عن طريق مباشر وغير مباشر . لقد اخطأ داود ضد أوريا الحثي وزوجته ومع ذلك قال لله { لك وحدك أخطأت } وليس السبب في ذلك مخالفته لله فحسب ، وإنما خطيئته أيضاً ضد كائنين هما ملك لله . أن شعرت بهذا يا أخي الحبيب أدركت خطورة الخطية وضعها الدقيق ، انك لا تملك ذاتك حتي تتصرف فيها تصرف الملاك في أملاكهم . أما من جهة المقتنيات فقد شرحنا كيف أنها جميعاً ليست ملكك وإنما هي عطية من الله . أنت مجرد إنسان استؤمن عليها ليدبرها بأمانة كما يليق بوكيل صالح . وهذا التدبير سيسألك الله عنه عندما يقول أعطني حساب وكالتك { لو2:16} . من اجل هذا نجد ملكا غنيا جداً كداؤد } يري الأمور علي حقيقتها فيقول : { أما انا فمسكين وفقير } {مز69} لم يكن فقيرا حسب العرف البشري الخاطئ ، ولكنه حقا لا يملك شيئا بحسب النظرة الروحية السليمة . ومن أجل هذا أيضاً كنا نجد الآباء القديسين ينذورن الفقر الأختياري ، وينظرون إليه كأحد الأعمدة التي تقوم عليها حياتهم الرهبانية . وبهذا يمكنك أن تفهم الصدقة بمعناها الصحيح ، أنك لا تعطي من مالك شيئاً ، وإنما أنت تعطي لخليقة الله من مال الله . الأمر إذن لا يدعو إلي البر الذاتي أو إلي الفخر ، ولا يدعو ايضاً أن تفكر في البتعاد عن مدح الناس لك ، بأن تمدح نفسك بالتصدق تحت امضاء { فاعل خير } أعجبني متبرع قرات امضاءه فإذا هو : { فاعل شر يرجو الصلاة من أجله }.ا، الكائن الوحيد الذي تيصدق من ماله علي الناس هو الله . ولست أحب أن أسمي الصدقة فضيلة ، حيث أنها ليست فضلاً او تفضلاً من المتصدق . وهو لا يعدو أن يكون ، كما قلنا موصلاً لنعمة الله إلي الآخرين ، وما يقال عن الصدقة يقال عن باقي الأعمال الحسنة التي لا يمكن أن تعتبر فضلاً من احد . يلحق بالصدقة عنصر آخر وهو الشكر عليها ، كيف تقبل يا اخي ا، يشكر الناس علي شئ لم تدفعه من عندك ، أن كان المال مال الله ، فكيف تشكر أنت عليه ، وكيف توضر بقبول هذا الشكر ؟ أعط مجداً لله ، وتوار ليظهر هو ، فهو الذي عمل العمل كله . أن الشعور بالأمتلاك قيد يقيد روحك ، ويشعرك بما ليس فيك حقيقة ، فاهرب منه ليس إنكار لذاتك ، وإنما اعترافا بحقيقتك وليكن الله معك . | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:06 pm | |
|
انطلق من سلطان ذاتك
إنطلق يا أخي من استعبــاد ذاتـــــك
لك لأنك أن وصــلت إلي اتفــاق مـع
نفسك ، وتــحررت من الداخل ، فلن
تستطيع كل الظــروف المحيطـــة أن
تؤثر عليك ، إذ تكون قد وصلت إلي
إنطلاق الروح .
هل تحسب يا أخي الحبيب أن العالم له سلطان عليك ؟ وهل تظن أن العثرات والمغريات هي السبب في سقوطك ؟ كلا . تخطئ كثيراً ان ظننت شيئاً من هذا . فقد يكون للعالم او مغرياته بعض التدخل ، ولكن السبب الأساسي الحيقي لسقوطك هو ذاتك من الداخل .
لو لك تكن قابلا للخطية ، مرحبا بها ، أو محبا لها ، لو لم تكن هكذا ما سقط .
