| كتاب_الهدوء | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:53 pm | |
| الكتاب : الهدوء
المؤلف : قداسة البابا شنوده الثالث . الطبعة : الثالثة نوفمبر 1990 المطبعة : الأنبا رويس { الأوفست العباسية – القاهرة . رقم الإيداع بدرا الكتب : 15153/ 1986م.
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين
تصدير هذا الكتاب هو ثمرة لست محاضرات . ألقيت اثنين منها في الكاتدرائية الكبري مع محاضرتين أخريين ألقيتهما في دير الأنبا بيشوى بوادي النطرون في 27/8/83 ، 3/9/83 . وكل هذه المحاضرات لها تسجيل صوتي ، يمكنك الحصول عليه من المكتبات الصوتية بدير الأنبا رويس وبعض الكنائس . وهذا الكتاب عن الهدوء ، هو جزء من مؤلف روحي كبير لنا عن { معالم الطريق الروحي }. نرجو أن يصدر قريباً إن شاء الله .
شنوده الثالث
هذه الفترة الصاخبة التي تعيشها البشرية علي الأرض
لا تقاس إطلاقاً بالهدوء الذي كان منذ الأزل والذي سيكون إلي الأبد إلي ما لانهاية .. إنها نقطة مضطربة ، في بحر من الهدوء اللانهائي .
*-*-* ولعل الملائكة ينظرون إلي عالمنا في تعجب
ولعلهم يقولون : ما هذا الضجيج في هذا الكوكب ؟! ولماذا يعيش الناس في صخب هكذا ؟! متي يهدأون ؟ يقيناً إنهم لن يهدأوا ،إلا إذا وصلوا إلينا لأن الهدوء هم منهج الحياة في السماء | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:54 pm | |
| جمال الهدوء وسموة
تاريخ الهدوء .
عناصر الهدوء .
الهدوء الحقيقي .
فضائل تتعلق بالهدوء .
الطريقة الهادئة وأثرها .
أمثلة من الهدوء .
تاريخ الهدوء
الهدوء هو الأصل ؟، في هذا الكون …
وهو الأصل قبل خلق الكون أيضاً .
كان الله وحده منذ الأزل ، في هدوء كامل .
ملايين السنوات مرت ، أو ملايين الملايين ، بل ما هو أكثر ، بل قبل أن يوجد الزمن ، وقبل أن تعرف مقاييسه … والهدوء هو الأصل .. وأخذ الله يعمل في هدوء . وكان عمله الأول هو الخلق . في هدوء كامل خلق الله كل شئ .. { قال الله ليكن نور فكان نور . ورأي الله النور أنه حسن …} { تك1: 3،4}. { وقال الله لتنبت الأرض عشباً وبقلاً .. وشجراً ذا ثمر يبذر بذراً كجنسه .. وكان كذلك .. ورأي الله ذلك أنه حسن }{تك1: 11،12}. وهكذا كل قصة الخلق كاملة ، تمت في هدوء . خلق الله الكون ، وعاش الكون في هدوء . وكمثال ذلك كانت الأجرام السمائية تتحرك في الفلك ، بكل نظام ودقة ، وبكل هدوء ، وبدون إضطراب .. نهار يعقبه ليل وليل يعقبه نهار . لا ضجيج لا صراع … إذن متي بدأ الكون يفقد هدوءه ؟ كان ذلك بعد أن خلق اله مخلوقات عاقلة ، ذات إرادة حرة .. مرت علي هذه الكائنات العاقلة فترة وهي هادئة : ليس من يتشاجر ولا من يتخاصم ، ولا من يحتج ، ولا من يخالف ، ولا من يعصي . وليس من يثير مشكلة أو إضطراباً بأية صورة من الصور . ثم كان أول فقدان للهدوء ، بسبب الشيطان … فقد الشيطان هدوء قلبه في الداخل ، حينما دخله فكر الكبرياء { إش14: 13،14}. إنها رغبة دخلت إلي قلبه ، أن يصير مثل الله ، بل قاد ثورة في السماء ، وأسقط معه مجموعة من الملائكة من رتب متنوعة ، نتيجة لحرية الإرادة التي أساء إستخدامها . وطرد الشيطان وملائكته من السماء . وبقيت السماء هادئة .. ومن جهة البشرية ، عاش آدم أولاً في هدوء ، و هو في الجنة .. حتي الوحوش ، كانت تحيا معه في هدوء .. لا عداوة بينه وبينها ولا عراك . لا هي تفترسه ، ولا حتي تهجم عليه .. ولا هو يصيدها أو يطاردها ، ولا هو يخافها … بل تجمعه معها رابطة من الألفة والمعيشة المشتركة الهادئة . وبنفس الوضع كانت الوحوش وال***ات مع أبينا نوح في الفلك .. ال***ات المفترسة ، لم تكن مفترسة ، في أيام آدم . لم يكن الافتراس قد دخل إلي العالم ، إذ كان العالم لا يزال يحتفظ بهدوئه . وكانت الوحوش في ذلك الحين تأكل العشب { تك28:1}. ما كانت تفترس ***اً أضعف منها ، ولا كائناً من غير نوعها مثل آدم . لم تكن فيها { الوحشية } التي دعيت بها وحوشاً . كانت هادئة ، وكان الإثنين هادئأ أيضاً ..
والعجيب أن الإنسان فقد هدوءه ، وهو لا يزال في الجنة وذلك بعد أن أخطأ .. لما أخطأ خاف ، واختبأ وراء الأشجار .. ولما أخطأ خجل ، وخاط له من أوراق التين ما يستر عريه . وطرد الله آدم وحواء من الجنة . ثم كانت خطيئة قايين ، لما فقد هدوءه القلبي بسبب حسده لأخيه هابيل . وتطورت مشاعره الداخلية إلي أنه { قام علي أخيه وقتله }{تك8:4}. ولما قتل قايين أخاه ، فقد هدوءه إلي الأبد ، فعاش تائهاً وهارباً في الأرض }تك12:4{. خائفاً من الله والناس {تك14:4}. بدأت تعصف به الأمراض النفسية من خوف وقلق وإضراب . وكان عينة لهذه الأمراض ، ومقدمة لدخولها إلي الطبيعة البشرية . وزاد علي خوف قايين من الله ، خوفه من الناس ، وأيضاً صيحته المرة : {ذنبي أعظم من أن يحتمل .. فيكون كل من وجدني يقتلني }{تك4: 13،14}. وكان قتل قايين لهابيل مقدمة للحروب التي إجتاحت الأرض فيما بعد ، ومعها فقد العالم هدوءه .. { لامك } الذي من نسل قايين ، كان قاتلاً أيضاً . وقد اعترف بذلك لزوجتيه . وقال { إنه ينتقم لقايين سبعة أضعاف وأما للامك فسبعة وسبعين }{تك4: 23،24}. وهكذا دخل الانتقام إلي الأرض . وامتلأ العالم شراً ، وفقد هدوءه . ووجد في الأرض { طغاة } و{ جبابرة } {تك4:6}… وأغرق الله العالم الصاخب بالطوفان … وبعد الطوفان { ولد نمرود ، الذي إبتدأ يكون جباراً في الأرض } تك8:10 {. وتفرقت الشعوب في الأرض بعد برج بابل {تك9:11}. وقامت النزاعات بين الأمم . فسدت الطبيعة البشرية وفقدت هدوءها . وشجع علي ذلك التنافس والتنازع بين الناس . حتي أنه بسبب تخاصم الرعاة علي الأرض المعشبة ، نسمع عن رجلين قديسين هما إبرام ولوط أنه { لم تحتملهما الأرض أن يسكنا معاً }{ تك6:13}. أنها قصة مأساة : تحول بها الأنسان من عمق الهدوء إلي اللا هدوء .. فما هو الهـــــــــدوء ؟ وما عناصره ؟ وما نتائجه ؟ وما الفضائل التي ترتبـــــــــــــــــــط بالهدوء ؟ وتفقـــد بفقده ؟ وكيف يمكن للإنسان أن يحصل علي الهدوء ، ويستمــــر فيه ؟
هذا وغيره ما نود أن نعرض له في هـــــــذا الكتاب الصــغير | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:54 pm | |
|
عناصر الهدوء
الهدوء يشمل حياة الإنسان كلها ، في الداخل والخارج ، ما ظهر منها وما أستتر . وهكذا يشمل : * الهدوء الداخلي :ويشمل هدوء النفس ، هدوء القلب ، هدوء الفكر . * هدوء الجسد : ويشمل هدوء الحواس ، وهدوء الحركات . * هدوء الأعصاب : ويشمل هدوء الملامح ، وروح البشاشة . * هدوء الكلام : ويشمل أيضاً هدوء الصوت . * هدوء التصرف : ويشمل الهدوء في الحياة العملية والسلوك الخاص، وهدوء الحلول فيما يصادف الإنسان من مشاكل.
وتتعلق بكل هده الأنواع أمور أخري منها . {1} هدوء الطبيعة ، وهدوء المكان ، وهدوء المسكن . {ب} فضائل ترتبط بالهدوء . {ج} طبيعة الهدوء : وهل هو حقيقي ، أم مجرد مظهر هادئ ، أم مجرد هدوء مؤقت ، أو هدوء لم يختبر بعد .. {د} الأمثلة العملية للهدوء الحقيقي ..
الهدوء الحقيقى
*لا يمكن أن نحكم علي إنسان بأنه هادئ ، إلا إذا حدث إختبار لهدوئه .. فقد يبدو الإنسان هادئاً ، لأن الظروف الخارجية التي حوله هي الهادئة . ولم تحدث مشكلة أو إثارة تختبر هدوءه . وربما لو اصطدمت به يظهر علي حقيقته ، إن كان هادئاً أو لا .. فإن إصطدم مع شخص آخر في الرأي ، أو في التصرف ، أو أن أصابته إهانة أو أصابه أذى ، أو تعرض لكلمة ،جارحة ، حينئذ من تصرفه يمكن الحكم علي هدوئه .. ونفس الوضع إن وقع في مشكلة ما ، أو في ضيقة ، أو تعرض لمرض ، أو أن واجهته صعوبة ما .. فإن هذا كله يكون إختبار لنفسيته ، وإختبار لأعصابه : كيف يسلك ؟ وكيف يتصرف ؟ وهل يفقد هدوءه ، أو يحتمل ويحل مشكلته بهدوء …؟ هذا هو أول إختبار للهدوء الحقيقي ، لأن كل إنسان يمكنه أن يكون هادئاً في الظروف الهادئة . * أما الاختبار الثاني ، فهو مدي الاستمرار في الهدوء فلهدوء الحقيقي هو هدوء دائم ، كشيء من الطبع . فلا يهدأ إلي فترة زمنية ، ثم يفقد بعدها هدوءه ، ويتغير أسلوب تماسكه أمام المشاكل . فالهدوء الحقيقي ليس هو مجرد تدريب للاحتمال في مدي معين ، إنما هو الطبيعة الهادئة ، التي تستمر في هدوئها ، مهما طال الزمن ، ومهما تغير الحال .. الهدوء الحقيقي ليس ستاراً تختفي وراءه طبيعة غير هادئه ، تكشفها الأحداث …! فالإنسان الهادئ بطبعه ، لا تضره المشاكل والاصطدامات ، بل علي العكس تظهر ما فيه من رحابة الصدر ، ومن وداعة وطيبة قلب . القديس بولس الرسول كان يعيش في أجواء صعبة { في شدائد ، في ضرورات ، في ضيقات ، في ضربات ، في سجون …} ومع ذلك قال في مقدمة كل هذه : { في صبر كثير }{2كو6: 4،5}. وقال بروح الإيمان : { لذلك لا نفشل . بل وإن كان إنسانناً الخارج يفني ، فالداخل يوماً فيوماً }{2كو16:4}. وأطلق علي كل مشاكله ومتاعبه عبارة { خفة ضيقاتنا الأرضية }{2كو17:4}. * والهدوء الحقيقي ليس هو الهدوء الظاهري ، بل الداخلي . فلا يكون هادئاً من الخارج فقط ، بينما في داخله بركان ثائر . بل علي العكس يكون هدوؤه الداخلي هو منبع وسبب هدوئه الخارجي . ولعلنا سنتكلم عن هذه النقطة بشيء من التفاصيل حينما نتحدث عن هدوء القلب . 4 - وهناك فرق بين الهدوء الحقيقي ، والبرود الذي قد يكون أحياناً بروداً مثيراً … ! فالإنسان الهادئ المحب الهدوء ، لا يكون فقط هادئاً وإنما أيضاً يحاول أن يهدئ غيره ، ويشيع الهدوء فيما حوله وذلك لأنه قد يحدث أحياناً أن شخصاً قوي الأعصاب يمكنه أن يحتمل زميلاً منفعلاً ، ويرد بهدوء شديد ، أو ببرود شديد ، بأسلوب يثير أعصابه بالأكثر ، فيزداد إنفعاله ، ويقابل هو هذا الإنفعال بمنتهي الهدوء أو البرود ، متفرجاً عليه ، جاعلاً منه مجال نقد للحاضرين … كلا ، ليس هذا هو الهدوء في معناه الروحي .
