الباب الثاني
شهادة العلماء لأصالة اللفظ القديم وأفضليته على اللفظ الحديث
شهادة الأستاذ يسى عبد المسيح
يكتب العلامة يسى عبد المسيح سنة 1954 م في مقال له عن " اللهجات القبطية وأثارها الأدبية " نشر في رسالة مار مينا الخامسة " صفحة من تاريخ القبط " فيقول ( في ص 52 ، 53 ) عن تاريخ اللفظ الحديث ما يلي :
" لفظ الكنيسة الحالي وقد أدخل إليها منذ عصر أنبا كيرلس البطريرك 110 الملقب " أبو الإصلاح " ( 1854 – 1861 ) ، وجعله مثل اللفظ اليوناني المستعمل في الكنيسة اليونانية الآن كما أنه أدخل قطعا يونانية إلى الكنيسة القبطية وكان يقصد بهذا التقرب بين الكنيستين القبطية واليونانية لتكونا وحدة واحدة مسيحية يرأسها بطريرك واحد ".
ثم يتكلم عن اللفظ القديم فيقول :
" اللفظ القديم قد ورثناه عن أجدادنا وهو الصحيح إذ يقربنا من اصل اللغة القبطية وهو المصري القديم " .
ثم يشير إلى مخطوطتين بالمتحف القبطي تشهدان لأصالة اللفظ القديم ويعقد مقارنة بين اللفظ القديم واللفظ الحديث يقول في نهايتها ما يلي :
" هذا اللفظ القديم يسمونه الآن اللفظ الصعيدي ، وهي تسمية خطأ نشأت بسبب تغيير كيرلس المذكور لهذا اللفظ القديم كما سبق القول ، ولكونه صادرا من مصر اعتبر هذا اللفظ القديم لفظا صعيديا ، والواقع انه لفظ الكنيسة المصرية من الإسكندرية إلى أسوان قبل البطريرك المذكور . وقد سمعنا الطيب الذكر البطريرك أنبا كيرلس الخامس ( 1875 – 1927 ) في آخر أيامه يصلي القداس باللفظ القديم بصوت رخيم ملائكي ويتلوه بعذوبة ألفاظه التي لا تعرف التكلف ، كما أننا سمعنا ونحن صغار القداس يتلى من أحبار قديسين ، قسوس وأساقفة باللفظ القديم ، وكنا نشعر أننا في السماء لامتزاج عذوبة الألفاظ الحلوة وطلاوتها مع قداسة المصلي
شهادة بروفسور ورل Worrell
سبق أن أوردنا شهادة بروفسور ورل Worrell في كتابه نصوص قبطية بأن اللهجة الوحيدة المعروفة بين الأقباط الحاليين هي البحيرية ... وأن كلمة صعيدي في هذه الأيام تطلق كلية على اللفظ البحيري القديم حسبما سمع على وجه الخصوص بين فلاحي مصر العليا .
ويكتب ورل أيضا في كتابه موجز تاريخ القبط الذي ترجم الى العربية وطبع ضمن رسالة مار مينا الخامسة " صفحة من تاريخ القبط " ، ويقول ( في صفحة 188 من الرسالة ) :
" وفي بعض جهات مصر العليا لا تزال بعض عائلات الفلاحين تتوارث كيفية نطق اللغة القبطية ، ومع قلة ذلك فإنهم ينطقونها نطقا صحيحا أرقى بكثير من نطق كهنة القاهرة . وهم شديدو الفخر بوجود هذا التقليد العائلي لديهم وبما يتميز به " .
ويشهد بروفسور ورل في كتابه نصوص قبطية Worrell , Coptic ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++** ++++++++++++++++++++++++++++++++++++****s , P. 328 بأن اللفظ المعدل ( الحديث ) قد أدخل أخطاءا وتشويشا " .
ويقول في نفس الكتاب ( ص 298 ) " كان ينبغي أن يحدث التعديل في اتجاه التقليد القروي ( أي اللفظ القديم ) ، ولكن هذا أبعد كثيرا من أن يتوقع . فبدلا من ذلك أدخلت القيم ( الصوتية ) اليونانية الحديثة بانتظام . ولسوء الحظ تدرس هذه القيم بواسطة أولئك الذين يعضدون مشروع إحياء اللغة القبطية الممدوح جدا . والتقليد القديم يوجد الآن – على ما أعلم – في الصعيد فقط ، أو أولئك الذي جاءوا من هناك والذين لم يستسلموا لضغط المدن ".
كما كتب ورل أيضا في كتابه الأصوات القبطية Worrell , Coptic Sounds , P. 7 يستنكر إدخال اللفظ اليوناني الحديث إلى القبطية هذه الأيام . بل وحتى محاولة تقريبه إلى اللفظ اليوناني القديم على طريقة ايرازموس Erasmus ، وهي التي تستخدمها الجامعات ، يستنكرها ورل أيضا فيقول :
" إن إدخال اللفظ اليوناني الحديث إلى القبطية في هذه الأيام إنما هو تصنع في أكثر الأحيان ، كما لو كان على المرء أن ينطق بكل الكلمات الفرنسية التي في الإنجليزية بحسب استعمالها الحالي في باريس. فان كان هذا رديئا ، فكم يكون أسوأ بكثير أن ننطق القبطية طبقا للنظام اليوناني الايرازمي المختلق الذي لا ينتمي الى أي جنس أو عصر أو مكان أو لهجة... ".
أي أن ورل لا يستنكر فقط إدخال اللفظ اليوناني الحديث الى القبطية وإنما يستنكر أيضا تطبيق اللفظ اليوناني الذي اخترعه ايرازموس في القرن الخامس عشر وسارت عليه الجامعات حتى الآن على أنه لفظ يوناني قديم .
كما كتب ورل أيضا في نفس الكتاب ( ص 124 ) يعلل ويؤيد اختلاف الأصوات القبطية القديمة للحروف المستعارة من اليونانية ولو قليلا عما هو مفترض فيه أنه صوتها في اللفظ اليوناني القديم . فيقول : " ليس من الضروري أن نفترض أن الأقباط قد أخذوا الحروف اليونانية بقيمها ( الصوتية ) اليونانية المألوفة بالضبط وإنما بقيمها التقريبية فقط . لأنه حتى الأصوات التي تتحقق عادة في لغتين نادرا ما تكون في الحقيقة متطابقة. ذلك هو الحال ، مثلا ، عندما تكتب الفارسية أو التركية بحروف عربية. فمن غير الممكن أن الحروف المتحركة القبطية واليونانية كانت متطابقة