لقد كلن يسوف الصديق يعيش في جو مشبع بالخطية ، وقد احاطت الخطية بيوسف في عنف ولكنهلم يسقط ، لأن كل الأغراءات لم تستطيع أن تدخل إلي قلبه النقي . فانتصر علي الخارج كله ، لنه كان منتصراً في الداخل . لا تقل أني سقط لأن العالم ملئ بالمغريات ، ولكن الأصح أن تقول : انك سقط لأن في قلبك حنينا إلي تلك المغريات وقبولا لها .
أثنان يمران في الطريق علي حانة ، فلا يستطيع أحدهما أن يقاوم منظر زجاجات الخمر المعروضة ، فيدخل ويشرب ويسكر وأما الآخر فيمر علي الحانه دون أن شعر بوجودها أو بوجود الخمر فيها . لا يراها معثرة ، ولا تترك في نفسه أثرا ، ولا تعزيه لسبب واحد : وهو أن قلبه خال من الحنين إلي الخمر ، خال من محبتها . قلبه من الداخل لا تقوي عليه المؤثرات الخارجية .
أنتصارك إذن في حياتك الروحية يتوقف علي عامل حيوي ، وهو نتيجة المعركة الداخلية بينك وبين نفسك . أن أستطعت أن تصلب ذاتك في داخلك ، ستخرج إلي العالم الخارجي بتلك العين البسيطة التي تري الخير في كل شئ ، والجمال في كل شئ ، وكما يقول الرسول : { كل شئ طاهر للطاهرين } {تيطس15:1}.
بعض الناس يتحاشون الأوساط الخارجية المعثرة ، وهذا حسن وواجب ، لأن الله منعنا عن مجالس المستهزئين وطريق الخطاة . ولكن الخطأ هو أن هؤلاء البعض يكتفون بتحاشي الأوساط الخارجية تاركين ال*** الرابض في أحاشهم كما هو في شهوته للعالم والأشياء التي في العالم . أمثال هؤلاء قد يصادفهم النجاح بعض الوقت ، ولكن ما اسرع ما يسقطون عندما تضغط عليهم التجربة وتفحم الإغراءات ذاتها في حياتهم .. هؤلاء يحبون الخطية وأن كانوا لا يفعلونها ، والشخص الذي يحب الخطية قد يسقط فيها – ولو بعد حين – مهما تحاشاها امثال هؤلاء يبتعدون عن الشر ، ولكنهم يعتقدون في نفس الوقت أن عملهم هذا تضحيةمنهم في سبيل الله . أنهم – كالخطاة تماما – ما زالوا يعتقدون أن الشر لذيذ ، والخطية حلوة مشتهاة ، وما زالوا ينتظرون إلي الشجرة فيجدونها جيدة للأكل
وبهجة للعيون وشهية للنظر ، ولكنهن يفترقون في أمر واحد وهو أنهم لا يمدون أيديهم ليقطفوا . أنهم لم ينتصروا في الداخل ، ولم يسكن الله في قلوبنهم لذلك فهناك في العالم ما يغريهم وما يعثرهم ، ففيه الخطية المحبوبة التي تشتاقون إليها ولكنهم يهربون منها خوف السقوط فيها . أستطيع أن أقول أن هؤلاء – من ناحية الفعل – يطيعون وصايا الله ، وأن كانوا لا يحبونها ولا يحبونه .
مثل هذا النوع إذا استمر في جهاده قد يخلص كما بنار وقد لا يستطيع أن يستمر في الجهاد فيسقط ويكون عظيماً ، لأن بيته ليس مؤسسا علي الصخر . أما الوضع الصحيح الذي يكون فيه الروح منطلقا ، فهو عدم الأستعباد للخطية وعدم محبتها ،حيث يكون الإنسان حرا من تأثير الشر عليه . { فالمغريات } في نظرغيره ، ليست هكذا بالنسبة إليه لأنها لا تغريه ، بل علي العكس هو لا يتفق معها بطبيعته المقدسة ، لذلك فهو لا يتجاوب معها ، بل ينفر منها دون جهاد ودون تعب ، إذ قد ترك هذا الجهاد السلبي ، ,اصبح جهاده سعيا في سبيل التعمق في الروح وفي معرفة الله .
ولكن الإنسان – كما قلنا – لا يمكن أن يصل إلي هذه الحالة ما لم يتنق من الداخل ، وينتصر في حربه مع نفسه التي تشتهي ضد الروح ، علي الإنسان ان يصل مع نفسه إلي اقتناع أكيد بمرارة الخطية وبشاعتها ، وبحلاوة الله ومتعة الحياة معه .