فالإنسان الروحاني الهادئ ، لا يحطم غيره بهدوئه ! إن أخاه المنفعل هو وديعة في يديه ، يحافظ علي أعصابه ، وعلي سمعته ، ويحاول أن يوصله إلي الهدوء هو إلي هو أيضاً . وبالتالي لا يثيره . لأن محب الهدوء ، يريد الهدوء لغيره كما يريده لنفسه .. ولا يجعل شيطان المجد الباطل يحاربه بهدوء زائف ، يكون فيه خصمه هائجاً وثائراً ، ويكون هو قد أفرح الشيطان بهذا الهياج من خصمه وهذه الثورة ! إن الإنسان الناجح ، لا يفرح روحياً بسقوط غيره . بل إنه في هدوئه ، يشيع الهدوء علي الكل . ويجعل لقاءه بغيره هادئاً ، سواء من جهته هو ، أو من جهة هذا الغير . وإن وجد غيره هائجاً ، يهدئه بالجواب اللين {أم1:15}. وليس بالجواب المثير … 5_ الإنسان الهادئ قد يكون هادئاً بطبيعته ، قد ولد هكذا . وقد يكون هدوؤه مكتسباً . والهادئ بطبيعته لا يبذل جهداً لكي0 يصل إلي الهدوء ، لأنه ينفر من كل ما هو غير هادئ . أما الهدوء المكتسب ، فهو يحتاج إلي جهد ، وإلي شئ سنعرض لها في حينها إن شاء الله . وكل جهد في الوصول إلي الهدوء ، له مكافأته وأجره . ومثل هذا الشخص قد يصل إلي الهدوء تدريجياً . فإن وصل ، لا يعود يبذل جهداً ، بل يكون ثابتاً وراسخاً في حياة الهدوء ، وله فيها خبرات .. ولذلك فإنه يحافظ علي هذا الذي اقتناه بتعب ، وبمعونة كبيرة من النعمة . وكمثال للهدوء الذي ينال بالتدريب ، القديس موسى الأسود . إنه لم يولد هكذا ، بل كان في بدأ حياته قاسياً قتالاً . ولما دخل في حياة الرهبنة ، أخذ يدرب نفسه علي الهدوء حتي اتقنه . لدرجة أنه لما دعي لسيامته قساً ، وأمر البابا بطرده لاختباره ، خرج القديس موسى الأسود في هدوء وهو يبكت نفسه ، دون أن ينزعج من الداخل . ولما سمحوا له بالرجوع ، عاد وهو هادئ ، دون أن يشعر بحرج في كرامته … لذلك لم يكن غريباً أن يراه أحد القديسين في رؤيا، والملائكة تطعمه شهد العسل . وأنت ، إن كنت غير هادئ الطبع ، لا تحتج قائلاً ماذا أفعل ؟! ولدت وطبيعي هكذا .. !
حتي إن كنت قد ولدت هكذا ، أو ورثت عدم الهدوء عن أب أو أم ، فليس هذا بعذر . تستطيع أن تغير هذا الذي قد ورثته . فالذي لم ينل الهدوء الطبيعي ، يمكنه أن ينال الهدوء المكتسب .. ويدرب نفسه عليه ، ويجاهد لكي يقتنيه .. فالطباع التي يولد بها أي شخص ، ليست بالأمر الثابت غير قابل للتغير ، فما أسهل أن تتغير إن وجدت النية الطيبة ، والعزيمة الصادقة ، والتعب والجهاد .. حينئذ يمنحك الرب قلباً جديداً ، وينزع منك قلب الحجر ويعطيك قلب لحم
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:54 pm | |
| فضائل تتعلق بالهدوء
فهكذا وعد { خر26:36}. 1{ - الهدوء له علاقة بالمحبة ، يأخذ منها ويعطيها : فالإنسان المحب يكون هادئاً في علاقته مع الناس . إنه لا يثور عليهم لأنه يحبهم . أما الكراهية فإنها إن دخلت إلي قلب تكون كالبركان الثائر الذي لا يهداً ، تريد أن تنتقم وأن تحطم . ولا تهدأ حتي تنفذ ما تريد ، وتحطم كل شئ … العالم يحتاج إلي الحب والهدوء ، لكي يحل مشاكله : يحلها بالتصالح ، وليس بالتصارع . ففي الهدوء ، وبالهدوء يمكن أن يتلاقى الناس مهما إختلفت أفكارهم ، ليحلوا مشاكلهم في هدوء الحوار المشبع بالحب . أما إن أختفي الهدوء ، فإن الحب يختفي معه ، إذا لا تبقي المحبة مع التشويش والصخب والضوضاء ، والحدة في الصوت والحدة في التصرف … يمكنك أن تحب الإنسان الهادئ . وهدوؤه يجذبك . مجرد ملامح وجهه الهادئة ، تجعلك تحبه . وطريقته الهادئة في معالجة الأمور ، تجعلك أيضاً تحبه . وإن كنت متضايقاً منه لسبب ما ، فإن هدوءه يغلبك ، ويصرف ضيقك … لذلك حسناً قال الرب عن الودعاء : أنهم يرثون
الأرض {مت5:5}. الأرض هنا وفي السماء .. يكسبون محبة الناس علي الأرض بوداعتها وهدوئهم ، كما يكسبون أرض الأحياء أيضاً {مز13:27}. 2- وهكذا ترتبط فضيلة الهدوء بالسلام أيضاً : فالإنسان الهادئ يكون دائماً مسالماً . والإنسان المسالم يكون أيضاً هادئاً . والهادي { لا يخاصم ولا يصيح ، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته } كما قيل عن السيد المسيح {مت 19:12}. لذلك يعيش مع الناس في سلام ، لأنه لا يتشاجر مع أحد ، ولا يرفع صوت علي أحد ، ولا يحل مشاكله مع الناس بالعنف ، وإنما بالهدوء . إن السلام قد يفقد بين عنيف وعنيف . ولكنه لا يفقد بين عنيف وهادئ ، لأن الهادئ يحتمل العنيف . وكما قيل إن النار لا تطفئها نار ، بل يطفئها الماء .. وإن كان الهادئ يستطيع بهدوئه أن يسالم العنيف ، فمن باب أولي يمكن أن يوجد السلام بين اثنين هادئين . كذلك الهدوء هو مظهر من مظاهر السلام الداخلي ، وهو أيضاً سبب يؤدي إليه . فالذي يحتفظ بهدوئه ، يحتفظ بسلامة الداخلي . 3- العلاقة بين الهدوء والوداعة ، علاقة بديهيه : إذ أن الهدوء هو فرع من فروع الوداعة ، أو مظهر من مظاهرها ، حتي أن اسميهما قد يتبادلان المواقع . فحينما تتكلم عن الهادئ تتكلم عن الوديع . وحينما تتكلم عن الوديع تتكلم عن الهادئ . والإنسان الذي يفقد هدوءه ، لا شك يفقد وداعته إذن حينما تتكلم عن العلاقة بين الهدوء والوداعة ، إنما نتكلم عن العلاقة بين الجزء والكل . 1- العلاقة بين الهدوء والعمق : الإنسان الهادئ يمكنه بهدوئه أن يصل إلي العمق ، إن كانت له موهبة التأمل .. ولكن لا يشترط أن يكون كل هادئ عميقاً . إنما الأصح أن نقول إن كل إنسان عميق يكون هادئاً … وهنا تعجبني عبارة قالها أحد الأدباء الروحيين . ولعلني كررتها عليكم أكثر من مرة وهي . " حينما رمي بي الله حصاة علي بحيرة الحياة ، أحدثت فقاقيع علي سطحها ، ودوائر لا حصر لها . ولكنني حينما وصلت إلي القاع ، صرت هادئاً ". كذلك الأمواج تكون صاخبة علي سطح البحر ، أما عمق البحر أو عمق المحيط ، فيكون هادئاً .. وهكذا الإنسان فإنه في فترة طياشته ، وفترة الحياة السطحية غير العميقة ، يريد أن يحدث فقاقيع علي سطح الحياة ودوائر لا حصر لها . ولكنه حينما يصل إلي السن الناضجة ، وإلي الفكر العميق ، يصير هادئاً … الإنسان السطحي عير العميق لا يكون هادئاً ، بل يجول باحثاً عن ذاته ، أو محاولاً أن يحقق ذاته ، هنا وهناك ! 2- هنا واجب أن أفرق بين العمق والذكاء وعلاقة كل منهما بالهدوء . بعض الاذكياء يكون الذكاء عندهم مجرد قدرات عقليه . ولا تكون نفوسهم ولا قلوبهم في نفس مستوي عقولهم ، فلا يصلون إلي العمق بمعناه الكامل ، أقصد العمق في الفكر وفي القلب وفي النفس وفي الروح . فليس كل ذكي عميقاً . ولكن العميق يكون ذكياً . والذكي بدون عمق ، قد يقع في أخطاء تفقده هدوءه . ربما يفهم الذكي ما لا يفهمه غيره ، فيستصغر هذا الغير ويشبعه لوماً وإنتهاراً ؟، وإن كان يعمل معه أو تحت إمرته ، ويفقد الهدوء في تعامله معه . وربما لذكائه يكتشف كثيراً من أخطاء الناس ، فيثور عليهم ، أو يتضايق في داخله من أخطائهم ، وهكذا يفقد هدوءه من الداخل ومن الخارج . إن الذكاء - مجرد الذكاء - له حروبه وله متاعبه ، إن لم يكن مصحوباً بالوداعة والاتضاع .. وهكذا إن كان العقل صخاباً ومتعالياً ، فقد هدوءه . وإن تكبر العقل واعتز بذاته ، فقد الهدوء والسلام في علاقته مع الله ومع الناس . فعلي كل من يهبه الله ذكاء ، أن يصلي ليهبه الله وداعة وتواضع قبل ، حتي لا يقع الذكاء في الغرور ، والغرور يفقده الهدوء . 6- علاقة الهدوء بفضيلة الإتضاع :
قال القديس دورثيئوس : { الإنسان المتواضع لا يغضب أحداً ، ولا يغضب من أحد }. إنه لا يغضب أحداً ، لأنه يطلب بركة وصلاة كل أحد . وهو لا يغضب من أحد ، لأنه باستمرار يأتي بالملامة علي نفسه في كل شئ . ومن كان هذا شأنه ، يعيش في هدوء مع جميع الناس . فإن فقد إتضاعه ، يفقد هدوءه . كذلك المتواضع لا يفقد هدوءه بسبب الرغبات والسعي وراءها ، لأنه لا يري نفسه مستحقاً لشئ ، ولا يجب أن يرتفع عن الوضع الذي هو فيه .. 7 - علاقة الهدوء بالإيمان والتسليم : الذي يحيا حياة الإيمان ، يعيش في هدوء مسلماً بالكلية لله ، ويقبل كل شئ بإيمان من يديه الحانيتين ، فلا يضطرب لشئ ولا يتضايق ، بل يكون هادئاً باستمرار يقول مع داود النبي :{ وإن قام علي جيش ، ففي ذلك أنا مطمئن }. بالإيمان يقول :} كله للخير { . وأن حاقت به مشكلة ، يؤمن أن الله سيحلها ، لذلك يبقي قلبه هادئاً ، وإن أتعبته الضيقات يقول :} مصيرها تنتهي {، فيهداً قلبه .. وبعكس ذلك من يبعد عن حياة الإيمان والتسليم ، تتعبه أفكاره ولا يهدأ ابداً . وإن ألمت به المشاكل ترهقه أرهاقاً ، لأنه لا يضع أمامه معونة تأتي من فوق . ومن الناحية الأخري فإن الذين لا يحبون حياة الأيمان يحاولون أن يكونوا سبباً لتعكير هدوء غيرهم ، بما يجلبونه عليهم من إيذاء وإضرار . 8 - علاقة الهدوء بالحياة مع الله . ما أجمل قول القديس أوغسطينوس في كتاب إعترافاته ، مخاطباً الرب بهذه العبارة الجميلة العميقة : } سيظل قلبي مضرباً ، إلي أن يجد راحته فيك { .
ذلك لأن هدوء القلب ليس مصدره العالم وشهواته ورغابته إنما مصدره الله وحده. فكل من يعيش بعيداً عن الله ، لا يمكن أن يحيا في هدوء ، ويظل قلبه مضرباً تعصف به الأهواء ، إلي أن يعرف الله ويذوق حلاوة العشرة معه . | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:54 pm | |
| فائدة الهدوء
وحينئذ فقط يجد الهدوء والسلام ، كمسافر في بحر مضطرب وصل إلي ميناء الأمان .. في الهدوء يستطيع الإنسان أن يفكر تفكيراً متزناً . وبالهدوء يمكنه أن يحل مشاكله ، بأعصاب غير مضربة وفكر غير مشوش . في الهدوء يمكنه أن يتعامل مع الناس ويتقبلون منه كلامه . وعلي العموم الشخص الهادئ محبوب من الناس . وما أجمل قول القديس بطرس الرسول "{ زينة الروح الوديع الهادئ } {1بط4:3}. فالهدوء إذن زينه للروح . والهدوء وصية مقدسة ، دعانا إليها الكتاب . فالقديس بولس الرسول يقول { إحرصوا أن تكونوا هادئين }{1تس11:4}. والكتاب يقول إن :{ الهدوء يسكن خطايا عظيمة }{جا4:10}. وحتي في الحياة العملية ، الشئ الذي يعمل في هدوء يأتي بنتائج أفضل .. القربان الذي يخبز علي نار هادئه يكون سليماً . بينما الذي يخبزونه علي نار شديدة . يحترق من الخارج ، ويكون الداخل ليناً وكذلك الطعام الذي يسوي علي نار هادئة ، يكون أفضل طعماً وأكثر فائدة . وبالمثل الزراعة التي تروي بطريقة هادئة وفي التعامل مع الناس ، الطريقة الهادئة أكثر تأثيراً في النفس ، وتأتي بنتائج مقبولة .. وبعكس ذلك الطرق العنيفة التي تأتي بردود فعل سيئة ولعناً سنتكلم عن فوائد الهدوء بالتفصيل في الفصول المقبلة .
مضار عدم الهدوء
لشخص غير الهادئ نفسياً ، يضع هموم الدنيا كلها فوق رأسه . وتصيبه مشاكل كثيرة . يقفد سلامة الداخلي ، ويقع في القلق والإضطراب النفسي ، مع ما في كل ذلك من أتعاب . وقد يقع أيضاً في الكآبة والحزن والإضطراب .. وقد يصاب نتيجة لذلك بأمراض عديدة : منها تعب أعصابه فقدان الهدوء يسبب توتراً في الأعصاب . وتوتر الأعصاب يفقد الإنسان هدوءه . وكلاهما سبب للآخر ونتيجة . والإنسان غير الهادي عصبياً ، يضر نفسه صحياً وفكرياً وإجتماعياً . إنه يفقد شخصيته ، ويفقد إحترام الناس له .. المدرس الهادي الحازم محترم من تلاميذه . أما الذي يثور علي تلاميذه ويضج ، مهدداً ومتوعداً ، أو شاتماً وموبخاً ، فهذا يفقد إحترامهم له ، وقد يصبح العوبة في أيديهم : متي أرادوا أن يثيره يمكنهم إثارته .. وكذلك الأم التي تعامل أطفالها بالصراخ والإنتهار والزعيق ، وبالضرب أو التهديد ، وتظن أنها بهذا الأسلوب تربيهم !! هذه تفقد أعصابها ، وايضاً تفقد محبتهم . وتصبح حياتها ضجيجاً مستمراً ، وصراعاً مع الأطفال . والإنسان غير الهادئ عصبياً ، يفقد سلامه مع الناس . إنه يغضب عليهم ، فيغضبون عليه وإن فقد هدوءه وثار عليهم ، ما أسهل أن يعاملوه بالمثل ، فيفقد صداقتهم ومحبتهم ، وقد يفقد إحترامهم ايضاً ، ويتعرض لعداوتهم . ويدخل في سوء علاقة مع الناس . إن فقد هدوءه ، قد يصل إلي الصخب والضوضاء والضجيج . وربما يصل إلي الثورة والعنف . أو في فقدان الهدوء يبدو عليه الإضطراب الخارجي نتيجة لأضرابه الداخلي ، وتبدو تصرفاته غير متزنة . أقل كلمة تعكره ، وأقل تصرف يثيره ، لأنه غير هادئ . وقد يكون له رغبة في الإنتقام ، وفي الدفاع عن نفسه ؟ وفي إثبات وجوده ، وفي حماية كرامته ، ثأئراً بغير وصول إلي نتيجة . وهكذا يصطدم مع الأخرين . بينما الهادئ – حتي إذا أثير يرد في هدوء، ويكسب الموقف في هدوء . غير الهادي يخسر المواقف ، وتمسك عليه أخطاء .. وربما يكون هو المتعدي عليه ، ولكنه حينما يرد بعنف ويخطئ في الرد ، حينئذ ينقلب الموقف ، ويصبح هو المتعدي وليس المتعدي عليه !! أما الهادئ : فحتي إن كان مناقشه ثائراً ، فإنه يهدئه . وكما قال الكتاب :{ الجواب اللين يصرف الغضب }{ أم1:15}. وأيضاً : { كلمات الحكماء تسمع في الهدوء ، أكثر من صراخ المتسلط بين الجهال }{جا17:9}. وبينما يقع غير الهادئ في خطايا كثيرة ، يقول الكتاب : } الهدوء يسكن خطايا كثيرة {} جا4:10{. ويقول أيضاً {هدوء اللسان شجرة حياة }{أم4:15}.إننا لا نستطيع أن نحصي الأضرار والنتائج السيئة التي تحدث من معالجة الأمور بعنف أو بشدة أو بعصبية …وقد يظن غير الهادئ أنه بهذا العنف إنما يعبر عن رجولته وقوة شخصيته !! بينما العصبية والعنف، لا يدلان إطلاقاً علي رجولة أو علي قوة شخصيته . ودئماً الهادي هو الشخص الأقوي .. أقوي لأنه إستطاع أن يتحكم في اعصابه وفي ألفاظه . وأقوي لأنه إرتفع فوق مستوي الإثارة فلم تقو عليه .. وايضاً لأنه في هدوءه يمكنه أن يتحكم في الموقف ، وأن يفكر في حل الإشكال بدون إنفعال . ولهذا قال الرسول :{ يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء }{رو1:15}.
ما أعمق عثرة الأبناء من أبوين متشاجرين . يفقد البيت هدوءه . ويتنافس الأب والأم في عصبية . وربما يتشاتمان ويتشاجران . وكل منهما يريد أن يثبت أنه الأقوي ، وأنه علي حق . وأنه يستطيع أن يرد علي الطرف لآخر بمثلها وبمثل مثلها .. وتكون النتيجة أنهما يخسران إحترام أبنائهما لهما ، بعثرة أو قدرة سيئه توضع أمامهم . كما أن هذين الوالدين يخسران سمعتهما أما الجيران .. فيقولون إنه بيت فقد هدوءه .. ! لعل الصفحات المقبلة ستبين بتفصيل أكثر مضار الهدوء ..
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:54 pm | |
| امثلة من الهدوء
أروع مثل هو الله نفسه ، تبارك أسمه . ليتنا نتأمل في الهدوء الذي خلق الله به الكون . والهدوء الذي روي به الكتاب قصة هذا الخلق .. وكمثال يقول الكتاب :{ ثم قال الله ليكن نور فكان نور . ورأي الله النور أنه حسن . وفصل الله بين النور والظلمة }{ تك3:1}. كل هذا الحدث العظيم يروي في عبارة بسيطة { فكان نور}.. بل ما أعجب هدوء الله في مقابلة الوثنية والإلحاد ! هؤلاء ينكرون وجود الله ، أو يبعدون الحجار والمعادن بدلاً منه .. فلا تقوم ثورة في السماء ضدهم . ولا ينزل الله نازاً من السماء فتحرقهم وتبيدهم ..! ويجدف أناس علي الله ، والله هادئ . وهؤلاء المجدفون ما زالوا علي قيد الحياة يعيشون ، ويتمتعون كأن شيئاً لم يحدث . *حقاً إن البشر ينتقمون لله ، ولا ينتقم الله لنفسه ! الله تارك هؤلاء جميعاً إلي يوم الدين .. وأما الآن فإنه مازال يقدم لهم فرصاً للتوبة وللرجوع . بل أكثر من هذا يقول الكتاب عن الله أنه :{ يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين ، ويمطر علي الأبرار والظامين }{مت45:5}. أي أن الأشرار والظالمين أيضاً بنعمه العامة … وكأنهم لم يسكروا وصاياه !! * بل ماأعظم هدوء الله في معاملته للشيطان !! هذا الكائن الشرير الذي يتحدي ملكوت الله بكل عنف وبلا مبالاة ، ويحاول بكل الحيل ان يبعد الناس عن الله ، وينشر في الأرض الفساد .. ومع ذلك كله لا يزال الشيطان موجوداً . وكان بإمكان الله أن يبيده ويفنيه .. ولكن الله لم يفعل ، وقابل كل عصيان الشيطان في هدوء ، وتركه بمبداً تكافؤ الفرص ، ليجرب المؤمنين ، إلي أن ينال جزاءه في اليوم الأخير . وأحياناً يتمادي الشيطان ، فيوقفه الله عند حده في هدوء وكثيراً ما يبعد شروره وتجاربه في هدوء دون أن نشعر أنظروا أيضاً الهدوء الذي تمت به معجزة الجسد . جاء الرب إلي عالمنا في هدوء شديد ، لا في مركبة من الكاروبيم ، ولا وسط أناشيد وتسابيح الملائكة ، وإنما هدوء شديد ، حتي أن هيرودس لم يشعر به ، ولم يعلم أين يوجد ..! بينما كثير من الناس إن دخلوا مكانهم ، يسبقهم ضجيجهم إليه ويرفعون صوتهم ليدل علي قدومهم ، أو ينادي البعض من هنا وهناك … انظروا هدوء الله أيضاً في صنع المعجزات . كثيراً ما تحدث المعجزات في الخفاء ، دون ان يراها أحد ، ودون أن يعلن الله عنها ، ثم تخبر عنها بعض الناس . وما أكثر فواحدة ، ما كان العالم يسع الكتب المكتوبة { يو25:12}. وكمثال لذلك المنعجزات التي حدثت أثناء زيارة العائلة المقدسة لمصر … تمت في هدوء ، ولم تكتب في الإنجيل . وكل ما نعرفه أن التاريخ روي بعضها …
انظروا أيضاً إلي السماء في هدوئها ، وكذلك الملائكة وأرواح القدسيين .. إنها مثال عجيب للهدوء . وكل الملائكة الذين ينفذون أوامر الله بسرعة عجيبة وفي هدوء عجيب . وقد وضعوا أمامهم عبارة { تكن مشيئتك }. وأيضاً يعمل الملائكة علي الأرض معنا ومن حولنا ، بهدوء عجيب حتي أننا قد لا نشعر وبعملهم ومع ذلك { ألبسوا جميعهم أرواحاً خادمة ، مرسلة للخدمة لأجل العتدين أن يرثوا الخلاص}{عب14:1}. وبنفس الهدوء تعمل معنا أرواح القديسين . لقد تعلموا الهدوء من السيد الرب . تأملوا أيضاً هدوء السيد المسيح في فترة تجسده علي الأرض . هدوء في الرد علي معرضية من الكتبة والفريسيين والصدوقيين والكهنة وشيوخ الشعب .. والهدوء العجيب الذي كان يقابل به تحدياتهم وشتائمهم وإتهاماتهم الباطلة له .. وكيف كان يرد عليهم بموضوعية وبإقناع ، دون أن يثور علي ألفاظهم الجارحة ، وهو يقولون له :{السنا حسناً نقول إنك سامري وبك شيطان }{يو48:8}. أو حينما قالوا عنه أنه :{أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة }{مت19:11}. بل ما أعجب هدوء الرب ، أثناء القبض عليه .. انتظر تللك الساعة في هدوء ، واستقبلها في هدوء .. في هدوء داخلي ، وفي هدوء خارجي . وقف في هدوء يقول لهم :{ من تطلبون ؟