وفي هذه الحرب الداخلية { يقمع الإنسان جسده ويستعبده } {1كو27:9}. بل ويصلب في ذاته وشهواته . لا يقيدها ويتركها تصرخ فتحنن قلبه بصراخها ورعودها . وإنما ينظر إليها بمنظار الله فيجدها حقيرة لا تستحق شيئاً فينفر منها .. وهكذا يقول مع الرسول { مع المسيح صلبت ، فأحيا لا أنا بل المسيح الذي يحيا في }{غل20:2} ألست تري أن هذا بعضا مما يقوله السيد المسيح { من أراد ان يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها }{مر35:8}.
ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يتم بدون معونة خاصة من اله لذلك فالجهاد مع النفس لابدأن يصحبه جهاد مع الله . جاهد يا أخي معه في ضراعة مرددا قول إسرائيل البار { لا أتركك حتي تباركني }{تك26:32}. قل له أيضاً : { تنضح علي بزوفاك فأطهر ، وتغسلني فأبيض أكثر من الثلج }{مز50} وثق أنك إذا خرجت من هذه الحرب منتصرا فمن المحال أن تقوي عليك كل قوي الشر ولو اجتمعت .
ولكنك تري با أخي الحبيب أن كل هذا يحتاج إلي الخلوة ومن هنا كانت الخلوة عنصرا أساسيا في حياة اولاد الله . استطاعوا بها أن يجلسوا إلي نفوسهم ، وأن يجلسوا إلي خالقهم ، وأن يخرجوا من هذا وذلك بأسلحة متجددة تعينهم في حياتهم الروحية ، وتدفعهم باستمرار إلي العمق . انظر إلي حياتك جيداً وتأملها في صراحة فربما كان أسباب سقوطها افتقادها إلي الخلوة .
أن الشخص الذي لم يختبر هذه الخلوة ، هو شخص لا يعرف نفسه علي حقيقتها . وهو شخص في اغلب الأحوال يجرفه التيار فلا يعلم إلي أين يذهب . أنه غالبا يفكر بعقلية الجماعة ويسير علي هداها ، فينحدر ويظل في انحداره حتي يخلو إلي نفسه فيحس أنه ساقط .
أما أنت فلا تكن هذا الشخص . حدد لنفسك أوقاتا مقدسة تراجع فيها سيرتك ، وتتذكر فيها المبادئ السامية التي اقتنعت بها منذ زمان ، ولتستريجع أمامك حياة المنتصرين من أودلا الله ، وتغذي نفسك بكلام الله واقوال الآباء وسيرهم ، وتسكب نفسك أمامه في حرارة وعمق . تأخذ منه خبزك اليومي الذي لا غني لنفسك عنه .
الله معك يقويك ، ويهبك القداسة التي من عنده ، ويغفر لنا خطايانا | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:07 pm | |
| مساكين{ هل تحسب أني سأحاسب وحدي علي خطاياي ؟ كلا ، بـل أنكــــــــم ستقتسمون الحســـاب مـعي . فــلو اعتنت بي الكنيســــــــــــة ما كنـت أصــــــــل إلي هـــذه الحالــــــة !!} قال لي وهو ينفث دخان سيجارته في وجهي : { لعلك تعجب من حالتي الآن } فنظرت إلي شعره الطويل المصفف اللامع وعينيه الغائرتين ، واسنانه الصفراء ، واصابعه المرتعشة في عصبية ظاهرة ، وشعرت نحوه بكثير من الأشفاق .. أنه واحد من الذين فداهم المسيح بدمه . وقبل أن أجيبه بشئ استطرد في مرارة: { أنني لم أكن هكذا كما تعلم .. كنت قوي الروح ، رضي الخلق ، مواظبا علي الكنيسة ، ثم أخذت أقتر شيئاً فشيئاً حتي انقطعت عن حضور الأجتماعات فلم تفتقدني الكنيسة أو تسع لارجاعي ، وزاد غيابي وزاد معه فتوري ، وضعفت ارادتي ، وظللت أهوي