} { أنا هو }. ومن فرط هدوئه ، رجع الجند إلي الوراء وسقطوا علي الأرض {يو17: 5-8}. في هدوء استقبل قبلة يهوذا الخائن دون أن يجرح شعوره ، بل قال له : { يا صاحب لمناذا جئت }{مت50:26}. كانت كل تصرفاته في تلك الساعة الحرجة في منتهي الهدوء . إهتم بسلامة تلاميذه ، فقال للجند :{ إن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون }{يو8:18}. ولما أراد بطرس الرسول أن يستخدم العنف واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه ، أمره الرب بالتزام الهدوء ،قائلاً له : { رد سيفك إلي مكانه . لأن كل الذين يأخذون السيف ، بالسيف يهلكون }{مت26: 51،52}. وأثناء محاكمته ، كان هادئاً جداً .. { كشاة تساق إلي الذبح .. صامته أمام جازيها ، فلم يفتح فاه }{إش7:53}. وفي مجلس السنهدريم واجهوه بتهم { أما هو فكان ساكتاً ولم يجب بشئ }{مر61:14}. وأمام شهود زور لم تتفق شهاداتهم .. وأما بيلاطس كان هادئاً جداً وقف صامتاً . وحينما كان يتكلم ، كانت إجاباته تذهل الوالي حتي قال :{ لست أجد عله في هذا البار }. ولما دفن ، قام من الموت في هدوء عجيب .. في ساعة لم يعرفها أحد ، وبدون ضجيج ، وبدون إعلان أمام الناس ، وبدون مظاهر عظمة وقوة .. حتي شك اليهود في قيامته . وأشاعوا أن تلاميذه أوتوا ليلاً وسرقوه { مت28: 13،15}. ما هذا العجب ؟! يعوزنا الوقت إن تحدثنا عن كل هدوئه ، ولن نستطيع .. ومن قدرة الرب ، كان هدوء الشهداء أثناء إستشهادهم ... هدوء عجيب أثناء القبض عليهم ، وأثناء محاكمتهم ، وأثناء تعذيبهم . وفي فترات سجنهم ، وفي ساعة الموت .. بل كانوا يرتلون ويسبحون الله وهم في أعماق السجون ، كما فعل بولس وسيلا ، وهما في السجن الداخلي وأرجلهم مضبوطة في المقطرة { أع16: 24،25}. كيف إستقبلوا الموت ، بكل هدوء وبكل فرح . إنها قصص طويلة متعددة الجوانب ، تعطي صورة مشرقة للنفوس الهادئة ، التي إستمدت هدوءها من الإيمان العميق بالحياة الأفضل بعد الموت . أو قد إستمدت هدوئها من روئ وإعلانات كانت تطمئن النفس علي مصيرها الأبدي . أما قصص هدوء القديسين في حياتهم ، فهي عجيبة وطويلة .. ولكن لعلنا نقدم هنا مجرد إشارات :
منها الهدوء الذي عاشه الآباء في البرية . هدوء الطبيعة العجيب ، هدوء النفس من الداخل ، هدوء الفكر في تأملاته .. بل أيضاً الهدوء الذي قابلوا به حروب الشياطين ، بدون خوف ولا إنزعاج . والهدوء الذي سلكوا به في معاملاتهم . حتي قيل أنهم : { ملائكة أرضيون أو بشر سمائيون }.. وذلك بفضل حياة الوادعة التي إتصفوا بها . وهدوء الطبع الذي لا يثور ولا يغضب مهما كانت العوامل الخارجية ضاغطة عليه ، ومهما تعرض لأهانات أو إتهامات باطلة . ما أعجب هدوء القديسة مارينا ، كمثال . حيث إتهمت بأنها زنت – كرجل – وأنجبت أبناً من فتاة مثلها ! كيف تقبلت التهمة في هدوء ، دون أن تدافع عن نفسها ! وكيف قضت فترة توبة عن خطية لم ترتكبها . كل ذلك دون أدني شكوي أو تذمر …! وبالمثل القديسة التي كانوا يسمونها } الهبيلة {. في أيام القديس الأنبا دانيال .. كيف إحتملت الإهانات المستمرة بكل هدوء ، وبفرح ، كأكليل مجد علي راسها ..
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:55 pm | |
| انواع الهدوء
1- هدوء الطبع .
2- هدوء الأعصاب.
3- هدوء اللسان .
4- الهدوء الداخلي .
هدوء القلب والفكر .
5- هدوء الملامح .
6- هدوء الجسد والحواس .
الهدوء يشمل عناصر متعددة : منها هدوء الطبع ، هدوء الأعصاب ، هدوء الجسد ، بما في ذلك هدوء الحواس الحركات والملامح . هناك أيضاً الهدوء الداخلي ، هدوء النفس ، ويشمل هدوء القلب وهدوء الفكر . ومنها يأتي أيضاً هدوء الكلام ثم أيضاً هدوء التصرف . والإنسان الهادئ بالحقيقة ، يكون كل ما فيه هادئا : الإنسان الهادئ تصرفاته هادئه ، ومعاملاته مع الناس هادئة . ويعيش في سلام داخلي ، ومنه يشع سلاماً في الخارج . ما فيه من هدوء داخلي ، يفيض هدوءاً في الخارج : إن تكلم يتكلم في هدوء . ولا يمكن أن يفقد هدوءه مهما كانت الأسباب ، ومهما كانت المثيرات من الخارج ، لأنه تعود أن يكون هادئاً . وصار الهدوء له طبعاً …
بعكس ذلك من تكون طباعهم غير هادئة . هنا نذكر :
هدوء الطبع
قد يولد البعض هادئين بطبعهم أو بطبيعتهم ، وربما ورثوا الهدوء من آبائهم . وغيرهم تدربوا علي الهدوء ، ومارسوه ، وتعودوا عليه ، فصار لهم طبعاً … غير أن البعض علي عكس ذلك ، ليس لهم هدوء في طبيعتهم .. طبيعتهم نارية : أينما يحل الواحد منهم ، يحل معه التوتر والغليان ، ويسبقه ضجيجة . هو عبارة عن شعلة متقدة ، أينما القيت أحرقت وأشتعلت ، وتفجر منها الشرار .. نظراته من نار ، كلماته قذائف ، طلباته أوامر وتهديدات ، ولا تقبل التأجيل . إن الطبيعة الثائرة ، إن وجدت هادئاً تثيره .. أما الطبيعة الهادئة ، فإن وجدت ثائراً تهدئه . فيما هي طبيعتك إذن ؟ أهي طبيعة نارية ، أم طبيعة هادئة علي أية الحالات لا يتأس ، ولا تستسلم إلي حال أنت فيه ، حتي إن كنت قد ولدت بطبيعة نارية … فالطبائع يمكن أن تتغير ، وأن تتدرب علي عكسها . القديس موسى الأسود ، في بدء حياته كان له طبع قاس مخيف قتال . فتحول إلي إنسان هادئ ولطيف ، محب للناس ومحبوب منهم . إنسان مضياف وديع بشوش . والقديس يوحنا الحبيب ، لم يبدأ حياته هكذا ، إنما كان هو وإخوه يعقوب يلقبان { بوانرجس } أي إبني الرعد { مر17:3}. ولما رفضت إحدي قري السامرة قبول الرب ، طلب إليه يعقوب ويوحنا أن { تنزل نار من السماء فتفنيهم } { لو54:9}. ولكن هذا الطبع الناري هذا بالوقت وبعمل الروح ، تحول يوحنا إلي الحبيب الذي يتكلم عن الحب .. في موضوع الهدوء ، ما أعظم الفرق بين طبيعة الجذور وطبيعة الأغصان والفروع . الأغصان بطبيعهتا تتماوج مع الرياح يميناً ويساراً حسب إتجاه الريح . وقد تحدث في تمايلها صوتاً أو ضوضاء . أما الجذور فتمتد في الأرض في هدوء وبلا صوت ، تتغذي وتغذي الأغصان الصاخبة أيضاً …
ننتقل من هدوء الطبع إلي نقطة أخري هي :
هناك أشخاص أعصابهم هادئة ، وآخرون أعصابهم ملتهبة .
هدوء الأعصاب
الشخص الهادئ الأعصاب لا ينفعل بسرعة ، وربما لا ينفعل ببطء . كأنه الجبل الراسي .. أو هو كالجنادل الستة التي تعترض النيل النوبي ، مهما عصفت بها الأمواج تبقي هادئة في مكانها، ولا تتأثر بشي من الصخب الذي حولها ..
أما الإنسان الثائر الأعصاب ، فإنه ينفعل بسرعة ، ويثور ويصخب ويضج ، وربما لأتفه الأسباب ، أو لغير ما سبب ، لمجرد شكوكه الداخلية وتصوراته للأمور . الشخص الهادئ الأعصاب هو إنسان قوي : لأن الأسباب الخارجية عجزت عن أن تثيره ، بل إستطاعت أعصابه القوية أن تصمد أمامها . وبسبب قوته الداخلية هذه ينال إحترام الناس وإعجابهم … أما الثائر الصاخب ، فمهما ثار وضج ، وشتم وهدد ، وبدا وكأنه يخيف غيره ، فإنه لا ينال إحترام أحد . ثورته تدل علي ضعف أعصابه ، أو ضعف شخصيته … إن أراد أحد أن يجعله منظراً للناس وهزأة ، فإنه يستطيع .. كمثال لذلك : إن وجد مدرس ضعيف الأعصاب لا يحتمل خطأ أو إثارة من طالب ، فأن أي تلميذ يستطيع أن يقول لزميله : أتريد أن أجعلك تتفرج علي هذا المدرس وهو في حالة عصبية ، ليست مخيفة للتلاميذ بل هي مضحكة ؟ ويتصرف التصرف الذي يعرف أن المدرس سيثور بسببه . ثم يتفرج عليه ! هدوء الأعصاب يتعلق بسببين : أحدهما جسدي ، والأخر نفسي . والأسباب العضوية التي تتعب الأعصاب كثيرة ، وليس مجالها الآن . ولكننا سنتعرض هنا إلي سبب جسدي كثيراً ما يتعب أعصاب الناس ، حتي الفضلاء منهم . وهو الإرهاق . إن كان الجسد مرهقاً بسبب التعب والمجهود الزائد ، حينئذ تكون الأعصاب في حالة عدم إحتمال . نصيحتي لك في هذه الحالة ، لا تدخل في حديث طويل ولا في نقاش مع أحد ، وبخاصة مع الذين لهم صلابة في رايهم وليس من السهل إقناعهم .. ولا يصح في حالة الإرهاق هذه ألأن تثبت في أمرهام أو تتعرض لحل مشاكل .. وإحترس من الجدل وأنت مرهق ، فربما تفقد أعصابك … حالة الإرهاق يلزمها النوم ، أو علي الأقل الراحة والإسترخاء . وعلي أحبائك أن يلاحظوا حالات الإرهاق التي تكون فيها ، فلا يدخلوا معك أثناءها في مناقشة أو حل مشكلة . ومن الوسائل التي تساعد علي هدوء الأعصاب ، وروح المرح والبشاشة : فالمرح يوجد في الجسد حالة من الإسترخاء تريح الأعصاب . وكل الذين يتصفون بروح المرح ، تكون أعصابهم هادئة ، ولا يتضايقون بسرعة . وربما يقابلون الإثارة بفكاهة تضحك مثيريهم أيضاً ، ويهدأ الأمر . أما المتزمتون الذين يظنون أن الضحك خطية ، فغالباً ما تجد أعصابهم متوترة .. والجدية الخشنة التي يقابلون بها تصرفات الناس ، كثيراً ما تفقد الجو هدوءه ويتأزم .. أرجو أن نعود إلي هذه النقطة بمشيئة الله حينما نتحدث عن مسببات الهدوء .. وننتقل حالياً إلي الحديث عن الأضرار التي تنتج عن عدم هدوء الأعصاب : الشخص الثائر الأعصاب يؤذي نفسه نتيجة لأعصابه غير الهادئة ، كما يؤذي غيره أيضاً . يوذي نفسه بأمراض الأعصاب . وبما ينتج عن إنفعالاته وثوراته من أمراض القلب وضغط الدم ، وكذلك الأمراض النفسية العديدة . وقد يضطر إلي تعاطي المهدئات والمسكنات والمنومات ، التي تريح أعصابه إلي حين ، ثم يرجع الشد مرة أخري بدوافع نفسية من الداخل ، ودوافع مثيرة من الخارج ، فيرجع إلي المهدئات … ! وتصبح أعصابه مثل الأستك الذي بتوالي شده وإرخائه يفقد مرونته ويتلف .. ويدخل في دموامة من مشاكل الأمراض العصبية ، التي يحاول الطب معالجة نتائجها ، بينما الأهم هم معالجة أسبابها . وفي المقدمة الإقتناع بالهدوء . فالنفس الهادئة لا تصاب بأمراض عصبية ولا تحتاج إلي مهدئات لأنها هادئة بطبعها ..
الشخص الذي يتحكم في أعصابه ويهدئها ، يمكنه أن يتحكم في ألفاظه أيضاً ولا يخطئ . وكذلك يمكنه أن يتحكم في تصرفاته ، ويكون عنده ضبط النفس . بهذا كله يكسب المواقف ولا يخسرها . لذلك إن وجد إنسان أن أعصابه غير هادئة ، عليه أن يؤجل بعض اللقاءات والإجتماعات التي يفسدها عدم هدوء الأعصاب . ويؤجل أيضاً إتخاذ القرارات وهو في مثل هذه الحالة . ومسألة الأعصاب هذه ، تتعلق بالحياة الروحية بوجه عام . فالإنسان الروحي يدرب نفسه علي الوداعة والهدوء وعدم الغضب ، كما يدرب ذاته علي ضبط النفس والتحكم في ألفاظه ، وعلي السلام مع الناس . وبالتالي يصل إلي هدوء الأعصاب . لذلك يلزم للوصول إلي هدوء الأعصاب ، معالجة العوامل النفسية الداخلية التي تؤدي إلي توتر الأعصاب . ومن ضمنها الحساسية الشديده نحو الكرامة الشخصية ، والثائر بأقل لفظ يظنه جارحاً له . كذلك موقفه من أخطاء الأخرين ومقابلتها بالعنف ، ومحاولة الإنتقام لنفسه محافظة علي حقوقه !! كل هذه الأمور تحتاج إلي موقف روحي سليم ، وإلي إقتناع داخلي بأنه يمكنه الإحتفاظ بشخصيته وحقوقه وكرامته عن طريق الهدوء .. وعليه معرفة أن ثورة الأعصاب ، من الأخطاء المكشوفة . فهي نقطة واضحة امام الناس ، تصرخ قائلة إن صاحبها عجز عن حل مشكلته بالعقل والمنطق ، وعجز عن حلها بالهدوء ، فلجأ إلي الأعصاب . والذي تثور أعصابه ، يعطي دليلاً علي أن الشر قد غلبه ولم يستطيع مقاومته ، فثار .. بينما يقول الرسول : { لا يغلبك الشر ، بل إغلب الشر بالخير }{ رو21:12}.
الثأئر الأعصاب شخص منهار . والهادئ الأعصاب إنسان متماسك .
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:55 pm | |
| هدوء اللسان
اللسان الهادئ محبوب من الكل . واللسان غير الهادئ يوقع صاحبه في أخطاء كثيرة . وعدم هدوء اللسان له مظاهر عديدة نذكر من بينها : 1- اللسان الكثير الكلام ، الذي لا يتوقف ، بينما يقول الكتاب : } كثرة الكلام لا تخلو من معصية { } أم19:10{ . إنه لسان يتكلم باستمرار ، في أي موضوع ، حتي في ما يخرج عن إختصاصه وعمله . لا يستطيع أن يصمت . لا يستطيع أن يضبط ذاته داخل شفتيه وأسنانه . لابد أن يخرج وأن يتكلم ، ولا يبطل الكلام إطلاقاً .. حتي في أدق نقط العلوم ، حتي في أدق أخبار السياسة ! المهم أن يتكلم وكفي .. حتي في أحبار الناس ، وفي أسرار الناس وفي خصوصيات غيره . وإنه لسان غير هادئ ، غير مضبوط . ومن عدم هدوئه لا يستطيع صاحبه أن يتحكم فيه ولا أن يهدئه . يقول يعقوب الرسول . } إن كان أحد فيكم يظن أنه دين ، هو ليس يلجم لسانه ، بل يخدع قلبه ، فديانة هذا باطلة {}يع26:1{ . إذن يحتاج كل إنسان أن يلجم لسانه ، ولا يتركه علي حريته جامحاً يجري من موضوع إلي موضوع ، بغير إنضباط وبغير هدوء .. وإن لم يستطع ، فليصل ويقول : { ضع يارب حافظاً لفمي ، وباباً حصيناً لشفتي }. 2- ومن عدم هدوء اللسان : حدة الصوت وعلوه وصخبه . يعطينا الكتاب مثالاً عن الكلام الهادئ ، في حديث الله مع إيليا النبي : { حدثت زلزله وريح عاصفة ونار . ولم يكن الله في الزلزلة ، ولا في الريح ، ولا في النار . وإذا صوت منخفض خفيف يقول له : مالك ههنا يا إيليا }{1مل19: 11-13} وكان هذا هو صوت الله إليه .. الهادئ يتكلم بصوت هادئ ، كأنه النسيم العابر . أما غير الهادئ فيتكلم كأنه العاصفة الهوجاء . هناك أشخاص حتي في الوعظ ، يعظون بصوت عال وحاد وينتهرون الشعب في عنف ، وأمامهم ما كان يقال عن الخطباء قديماً ،؟ إنهم { يهزون أعواد المنابر }. ويكون السامعون جالسين علي صابهم …
ويكون تأثير هذا الوعظ هو الإنفعال وليس التأثير الروحي . الواعظ الروحي يقنع الناس بالتعليم الروحي في هدوء وبعمل الروح فيه وفيهم ، يشغلهم بمحبة الله ، بانفعال الروح . وليس بانفعال حواس الجسد .. ولذلك كثيرون ينفعلون أثناء العظه من الواعظ الإنفعالي . ثم يفقدون هذا الإنفعال بعد حين . أما الإقناع الروحي الهادئ ، فهو أكثر تأثثراً وثباتاً داخل النفس .. وإن كان الصوت العالي يستخدم أحياناً وسط الجماهير لكي يسمعوا ، فما لزوم إستتخدامه في الأحاديث الخاصة ؟! الشخص الهادئ لا يرفع صوته وهو يتحدث مع الآخرين . لا يعلو صوته فوق إحتياج السامع . لذلك في نقاشه لا يحدث ضجيجاً . أليس أمراً معيناً أن يتنافس البعض فتعلو أصواتهم وتتداخل ، حتي ليحسبهم سامعون يتشاجرون !! نعم ، هناك أشخاص يصيحون حين يتكلمون ، ويصرخون حين يهمسون . ويتكلمون بسرعة ، وفي صوتهم ضوضاء .. 3- من مظاهر عدم هدوء الصوت أيضاً : الألفاظ الشديدة الجارحة . إنسان مثلاً ، كلامه شديد وصعب ، كلام مر وجارح ، ناقد ولاذع وهدام تخرج الكلمات من فمه ، كأنها قذيفة إندفعت من صاروخ .. وبينما يستطيع هذا الأنسان أن يعبر عن رايه وقصده بألفاظ هادئة . 4- ومن مظاهر هدوء اللسان ، هدوء الحوار . الإنسان الهادئ يناقش في هدوء ، وبه يكسب الآخرين . كما كان يفعل القديس ديديموس الضرير الذي كان يناقش الفلاسفه والوثنيين في أدب جم ، دون أن يهاجمهم . كانت طريقته أن يربحهم ، لا أن يحطمهم أو يخجلهم. أما المناقش غير الهادئ ، فإنه يحول الحوار إلي عراك وإلي شجار ، تحمي فيه المناقشة ، ويتوتر الجو ويتكهرب إلي أبعد حد . تجد في أسلوبه تحفزاً وهجوماً ، وإستعداداً عنيفاً للرد قبل أن يسمع الرأي . وهو يحاورك لا لكي يفهمك ،أو يصل معك إلي الحقيقة إنما يناقشك لكي يفحمك ، لكي يهزمك ، يحطم آراءك ، ويظهر ضعفك . وأثناء المناقشة لا مانع من أن يتهكم عليك وعلي آرائك ، ويهزأ بك وبها .. كأنك عدو يريد أن ينتقم منك . أما المناقش الهادئ ، فإنه يكسبك صديقاً أثناء حواره يتكلم في موضوعية ، بكل هدوء ، ولا يتعرض لشخصك ، ولا يقاطعك أثناء الكلام . وإن كنت ثائراً يهدئك .. وقد يقنعك ، وتوافقه علي رايه ، دون أن تشعر أنك خرجت منهزماً .. هدوءه لا يشعرك مطلقاً أنكما خصمان ، إنما صديقان يحاولان معاً أن يصلا إلي الحقيقة . وبعكس المناقش غير الهادئ ، الذي تحمر عيناه أثناء المناقشة ، ويعلو صوته ويتحتد ، وتعترض في عصبية وعنف . وقد يتلقظ بألفاظ تحمل معني الإهانة . غير الهادئين إذا تناقشوا يقاطعون بعضهم بعضاً . قد يكون خمسة في مناقشة : أربعة يتكلمون في نفس الوقت ، وواحد فقط يسمع هذا الضجيج . وليس عند أحد إستعداد لأن يسمع غيره . إنما كل منهم يقاطع الآخر بينما إن كان مائة من الهادئين يتناقشون ، يكون ذلك بنظام شديد ، ولا تسمع في الخارج صوتاً .. إن أفكاراً كثيرة تتصارع ، بينما الحق واحد . ولكن كل إنسان يري أن الحق هو فكره الخاص . بالهدوء يمكن أن يتلاقي الناس ، مهما إختلفت أفكارهم ، في هدوء الحوار المشبع بالحب .. 5- وما نقوله عن الحوار يمكن أن نقوله عن العتاب . العتاب الهادئ يوصل إلي الصلح . والعتاب الصاخب يزيد الفرقة والخصومة . ولنا مثال جميل في عتاب السيد المسيح لبطرس بعد القايمة . لم يقل له : { تعال يا خائن ، يا من خفت من جارية ، يا من سببت ولعنت وقلت لا أعرف الرجل .. أهذا ما سبق أن وعدت به وقلت : { لو أنكرك الجميع ، فأتا لا أنكرك }…! لم يقل له السيد المسيح كلمة جارحة واحدة ، إنما سأله في هدوء :{ يا سمعان بن يونا ، أتحبني أكثر من هؤلاء ؟}{إرع غنمي إرع خرافي } وكرر السؤال ثلاث مرات ، حتي فهم بطرس { يو21: 15-17}. وأتي العتاب بنتيجته ، وثبت الحب ولم يجرح القلب .
6- ليس المطلوب فقط أن يكون اللسان هادئاً ، بل بالأكثر أن يكون أيضاً مهدئاً .. ومن أمثلة الكلام المهدئ ، قول اللكتاب :{ الجواب اللين يصرف الغضب ، والكلام الموجع يهيج السخط }{أم1:15}. مثال آخر هو أب الاعتراف المريح ، الذي يهدئ نفس المعترف عليه ، ويمنحه سلام القلب ، ويريحه من إضطراب القلب بسبب خطاياه ، وبعكس ذلك أب الأعتراف الذي يخرج المعترف من عنده وقد فقد هدوءه ، وأدركه الياس ، وشعر أنه هالك لا محالة ..