من قمتي العالية قليلا دون أن يفتقدني أحد .. إلي أن أفتقدني الشيطان ... وعندما أتي وجد قلبي مزينا مفروشا ووجد أرادتي منحلة ، ولم يجد حولي انجيلا ولا صلاة ولا واحد من المرشدين الروحيين ، وهكذا ضعت فريسة سهلة ، وسرت في الظلام .. الظلام المحبوب الذي احبه الناس أكثر من النور }. وهز رأسه في هدوء وقال : { أنني أشتري الآن أربع علب من التبغ كل يوم } . وشهقت في دهشة وألم استمر { وأذهب إلي دورالخالية ما لا يقل عن ثلاث مرات في السبوع ، واقرأ القصص العابثة وأتسلي بالأغاني الماجنة . وأصطحب جماعة كأنهم من زبانية الجحيم .. في بدء سقوطي كنت أقاوم الخطيئة ولا استطيع لضعف أرادتي .. أما الآن فأني لا أقاوم علي الأطلاق } ثم ضحك في استهتار وقل : { بل أخشي أن أقول أن الخطية هي التي تقاومني ، ولكنها لا تستطيع لضعف أرادتها }! وكنت خلال ذلك حزينا جدا ، أما هو فنظر إلي نظرة قاسية وقال في حدة : {هل تحسب أنني سأحاسب وحدي علي خطاياي . كلا . بل أنكم ستقتسمون الحساب معي . فلو اعتنت بي الكنيسة ما وصلت إلي هذه الحالة }. ليس المهم يا صديقي القارئ أن اكمل لك قصة هذا الشاب فإنها واحدة من شبيهات كثيرات . علي أنني أقول لك أنني رجعت إلي منزلي في تلك الليلة وأنا في غاية الألم من اجله ومن أجل نفسي . أخذت اسائل نفسي في صراحة : كم شخص مثل هذا تدهورت حالته نتيجة لعدم افتقادي وعدم أهتمامي ؟ وأخذت استعرض أسماء الذين لم أفتقدهم منذ مدة ، وأنتابني خوف وهلع ، وشعرت نحوهم بكثير من القلق ، ثم تساءلت : العل وجودي خادما هم معطل لخدمة الله . ورنت في أذني عبارة الشاب { أنكم ستقتسمون الحساب معي } وتذكرت قول القديس يعقوب الرسول : ر لا تكونوا معلمين كثيرين يا أخوتي عالمين أننا ناخذ دينونة أعظم لأننا في اشياء كثيرة نعثر جميعاً }. ولما استمرت حالة الأضطراب مدة معي ، طلبت أعفائي من الخدمة ، وإذ رفض طلبي أرتميت أمام الله وبكيت بكاءاً مرا عرفت أنني مسكين .. مسكين عندما رضيت أن أكون خادماً ولم أقل عبارة أرميا { آه يا سيد الرب أني لا اعرف أن أتكلم لأني ولد } ومسكين عندما كنت أحسب الدرس مجرد محاضرة القيها في هدوء وأنصرف في هدوء . يا أخوتي القراء صلوا من أجللي جميعاً . ومن أجل كل مدرسي مدراس الأحد فأنهم مساكين مثلي ومحتاجون . وأذ أشكو وأتألم من مسئولية فصل صغير ، مذا أقول يا أخوتي عن آباي الكهنة ؟ أليسوا هم بالأكثر مساكين جدا ماذا يفعل الكاهن وهو مسئول عن خمسة أو عشرة آلاف نسمة ؟ ماذا يجيب عندما يناديه الله { أعطني حساب وكالتك }. في كنيسة الآباء الأول كان يعاون الكاهن جماعة من الشمامسة ، يعملون معه ويساعدونه في الخدمة ويأكلون مثله من مال الكنيسة . أما الآن فأن أبانا الكاهن يعمل بمفرده ، فصلوا من أجله كثيراً حتي يعينه الله علي أتمام واجبه ، وانت يا ابي الكاهن ما الذي دفعك إلي الكهنوت ؟ هل نظرت إلي امتيازه أم إلي مسئوليته ؟ الا تعرف يا أبي أنك مسئول عن كل رعيتك : الكبار والصغار ، الرجال والنساء ، الشبان والشابات . ولست مسئولا عمن يحضرون الكنيسة فحسب ، بل ايضاً عمن في دور العبث والفساد ، عن كل شاب ما جن في الطريق ، وكل سكير في حانة ، وكل نزاع في اسرة . أن لم تعرف يا ابي أنك مسكين جداً فخير لك أن تعرف هذا من الآن. فأدخل إلي مخدعك وأبك بكارءاً مرا . سلم الأمر لله . قل له انك ضعيف ، وأن حملك ثقيل ، جتهد واسهر ، لئلا ياتي بغته فيجدك نائما . أن كان أبونا الكاهن هكذا فماذا نقول يا أخوتي عن آبائنا الأساقفة ، الذين سيسأل الله كل واحد منهم عن حوالي مائتي ألف نسمة أو أكثر . كهنة وعلمانيين ؟! ألا تروا معي يا أخوتي أنهم مساكين جدا . فصلو من أجلهم بلجاجة حتي يساعدهم الله علي أداء أعمالهم . وأنت يا ابي الأسقف ما الذي دفعك إلي الأسقفية او المنصب ام المسئولية ؟ هل أشتهيت فبها المركز والسلطة ولقب { صاحب النيافة } وعضوية المجمع المقدس ، أم أنك تشتهي تخليص النفوس ! ثم ماذا فعلت يا سيدي السقف بخصوص مسئوليتك ؟ قارن حالة الأيبارشية منذ توليتها حتي الآن .. هل تقدمت أو زالت كما هي ؟ يحسن بك يا أبي الأسقف أن تدخل إلي قلايتك وتبكي بكاءاً مراً . تذكر أن الرهبان القديسين كانوا يهربون من هذا المنصب لأن مسئوليته مخيفة . فاذا ما أمسك واحد منهم بالعنف ورسم أسقفا رغما عنه كان يبكي ويصرخ أمام اله واحد قائلاً : { أنت تعرف يارب أنني ذهبت إلي الدير لأخلص نفسي ، وهانذا قد أرجعت إلي العالم ولم أخلص نفسي بعد ، ومطلوب مني العمل علي تخليص الآخرين ايضاً . وأنا يارب لا استطيع ، فاعمل أنت } وكان الله يعمل . ثم ماذا عن آبائنا البطاركة الذين سيسأل الله كل واحد منهم عن حوال ثلاثة ملايين نسمة في مصر ، وعدد أكثر من هذا في الحبشة والسودان والخمس مدن الغربية التي نسمع عمها في القداسات ... ماذا نقول عن هؤلاء ومسئولياتهم الخطيرة ؟ اليسوا هو أيضاً مساكين ؟ .. صلوا يا أخوتي من اجل كل بطريرك حتي يتمكن من القيام بواجبه وحتي يعطي جواب حينما يساله الله عن نفسه ونفوس الأساقفة والقسوس والسمامسة والرهبان والعلمانيين وعندما يسأله عن حفظ قوانين الكنيسة وعن نشر الأرثوذكسية في العالم ..... وأنت يا من سترشحون للبطريركية في يوم ما ، أن عرضت عليكم فأهربوا لحياتكم ، وأن دعاكم الله فأنظروا إلي مسئولياتها ، وأدخلوا إلي قلاليكم وابكوا أمام الله بكاءاًمراً . يا أخوتي القراء : لا تنظروا إلي خدام الله من يتحملون المسئوليات نظرة المتفرج تمدحونهم أن احسنوا وتحاسبونهم أن اساءوا وإنما صلوا من أجلهم حتي ينجح العمل . وأنت يا سيدي الخادم أهتم بالمسئولية وليس بالمنصب . ومتي شعرت بالعبء ألق علي الرب همك وهو يعولك . غلق الباب وحاجج في دجي الليل يسوعـــا | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث الثلاثاء يناير 20, 2009 7:07 pm | |
| حدث فى تلك الليلة