الشخص الهادئ يفيض من هدوئه علي الآخرين ، فيهدئهم إن كانوا ثائرين . أما غير الهادي فيعديهم بهياجه ويثيرهم إن كانوا هادئين . لا يكفي أن يكون الإنسان هادئاً من الخارج ، في كلامه وفي أعصابه ، وإنما يجب أن يكون هادئاً في الداخل أيضاً .. | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:55 pm | |
| الهدوء الداخلى
تكون نفسه هادئة .. وهدوء النفس من الداخل ، ينبع منه الهدوء الخارجي . أما النفس التي تغلي من الداخل ، فإنها حيثما حلت يحل الغليان ويحل التوتر ، تعيش كشعلة حيثما ألقيت أحرقت وأنتشرت نارها هنا وهناك ، لدرجة أن أمثال هؤلاء الناس إذا دخلوا مكاناً ، يتهامس البعض قائلين : {يارب استر}. ولكن الإنسان الهادئ من الداخل ، نري هدوءه الداخلي يفيض هدوءاً في الخارج . تجد صوته هادئاً ، ومشيته هادئة ، ومعاملاته هادئة ، ومناقشانه هادئة ومريحة .. وبهدوئه لا يصيح ولا يتشاجر ، بل تكون علاقاته طيبة مع جميع الناس ، إذا لا يلجأ إلي المشادة أو إلي العنف مع أحد .. هذا من جهة الخارج .. أما في الداخل ، فيتمتع بهدوء الفكر ، وهدوء القلب : الإنسان غير الهادي من الداخل ، تجد داخله أفكاراً كثيرة تموج وتطيش ، وتروح وتجئ ، ولا تثبث علي حال ، ففكر يجذبه إلي هنا ، وفكره يشده إلي هناك . وذهنه دائم التغير ، والأفكار تؤثر علي نفسه ، لأنها غير مستقرة. وغير الهادئ ، يقاسي أيضاً من عدم الهدوء في مشاعره : إنفعالاته وأحاسيسه غير هادئة . ورغباته وآماله طائشة غير مستقرة . بجذبها الخيال أحياناً إلي آفاق عاليه لا يستطيع الوصول إليها ، ويحطمه الفكر العملي إلي واقعه البعيد عن آماله . ويظل يضطرب بين الرغبة والواقع . وتضطرب معه إنفعالاته .. وقد يقع في إضطرابات نفسيه عديدة ، نذكر أمثله منها : فالشخص الذي يعيش في قلق ، هو فاقد لهدوئه .. فالقلق يدل علي هدوء في النفس . والقلق يدفع إلي الخوف . والإنسان القلق أفكاره غير هادئة غير مستقرة . والقلق قد يدعو إلي الشك . والشك لا يجعل النفس هادئة . والإنسان الشكاك لا يكون هادئاً مطلقاً من الداخل .. يسائل نفسه باستمرار هل هو علي حق في شكوكه ؟ وهل من الممكن أن تكون شكوكه غير حقيقية ؟ وكيف يمكنه أن يتحقق من هذه الشكوك ويثبتها .. وتبقي أفكاره غير هادئة .. وقد تعذبه نفسياً وتتعبه . وهذا التعب يذيد من عدم هدوئه .. كما أن الشك قد يتعب الشخص في علاقاته مع الآخرين .. والشك له أنواع . وكلها تفقد الهدوء . سواء كان شكاً في وقائع أو في اشخاص .. أو شكاً في علاقات .. أو كان شكاً في عقيدة أو في الله نفسه . وربما يكون الشك في مستقبله وما ينتظره فيه .. وفي كل ذلك الشك يكون العقل مضطرباً والنفس مضطربة ..
علي أية الحالات هدوء القلب يجلب هدوء الأفكار . إذا كان القلب مستريحاً وهادئاً ، تصبح أفكار صاحب هذا القلب مستريحة أيضاً وهادئة . وإذا إضطرب القلب ، إضطربت أفكاره . وحسبما يكون القلب ، تكون الأفكار . إن كانت في القلب عواصف وبراكين ، تجد الأفكار كأنها في سوق يبيعون فيه ويشترون . وبالعكس إذا كان القلب هادئاً ، تهدأ معه أفكاره .. هناك أشخاص نفسياتهم ضعيفة يضطربون لأتفه الأسباب . وربما لمجرد الوهم ، بغير سبب حقيقي . وفي إضطرابهم يفقد القلب هدوءه ، ويفقد الفكرهدوءه ، وينعدم الهدوء الداخلي . ويظهر عدم الهدوء في تصرفاتهم … ومن مظاهر عدم هدوء الفكر ، حالة الفكر الطائش الجوال . الفكر الهادئ مركز مستقر في موضوع تفكيره ، وله عمق في التفكير . أما الفكر غير الهادئ ، فإنه يجول من موضوع إلي موضوع ، ويطيش في أمور متعددة . كمن تطيش أفكاره أثناء الصلاة . كما قال أحد الآباء : { إذا كانت النار طعامها الوقود فإن الفكر طعامه الحكايات }… الفكر الطائش غير الهادئ يهوي الحكايات ، وينتقل من خبر إلي خبر ، ومن قصة إلي قصة . ومن شخص إلي شخص ، ومن بلد إلي بلد ، دون أن يهدأ ، حتي أثناء الصلاة . يذكرنا بالشيطان الذي عمله { الجولات في الأرض والتمشي فيها }{أي7:1}. ومن مظاهر عدم الهدوء الفكر ، حالة الفكر النقاد : الفكر الذي لا يعجبه احد ، ولا يعجبه أي شئ ، فهو بأستمرار ثائر علي الأوضاع ؟، يري أن الحق فيها قد ضاع ،فينتقد كل ما يعرض أمامه وحتي إن لا دخل له فيه ، وحتي أن كان لم يدرس الموضوع ولم يفهمه .. ولكنه مع ذلك ساخط علي كل شئ ، متذمر من كل شئ ، منتقد لكل شئ ، فاقد لهدوئه .. والفكر الفاقد لهدوئه ، يعمل علي إشاعة عدم الهدوء في نفوس الآخرين . ينشر أفكاره القلقة غير الهادئة ، يصبها في آذان الآخرين ويتحمس لها ، ويعمل علي إقناع الناس بها . وقد يفلح وقد لا يفلح . وحتي إن لم ينجح في نشر أفكاره غير الهادئة ؟ فإنه يسبب عدم هدوء بسبب مناقشاته غيرالهادئة … ومن الأفكار غير الهادئة : الفكر اللحوح : الفكر الذي يلح علي ذهن الإنسان إلحاحاً ، ويضغط عليه بطريقة متعبه . ويحاول أن يتخلص الإنسان منه فلا يستطيع . وبالألحاح يفقده هدوءه .. وبخاصة ذلك الفكر الذي ينام به الإنسان ويصحو . ويلح عليه أثناء علمه وأثناء صلاته ، وأثناء راحته ، لا هوادة ، وبلا راحة … الأفكار الملحة غالباً ما تكون حرباً من الشيطان : لأن الأفكار الروحية هادئة باستمرار . اما الشيطان فإنه يضغط بافكاره بلا رحمة ، ويدفع الشخص إلي سرعة التنفيذ . وهو بالحاحه يضغط علي العصاب و يتعبها ، لكي تحسب ان التنفيذ هو اسهل وسيلة لراحتها . ان الفكر اللحوح فكر مشاغب ، لا يشاء ان يترك للانسان فرصة للمشورة ، ولا فرصة للصلاة ، ولا فرصة لفحص الفكر ومناقشته . كما لو كان يريد أن يرغم الإنسان إرغاماً ....! ومن أنواع الأفكار غير الهادئة : الفكر المتقلب : الذي يعرض الشئ وعكسه . وتارة يوافق علي الأمر ، وتارة يعارضه . ويتحمس للموضوع حيناً ، ويفتر حماسه بعد حين . كأمواج البحر تروح وتجئ ، بغير ثبات .. إنه فكر متقلب ، أو هو فكر متردد ، يسبب لصاحبه عدم هدوء وعد إستقرار … أما الفكر الهادئ ، فإنه يشبه السفينة التي تشق طريقها في هدوء ، وفي مسار واحد ، لا تضطرب فيه ، ولا تنحرف يمنه ولا يسره .. الأفكار غير الهادئة تفقد القلب هدوءه . وكذلك القلب غير الهادئ يزعج الأفكار . لأنه أحياناً يكون القلب غير هادئ ، بكل ما فيه من عواطف ومن مشاعر وأحاسيس وإنفعالات … كالحزن والشهوة والتعب ، والغيظ والحقد ، والحسد، والرغبة في الأنتقام ، الرغبة في التملك أو في السيطرة .. القلب الذي فيه شئ
من هذه المشاعر وما يماثلها لا يمكن أ، يكون هادئاً . وكذلك أفكاره .. ومما يفقد القلب هدوءه بالأكثر : الرغبات التي تطلب سرعة تحقيقها ، بينما هذه السرعة غير متوفرة في الواقع العملي … فيفقد القلب هدوءه .. القلب الهادئ يري كل شئ هادئاً ، فلا يضطرب لشئ . أما القلب غير الهادئ ، فيري في كل شئ سببا للأضطراب . لذلك يضطرب ، ويثير الإضطراب حيثما حل ..!! القلب الهادئ لا تزعجه المشاكل الخارجية . وإنما يتقبلها في هدوء ويتناولها بعقل ، ويحللها ، ويفحصها ، ويحلها في هدوء . ولا يسمح للإضطراب الخارجي أن يدخل إلي داخل نفسه لكي يعكر صفاءها .. إنه لا يترك المشكلة تنتصر عليه ، بل ينتصر هو عليها . يقول لنفسه ، لا أريد أن تزعجني هذه المشكلة ، ولا أريدها ان تدفعني إلي الغضب أو النرفزة أو الحزن .. ولا أن تفقدني سلامي . أريد أن هذه المشكلة تبقي خارجي ، ولا تدخل إلي داخل نفسى … القلب الهادئ بحر عميق . قد تطفو المعكرات علي سطحه ولا تزعج هدوءه . أما أن هبطت إلي اعماقة ، فإنها تذوب وتتلاشي …. أما إذا إنزعج الإنسان من الداخل وفقد هدوءه ، فإنه يعجز عن حل إشكالاته ، فتزعجه ، ويظهر عدم الهدوء في تصرفاته وفي التعامل مع الناس والأحداث .. القلب الهادئ يصلح للعمل الروحي . أما إذا فقد القلب هدوءه ، فإنه لا يقدر علي التأمل . وإن حاول الصلاة تسرح أفكاره . وإن قرأ كتاباً يسرح أثناء القراءة لاجل كل هذا ، كان آباؤنا يبحثون عن الهدوء والسكون لأنه في الجو الهادئ ، وفي المكان الهادئ ، يمكنهم أن يماسوا عملهم الروحي …. القلب الهادئ يبسط هدوءه علي الإنسان كله :
هدوء القلب يسبب هدوء الفكر ، وهدوء الأعصاب ، وهدوء الملامح . وقد تحدثنا من قبل عن هدوء الأعصاب وهدوء الفكر ونتكلم الآن عن هدوء الملامح :
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:55 pm | |
| هدوء الملامح
فغالباً ما تكون الملامح كاشفة لحالة القلب .. قليل من الناس يستطيعون التحكم في ملامحهم … فغالباً ما تكون الملامح كاشفة لحالة القلب ... سواء أراد الإنسان ذلك أم لم يرد . فإن إضطراب قلبه ، ظهر الإضطراب في ملامحه . إن إغتاظ ، إن تضايق ، إن إشمئز ، إن خاف … يظهر كل ذلك علي ملامح وجهه أو في نظرات عينيه . حتي إن سرح في أحلام اليقظة تكشفه ملامحه . ملامحه هي إعترافات غير إرادية تكشف ما بداخله ! فقد يضطرب ، وينكر إضطرابه ، ولكن ملامحه تعلن أنه غير صادق في إنكاره .. وأحياناً يفقد الإنسان هدوءه . وإن سألوه عن السبب ينكر . ولكن نبرات صوته ، وحركات يديه ، ونظرات عينيه ، ربما حركة شفتيه ، وخلجات وجنتيه .. كل ذلك ينطق بما في داخله ، بما لا يسمح بمجال للشك .. لا تظنوا أن القلب خزانة مغلقة تكتم أسرارة ! فكثيراً ما يكون مكشوفاً ومفتوحاً بواسة الملامح. وغالباً ما تكون عين الشخص مرأة تري فيها مشاعره الداخلية ، وربما تقراً فيها أفكاره أيضاً . أي إنسان لماح يستطيع ذلك .. لذلك بعض الناس يلبسون نظارات سوداء حتي لا يتمكن مجالسوهم من رؤية إنطباعاتهم ومشاعرهم في عيونهم …
القلب الهادئ ملامحه هادئة ومريحة . تحب أن تجلس إليه وتتأمل ملامحه . تتأمل الهدوء العجيب الذي يفيض من القلب ويكسوالملامح . لذلك لم يكن عجيباً أن يقول أحد الرهبان للقديس الأنبا أنطونيوس :{ يكفيني مجرد النظر إلي وجهك يا أبي }.. ففي وجهه كان يري السلام الداخلي الذي يملأ قلبه . وكان يري كل ما في القلب من طهارة وبر .. أما القلب غير الهادئ ، فملامحه غير مريحة . هناك أشخاص في حالة غضبهم وإنفعالهم تكون ملامحهم غير مريحة . كذلك في حالة حزنهم أو ضيقهم تكون ملامحهم أيضاً غير مريحة .. إذ يفقدون سلامهم الداخلي ، ويفقدون الهدوء . ويظهر كل ذلك في ملامح وجوههم.. وقد تبلغ حالتهم إلي ان تصبح ملامحهم غير مقبولة ، ولا تستطيع النظر إليها طويلاً . لأنها غير هادئة ، ولا تساعد علي هدوء الناظر إليها . لذلك يجب التحكم في الملامح وتهدئتها : والأفضل أن يهدئ الإنسان قلبه . وحينئذ تهدأ ملامحه تلقائياً ..
هدوء الجسد والحواس
هناك أشخاض أجسادهم غير هادئة لا تستطيع أن تستقر في مكان واحد . تريد أن تروح وتجئ ، وتخرج وتدخل ، وتقوم وتقعد . حتي البيت لا تستقر فيه كثيراً . وإنما لابد من الزيارات والفسح ونزهة الجسد والإنتقال من مكان إلي آخر … هؤلاء لهم طياشة في الجسد .. بعكس الرهبان الذين يتدربون علي هدوء الجسد . فيستطيع الراهب المتوحد أن يمكث في قلايته أياماً وأسابيع لا يخرج منها ولا يتحرك إلا لضرورة . وإن تحرك فيكون ذلك لعمل نافع .. فرق كبير بينهم وبين الذين يتحركون بلا سبب . حتي إن جلس بمفرده في مكان ، تجد جسده متحركاً باستمرار . فإن تكلم مع أحد تجد يديه تتحركان ، وقدميه تتحركان ، ورأسه تتحرك . وقد يشير بيده ، وقد يرفع أصبعه أثناء الكلام ، وتهتز يداه في حركات مستمرة. وقد يتنافس أثنان ، وتنظر إلي أيديهما ، فتجدها دائمة الحركة ، بعكس الجندية التي يتكلم فيها الجندي وهو في وضع هادئ . فإن حرك يديه يقولون له : { إثبت }. وفي بعض الأحيان تلزم الحركة قليلاً للتعبير عن الإنفعال الداخلي . ولكنها لا تكون حركة مستمرة لا تهدأ … وما أكثر الذين تدل حركاتهم علي عدم هدوء . إن دخل أو خرج ، يحدث صوتاً أو ضجيجاً في فتح الباب وغلقه . وإن مشي يحدث صوتاً في مشيته . وإن شرب تسمع صوتاً له أثناء شربه .. وحتي إن أراد إذابة السكر في كون شاي ، يخيل إليك أنه يدق جرساً .. لا هدوء في الحركات علي الإطلاق . بينما الهادئون يسكنون في مكان ، فلا تسمع لهم صوتاً. وفي البلاد الهادئة ، تجد ان المظاهرات نفسها هادئة ! المظاهرات بحسب قواميسنا ضجيج هنا وهناك . تجمهر يسير فيه المتظاهرون يصيحون ويهتفون ، ويلوحون بأيديهم ، ويقيمون الدنيا ويقعدونها ، وكأنهم في شبه ثورة . أما في البلاد الهادئة فتخرج المظاهرة تعبر عن رأيها بلافتات تحمل فكرها ومطالبها وتنتقل من شارع إلي آخر ، تنقل إليه الفكر بهدوء … هدوء الجسد يصحبه هدوء الحواس .. وهدوء الحواس يساعد صاحبه علي هدوء الفكر . الحواس الطائشة – من نظر وسمع وشم – تجلب أفكاراً والأفكار تؤئر علي مشاعر القلب . وهكذا قد يجلس إنسان في إجتماع ، وعيناه زائغتان تنظران ماذا يفعل هذا وماذا يفعل ذاك . وما أسهل أن ينفعل الشخص بما بيصره ويسمعه . بل قد يجلس إلي مائدة ، وتتجول عينه لتري ماذا يأكل هذا أو ذاك ، وكيف يأكل .. وتتبع ذلك أفكار ….!
لذلك قال آباء البرية :{ إذا دخلت قلاية أخ ، فلا تبصر ما في داخلها . وإذا جلست إلي مائدة ، فلا تبصر عيناك إلا ما هو أمامك فقط }. تطلع الحواس علي أسرار غيرها ، يسمى زنا الحواس .. فإذا حاولت الأذن أن تسمع ما ليس من حقها أن تسمعه ، يسمي هذا عند الآباء زنا الآذان . ويدخل في ذلك التصنت . ويدل علي أن الأذن غير هادئة . وكذلك العين التي تحاول أن تبصر ما ليس من حقها أن تبصره .. إنها حواس غير هادئة ، همها مثل الشيطان { الجولان في الأرض والتمشي فيها } { أي2:2}. والحواس الطائشة غير الهادئة ، تسبب في أثارة الأعصاب . وبخاصة الأذن التي تجول باحثة عن خبر مثير ، وكذلك العين التي تبحث عن منظر مثير . والفم الذي كثيراً ما يسأل :{ ما هي الأخبار ؟} ويجلب لأذنه ولقلبه ولفكره ما يتعبه و يفقده هدوءه .. العجيب أن الحواس قد لا تكون هادئة ، حتي أثناء الصلاة .. ! العين تجول هنا وهناك لتبصر ، وتعطل صلتها بالله . وكذلك الأذن قد تكون حساسة إلي ما يمكن سماعه . وبهذا يسرح الفكر ، لأن الحواس غير هادئة .. تصدر عن جسد غير هادئ ، وفكر غير هادئ . علي أن الجسد قد لا يكون مشكلته فقط هي الحواس … فعدم هدوء الجسد قد يأتي بسبب شهواته . فشغب الجسد قد يأتي بسبب شهوة جسدية تثور عليه ، مثل شهوة الطعام أو شهوة الجسد ، فيفقد هدوءه ، وينتقل من مكان إلي آخر بيحث عن إشباع شهواته . وكتب الآباء تسمي مثل هذه الشهوات أوجاعاً أو ألاماً للجسد . فالجسد متألم وغير هادئ بسبب الخطية .
وقد يكون عدم هدوء الجسد لأسباب صحية | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:56 pm | |
| هدوء التصرف والحلول
الإنسان الهادئ يحل مشاكله في هدوء . وفي أصعب المواقف لا يفقد هدوءه ، بل يتصرف بعقل وإتزان . لذلك تكون تصرفاته متزنه ومقبولة ، ولا تأتي بردور فعل عنيفة . حتي إن إحتج أو عارض ، يحتج ويعارض في هدوء . بطريقة موضوعية مقنعة ، يعمل فيها المنطق وليس الأعصاب . وينجح بهذا في كسب الموقف وفي عدم الإصطدام بمعارضيه .. بينما شخص آخر – إذا إحتج – يفعل ذلك بصخب وضوضاء وصوت عال . ويتهم الطرف الآخر باتهامات قاسية . ويتناول الأشخاص ونياتهم ومقاصدهم بعنف شديد ! وما أسهل أن يخطئ في كل هذا ويخسر الموقف . اما الشخص الهادئ ، فحتي إن إستقال ، يستقيل بهدوء . لم يستطيع أن يتعاون مع زملائه ، فينسحب في هدوء ،دون أن يخسرهم ، دون أن يعكر الجو حولهم . ولكن غير الهادئ أن إستقال ، يريد أن يرج الدنيا باستقالته . وإن لم تحدث ضجة يغضب ويقول :{كيف أستقيل والدنيا لا تزال دنيا . كيف لم يغضب فلان وفلان لغضبي ؟! وكيف لم يثورا مثلي ؟!}.. الهادئ في تصرفاته ، يكون قدوة لغيره : يتعلمون منه الهدوء وحسن التصرف ، ويأخذون خبرة في طريقة التعامل مع المشاكل ومع الأشخاص المتعبين . ويذكرون قول الرسول : { من هو حكيم وعالم بينكم . فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة . ولكن إن كان لكم غيرة مرة وتخرب في قلوبكم ، فلا تفتخروا وتكذبوا علي الحق . ليست هذه الحكمة نازلة من فوق ، بل هي أرضية نفسانية شيطانية . لأنه حيث الغيرة والتخريب ، هناك التشويش وكل أمر درئ }{يع3 : 13-16}. ويقول القديس بولس في التعامل مع زلات الآخرين : } اصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة { }غلا1: | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:56 pm | |
| اسباب عدم الهدوء من الداخل : الطبع النارى - السوداوى - طريقة التفكير - الأمراض - النفسية
من الخارج : بالنسبة الى الجسد - بالنسبة الى النفس - يالنسبة الى الروح
اسباب عدم الهدوء
هناك أسباب كثيرة تفقد الإنسان هدوءه : بعضها من داخل النفس ، وبعضها من الخارج . وسنحاول أن نتعرض إلي كل من هذين النوعين .
أسباب من الداخل منها طبع الأنسان ، سواء كان طبعاً نارياً ا, سوداوياً ، أو له حساسية خاصة . كذلك طريقة تفكير الإنسان إن كانت ضده وأعصابه إن كانت مرهقة . تضاف إلي هذا الأمراض والمحاربات النفسية : مثل الخوف ، والأضطراب ، والكآبة ، والشهوة والغضب . ومن أسباب عدم الهدوء أيضاً : محبة الضجيج . الطبع طبع الإنسان له أثره الأول علي هدوئه أو عدم هدوئه . فهناك أشخاص لهم طبيعة هادئة ، وآخرون لهم طبيعة ثائرة ، وآخرون بين بين . الطبيعة الهادئة لا تثور . وإن وجدت شيئاً ثائراً تهدئه أما الطبيعة الثائرة ، فإنها تثور حتي من غير سبب ! هذا الطبع الثائر يسمونه { الطبع الناري }. وهو لا يحب الهدوء مطلقاً ، ولا يستطيع أن يعيش فيه ، وإن وجد جواً هادئاً سرعان ما يشعله ويهيجه ويثيره . صاحب هذا الطبع لا تجده هادئاً أبداً . وعدم هدوئه ليس له أي سبب خارجي ، إنما هو ناتج عن طبعه. فهو دائماً ساخط هائج متوتر ثائر .. أو قد يكون الطبع سوداوياً ، متشائماً باستمرار . ينظر نظرة سوداء إلي كل شئ ، ويتوقع شراً في كل مناسبة . ويشك في نيات كل من حوله ، كما يشك في تدابيرهم ، ويتخوف مما يعملون . وقد يصل إلي حالة مرضية يسمونها persecution Complex أي { عقدة الاضطهاد }.. ولذلك فهو يفقد هدوءه بسبب تشاؤمه وتوقعاته الرديئة . وصاحب هذا الطبع يتخيل لتشاؤمه أسباباً متنوعة . فهو يفقد هدوءه إن كان تاريخ اليوم 13 أو مضاعفاته ، سواء في الشهر العربي أو الميلادي ويظل يقول : { يارب استر } .. أو حيثما يرد هذا الرقم ، في عنوان ، أو بطاقة شخصية ، أو رقم جلوس ، أو رقم عربة أو رقم تليفون .. أو إذا وصل عمره إلي مضاعفات هذا الرقم . كما يفقد هدوءه إن سمع صوت بومة ، أو إن قابل شخصاً يتشاءم من لقائه ..!! أو شخصاً يرتبط اسمه بحادث سبب له مضيقاً .. وكذلك يفقد هدوءه إذا تشاءم من قراءة طالعة في باب ،، أنت والنجوم ،، في الجرائد والمجلات …! وتحاول أن تهدئه فلا يستطيع ! إنها أمور راسخة في طبعه ، تسبب له قلقاً باستمرار ، وتعكر هدوءه . ويتغلب فيها الطبع علي التفكير وعلي الإقناع . وقد يفقد الإنسان هدوءه بسبب حساسية في الطبع .
فإنسان مثلاً حساس جداً نحو كرامته أو نحو حقوقه ، أقل كلمة يستشعر منها خدشاً لحقوقه وكرامته أو أقل تصرف .. تراه يضطرب من الداخل ، وتتأثر أعصابه ، وقد يحتد . وفي كل ذلك يفقد هدوءه الداخلي . وقد يتصرف بطريقة غير هادئة مع الناس …
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:56 pm | |
| طريقة التفكير
هناك إنسان يفكر بطريقة هادئة ، بينما يفكر غيره بطريقة مضطربة أو صاخبة لا توصله إلي حل ، فيفقد هدوءه الداخلي .
وهنا يدخل في الفكر حسن الظن أو سوء الظن . فالذي يفكر في كل ما يحدث وفي كل ما يسمعه بحسن الظن ، يكون هادئ الفكر من الداخل ، ويجعل الأمور تمر بسلام . أما إذا أرتكز تفكيره علي سوء الظن ، فإن يفقد هدوءه ، وتضطرب أفكاره ، وينقله فكر إلي فكر آخر ، في غير هدوءه . وإلي جوار سوء الظن ، ربما تضطرب أفكاره بسبب الشكوك ، أو بسبب استنتاجاته التي تتعبه. وما أكثر الإستنتاجات الخاطئة التي تنبع من نفسية قلقة ، ولا يكون لها أي ظل من الحقيقة . حتي إنك قد تقول لصاحبها في إستغراب :{ لماذا تفكر بهذا الأسلوب ؟! لماذا تؤول الكلام إلي هذا التأويل ؟! }. إنها حالة إنسان أفكاره تعمل ضده ! أسلوبه في التفكير يتعبه . يحتاج إلي أنسان آخر يصحح له مجري تفكيره ليفكر بطرية هادئة تريحه . ومن أسلوب التفكير المتعب تضخيم المشاكل :
المبالغة في تقدير المتاعب التي تصادفه ، وافتراض نتائج سيئة وخطيرة ، بخيال خصب في إستنتاج الأخطار . وبهذا يحيا في رعب ويفقد هدوءه ..