{ قد كرســـــــــوا كل حياتهـــــــــــــم للهفكانت كل دقيقة مـــــــن اعمـارهم تنفق في الخدمة .. هكذا كانــــــــوا يعنبـرون الخدمة الروحية عملهـــــــــم الرئيــــس ويرون باقي أعمال العالم أمورا ثانوية} في تلك الليلة أنني كنت وحيداً في غرفتي الخاصة ، متمددا علي مقعدي وناظرا إلي لا شئ ، وإذ بابتسامة خاطئة تمر علي شفتي – لعلني كنت أفكر في نفسي كخادم – وهنا حدث حادث غريب : هل ثقلت رأسي فنمت أم أشتطت أفكاري متحولت إلي أحلام ؟ أم أشهر الله لي أحدي الروئ لست أدري ، ولكنني أدري شيئاً واحد وهو انني نظرت فإذا أمـــــامي جمــــــــاعة من الملائكة النورانيين ، وإذا بهم يحملونني علي أجنحتهم ويصعدون بي إلي فـــــــــــوق ، وأنا أنظر إلي الدنيا من تحتي فإذا هي تصغر شيئاً فشيئاً حتي تتحول إلي نقطة صغيرة مضيئة في فضاء الكون ، وأنصت إلي أصوات العالم وضوضائه فغذا بجسمي يخف ويخف حتـــي أحسن كأنني روح من غير جسد – فأتلفت في حيرة حولي لأري أرواحا كثيرة سابحــــــــة مثلي في الفضاء اللانهائي ، وأري من الملائكة ألوفا وربوات ربوات ها هم الشــــــــاروبيم ذوو الستة الأجنحة والساروفيم الممتلئون أعينا – وها هي أصوات الجميع ترتفع في نغم واحد موسيقي عجيب { قدوس ، قدوس ، قدوس } ولا أتالك نفسي فأنشد معهم دون أن أحس { قدوس الله الآب ... قدوس أبنه الوحيد .. قدوس الروح القدس } واستيقظ عن انشــــــادي لاسمع نغمة قديسة خافتة لم تسمعها أذن من قبل ، فاتجه في شوق شديد نحو مصدر الصـــــــــوت ، فاذا أمامي علي بعد مدينة جميلة نورانية معلقة في ملك الله ، تموج بالتسبيح والتــــــرتيل ، كلما أسمع منها نغماص يمتلئ قلبي فرحاً ، وتهتز نفسي اشتياقا ، ثم أنا انظر فأري في المـــدينة علي بعد اشباحا أجمل من الملائكة : هوذا موسى ومعه ايليا وجميع الأنباء ، هوذا أنبــــــــــا أنطونيوس وأنبا اثناسيوس وجميع القديسين ، ها هم أبائي الأساقف وابائي الكهنة – ها هو أب أعترافي – ثم ها هم بعض زملائي ومدرسي مدارس الأحد .. ولم أستطع أن اتامل أكثـــر من ذلك بل أندفعت في قوة نحو تلك المدينة النورانية ، ولكن عجبا – انني لا استطيع التقدم ، فهناك ملاك جبار كله هيبه وجلاك ووقار يعترض سبيلي قائلاً . * { مكانك قف ! إلي أين أنت ذاهب ؟} فأجيبه : * { إلي تلك المدينة العظيمة يا سيدي الملاك – إلي حيث زملائي وأخوتي وآبائي القديسون }. ولكن الملاك ينظر إلي فوق في دهشة ويقول : * { ولكنها مدينة الخدام فهل أنت خادم ؟ { فلماأجبته بالأيجاب قال لي : * { أنك مخطئ يا صديقي فأسمك ليس في سجل الخدام وعصفت بي الدهشة فصرخت في هذا الملاك حارس المدينة : * كيف هذا ؟ لعلك لا ترعرفني يا سيدي الملاك . اسأل عني مدراس الأحد وأجتماعات الشباب واسال عني الكنائس والجمعيات . بل اسأل عني أيضاً في مدينة الخدام إذ يعرفني هناك كثير من زملائي مدرسي مدارس الأحد .....}وأجابني الملاك في صرامة وصراحة : * { أنني اعرفك جيداً ، وهم أيضاً يعرفونك ، ولكنك مع ذلك لست بخادم فهذا حكم الله }. ولم أحتمل تلك الكلمات ، فوقعت علي قدمي أبكي في مرارة ، ولكن ملاكا آخر أتي ومسح كل دمعة من عيني ، وقال لي في رفق : * { أنك يا أخي في المكان الذي هرب منه الحزن والكآبة فلماذا تكتئب ؟ - تعال معي ولنتفاهم }. وجلسنا منفردين نتناقش فقال لي : *" أن أولئك الذين تراهم في مدينة الخدام قد كرسوا كل حياتهم لله ، فكانت كل دقيقة من أعمارهم تنفق في الحدمة . أليست هكذا كانت حياة بولس وباقي الرسل ؟ أليست هكذا كانت حياة موسى والأنبياء ؟ أليست هكذا كانت حياة الاساقفة والكهنة والشمامسة ؟ أليست هذكا كانت حياة القديسين ؟ أما أنت يا صديقي فلم تكن مكرسا بل كنت تخدم العالم . وكل ما لك من خدمة روحية هو ساعة واحدة في الأسبوع تقضيها في مدراس الأحد ، وأحيانا كانت خدماتك الأخري تجعلك تعطي الله ساعة ثانية ، فهل من أجل ساعتين في الاسبوع تريد أن تجلس إلي جانب الرسل والأبياء والكهنة في مدينة الخدام ؟} وكنت مطرقا خجلاً أثناء ذلك الحديث كله ، غير أنني قاومت خجلي وتجرأت وسألت الملاك : { ولكنني أري في مدينة الخدام بعضا من زملائي مدرسي مدارس الأحد وهم مثلي في خدمتي } فأجابني الملاك : *{ كلا أنهم ليسوا مثلك . حقيقة أنهم كانوا يخدمون ساعة أو أكثر في مدارس الأحد ولكنهم كانوا يقضون الأسبوع كله تمهيد لتلك الساعة ، فكاونا يصرفون وقتا كبيرا في تحضير الدروس ووسائل الإيضاح، وطرق االتشويق ، والصلاة من أجل كل ذلك ، وبحث حالات التلاميذ واحدا واحدا ، والتفكيؤ في طريقة لاصلاح كل فرد علي حدة ، يضاف إلي ذلك أنشغالهم في الأفتقاد ، وفي ابتكار طرق نافعة لشغل اوقات تلاميذهم أثناء الأسبوع – ثم كانت لهم خدمات أخري مختفية لا تعرفها ، وهكذا يعتبرون الخدمة الروحية عملهم الرئيس ، ويرون باقي أعمال العالم أمورا ثانوية – لأ أعني أنهم أهملوا مسئولياتهم وواجباتهم العالمية بل كانوا مخلصين لها جدا وناجحين فها للغاية وأن كان عملهم العالمي أيضاً لا يخلو من الخدمة ، وهكذا حسبهم الله مكرسين }. وعجب من هذه العبارة فسألت : { وكيف أستطيع أن أكون خادما وأنا مشغول بعملي ؟} فأجابني الملاك : {لعلك نسيت يا أخي عمومية الخدمة ! يجب أن تخدم الله في كل وقت وفي كل مكان : في الكنيسة وفي الطريق وفي منزلك وفي مكان عملك وإنما حللك أو تنقلت . لا يجب إذن الفصل بين المهنة والخدمة ، فعندنا في مدينة الخدام مدرسون استطاعوا أن يجذبوا كل تلاميذهم المسيحيين إلي مدارس الأحد ، وأن يصلحوهم ويتعهدوهم بالعناية المستمرة . وعندنا في مدينة الخدام أطباء لم يتخذوا الطب تجارة وإنما اهتموا قبل كل شئ بصحة مرضاهم مهما كانت حالتهم المالية ، فكانوا في أحيان كثيرة يداوون المريض ويرسلون له الدواء – كل ذلك بدون أجر ، بل كانوا يقموم بتأسيس المستشفيات والمستوصفات المجانية ، وعندنا في مدينة الخدام موظفون استطاعوا أن يقودوا كل زملائهم في العمل إلي الكنيسة للأعتراف والتناول من الأسرار المقدسة . وهناك أيضاً مهندسون ومحامون وفنانون وتجار وصناع : كل أولئك كانوا خداما في مهنهم ، فهل كنت أنت كذلك ؟}. فخجلت من نفسي ولم أجب ولكن الملاك قال لي في تأنيب مؤلم | |
|
| |
| كتاب إنطلاق الروح للبابا شنودة الثالث | |
|