الأعصاب المرهقة
الأعصاب الهادئة تجعل الإنسان يفكر تفكيراً هادئاً مريحاً . ولكن إرهاق الأعصاب يؤدى إلي عدم الهدوء ، وعدم الاحتمال والتعرض للغضب والنرفزة . وقد يكون هذا الإرهاق ناتجاً عن تعب جسداني ، أو عن مرض ، أو لأسباب نفسية ، أو لكثرة التفكير أو القراءة مدة طويلة بدون راحة …. ولذلك يحسن عدم الدخول من مناقشات حامية في أمثال هذه الحالات ، وعدم التفكير في حل مشكلات بأعصاب مرهقة وعلي الرؤساء عدم البت في مصائر غيرهم وهم في حالة كهذه . فإن وجدت شخصاً مرهقاً ، لا تجادله ، فقد لا يحتمل النقاش ويثور … وأيضاً لا تلح عليه في الاستجابة لطلب معين لأنه قد لا يحتمل الإلحاح ، فيرفض لمجرد أنه ليست لديه قدرة علي بحث الطلب . وقد يستخدم ألفاظاً قاسية رغبة منه في إنهاء الحديث . فإن عاد الزوج مرهقاً من عمله ، ليس من مصلحة الزوجة أن تعرض عليه موضوعات تحتاج إلي تفكير ، بينما هو في حاجة إلي راحة .. فإن ألحت عليه فثار عليها ، لا تقل أنه عصبي المزاج .. والأفضل أن تعرف أنها اختارت وقتاً غير مناسب للحديث . ومن الأسباب الأخري التي تفقد الإنسان هدوءه الأمراض والمتاعب النفسية . ونذكر من بينها : الخوف والأضراب
إذا خاف الإنسان ، يفقد هدوءه . وإذا فقد هدوءه يخاف . في حالة الخوف يتصور الإنسان مشاكل وأخطاراً ، سواء لها وجود أو ليس لها وجود ، فيضطرب . وكلما زاد تفكيره في هذه الأخطار . يزداد خوفه وإضطرابه ، ويتخيل ما هو أسوأ وقد تكون كل مخاوفه من صنع نفسه.. الإنسان الهادئ لا يضطرب ، مهما إضطربت الأحوال من حوله . وكما قال الرب عن البيت المبني علي الصخر { مت25:7}. تهب الرياح والأمطار وتسيل الأنهار ، وتصدم ذلك البيت فلا يسقط ، لأنه مبني علي الصخر ….
بطرس الرسول كان ملقي في السجن ، وكان هيرودس مزمعاً أن يقتله . ومع ذلك نام نوماً عميقاً حتي أن الملاك الذي جاء لينقذه لكزه في جنبه ليوقظه } أع12: 3-7{. أما الإنسان الذي يخاف ويضطرب ، فإنه يفقد هدوءه . وفي خوفه واضطرابه يعجز عن التفكير الهادئ السليم . وهكذا تتعقد الأمور أمامه ، وتبدو بلا حل ، فيفقد هدوءه تماماً . ولاستعادة هذا الهدوء ، لابد من معونة خارجية تسنده ، وتوجد له حلاً . فإن عثر علي الحل ، يقل خوفه ويهداً … وتنفعه في هذه الحالة : الصلاة والمشورة . بالصلاة يشعر بالقوة الإلهية التي تحل له مشاكله ، فلا يخاف . وبالمشورة يجد قلباً محباً عاقلاً إلي جواره يقدم له الحل ويعالجه بالإيمان ، فلا يخاف با يهدأ . ولعل البعض يسأل عن الذين يخافون من الموت في الواقع إن الذي يخاف من الموت ، يخاف بالأكثر من مصيره بعد الموت ، وإلي أين يذهب . أما المؤمن الواثق بمحبة الله ، والذي دائماً يقدم توبة عن كل صغيرة وكبيرة ، فإنه لا يخاف من الموت ، بل يقول مع بولس الرسول : { { لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح . ذاك أفضل جداً }{ في23:1}. وهكذا نجد أن الشهداء كانوا يستقبلون الموت بفرح ، وكانوا هادئين جداً ساعة موتهم ، بلا إضطراب .
وهذا لا يمنع أن بعض القديسين كانوا يتكلمون عن الموت بخوف ، من باب الإتضاع ، حتي لا ترتفع قلوبهم بسبب برهم وأستحقاقهم للأكاليل ..
الشهوة
صدق القديس أوغسطينوس حينما قال : } جلست علي قمة العالم ، حينما أحسست في نفسي أني لا أشتهي شيئاً ولا أخاف شيئاً { . فالذي يجري وراء الشهوات ، ترهقه الشهوات وتستعبده : تربكه من الداخل ، فيظل يفكر كيف يحقق ما يشتهيه قلبه ؟ كيف يصل ؟ وما هي الصعاب التي تعترضه ؟ ومن هم منافسوه ؟ وكيف ينتصر عليها ؟ أو ربما كيف يحتال لكي يصل ؟ وهكذا تربكه الشهوة من الداخل ، وتفقده هدوءه في التفكير وفي السعي وفي المشاعر …
كما أن مجال الشهوات لا ينتهي . كلما تتحقق واحدة ، تظهر غيرها ، بلا نهاية !! لذلك نري هدوءاً في القلب والفكر عند النساك والرهبان والزاهدين ، لأنهم تخلصوا من ضغط الرغبات ، وأصبحوا أحراراً في داخل نفوسهم . النرفزة بالنسبة إلي عدم الهدوء ، سبب ونتيجة . | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:56 pm | |
| الغضب والترفزة
فالشخص الذي يفقد أعصابه ، يفقد هدوءه أيضاً . وإذا فقد إنسان هدوءه ، ما أسهل أن يغضب ويتكلم بعصبية ظاهرة .. أما الإنسان الهادئ ، فهو لا ينفعل بسرعة ، ولا يثور ، ولا يحتد .. بل يتعامل مع الناس ومع المشاكل ، في هدوء ، وفي بشاشة . هدوءه الداخلي يظهر في معاملاته الخارجية أيضاً ..
محبة الضجيج
هناك أشخاص لا يعيشون إلا في صخب ،ولا يطيقون الهدوء إطلاقاً . إن ذهبوا إلي مكان تسبقهم ضوضاؤهم ، ويعلنون حضورهم بأصواتهم العالية وموكبهم الصاخب . وإن جلسوا في مكان هادئ ، يسأمون بسرعة بسرعة ويتركونه ، وإن كان الحاضرون صامتين ، يصيح واحد من هؤلاء قائلاً لهم :،، لماذا تجلسون صامتين هكذا ؟! هل نحن في جناز ؟!،، إنهم يبحثون باستمرار عن المشاكل والمثيرات : إن دخلوا في عضوية أية هيئة أو أية جمعية ، لابد أن يحدث شئ ، لابد أن يثار إشكال ، ويتكهرب الجو ، ويشعرون بهذا أنه صارت لهم شخصية . إ، جلسوا في إجتماع ، لا بد أن تعلو أصواتهم ، ويبحثوا عن موضوع يعارضونه … يضخمون الإشكالات ، ويثيرون أزمات ، لأتفه الأسباب . وإن وضعوا في منصب رئيسي ، يتعبون مرؤوسيهم بكثرة الأوامر والنواهي ،وبكثرة التحقيقات ، وانشغالهم بتوافه الأمور ولابد أن تقوم الدنيا و تقعد إن بحثوا أمراً من الأمور . وإن وجدوا غلطة ، ينفجر البركان… لا شك أن وجود جو هادي ، يلزمه محبة الجميع للهدوء . فالذين لا يحبون الهدوء يظهر ذلك في كل مناسباتهم : أفراحهم أفراح صاخبة تعلو من بعد : أصوات ضجيجها وغنائها وصفيرها ، وربما تصحبها طلقات نارية . وحتى أحزانهم في ضجيج أيضاً . فلابد أن ينقلب حال البلد أو الحي إن مات لهم ميت !! يظنون أنهم لا يكرمون الميت ، إن لم يسهروا عليه الليالي بالندب والعويل وعالي الأصوات ، وإقامة السرادقات لأيام ، وإنفاق المبالغ الطائلة علي البرقيات وإعلانات العزاء ، وإبطال أفراح القرية لفترة طويلة جداً ،حرصا علي مشاركتهم مصابهم . المشاركة الوجدانية لأزمة . ولكن المبالغة فيها تضيع الهدوء . وتوجد طرق للتعبير عن المشاركة ، بعيدة عن الصخب ، وتتميز بالهدوء . وربما يكون الحزن الصامت والدموع الهادئ أكثر عمقاً من الصراخ . تحدثنا عن أهمية الأسباب الداخلية لفقد الهدوء . ونتحدث الآن عن الأسباب التي من الخارج :
أسباب من الخارج هناك أسباب خارجية قد تفقد الإنسان هدوءه وراحته ، وتفقده ابتسامته وبشاشته ، وفرحه ومرحه . ومع ذلك فالإنسان الروحي يمكنه أن ينتصر علي الأسباب الخارجية . كما سنشرح بعد . ولعل في أهم الأسباب الخارجية :
ما يتعلق بالجسد والحواس ، وما يتعلق بالنفس ، وما يتعلق بالروح .
ضد الحواس
ما أكثر الأسباب التي تفقد الجسد هدوءه ، بأن تتعب الحواس ، ونعني بها ما يختص بالمساكن ، والأصوات ، والأضواء ، والألوان ، والمواصلات والتليفونات … المساكن : 1- إزدحام المساكن في المدينة ، أية مدينة يسبب ضوضاء وصخباً للحواس … وبخاصة في الشوارع التجارية من المدينة ، حيث يزدحم الناس بطريقة عير عادية . وكذلك في الأماكن التي تكثر فيها المصانع والمعامل والجامعات والمدارس و المستشفيات ، أو ما يسمونها { منطقة الخدمات } في المدينة . 2- و يستتبع كل هذا تعدد طرق المواصلات ، وما تحدثه من أصوات ومن ضجيج .. وبخاصة في ساعات بدء وإنتهاء العمل في شتى المصالح التي يسمونها The rush Hours حيث يخرج آلاف من الموظفين والطلبة ورجال الأعمال ، أما بعرباتهم الخاصة أو في البحث عن الأتوبيسات وعربات الترام وعربات الأجرة .
وهنا يبدو ضجيج المدينة في عمقه ، مما يتعب محب الهدوء ويفقده هدوء الحواس . وقد تتعطل المواصلات من كثرة الزحام ، وبخاصة في المدن الكبيرة المزدحمة بالسكان وما يتبع كل ذلك من مشاكل وانفعالات وتعطل مصالح البعض ، وضياع للوقت .. 3- لهذا كله كان البعض يفضل السكني في الضواحي . ومدينة لندن التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 12 مليوناً ، بعض سكانها يفضلون السكني خارج المدينة ، في الضواحي المعروفة باسم الــ Suburbia { كالمعادي بالنسبة إلي القاهرة مثلاً }. وعلي الأقل ، إن لم يستطع الناس السكني في الضواحي ، فإنهم يقضون فيها نهاية الأسبوع كفترة راحة وإستجمام ، بعيداً عن ضجيج المدينة . 4 والتماساً للهدوء ، بعض المدن لا تسمح قوانينها ببناء كل مساحة الأراضي السكنية . ففي بعض المدن لا يسمح لصاحب الأرض إلا ببناء ثلث أو ربع مساحة أرضه . ويبقي الباقي كحديقة مثلاً . وهكذا تبعد المساكن عن بعضها البعض . وتوجد الخضرة التي تساعد علي هدوء الأعصاب والهدوء النفسي ، حيث يقل الزحام ، وتقل الضوضاء … وبعض المدن لا تسمح إلا بارتفاع محدود للمساكن ، قد يصل إلي 12 متر فقط { ثلاثة أو أربعة طوابق }.. أمثال هذه الأحياء السكنية هي الأحياء الهادئة في المدينة . ونظراً لارتفاع ثمن الأراضي حالياً ، ولكثرة السكان ، وأزمة المساكن ، فإن أمثال هذه المساكن المريحة الهادئة من الصعب أن تتوفر إلا للقادرين الذين يحبون الهدوء والسكون .. وتلافياً لهذا النقص ، تحاول بعض المدن أن تخصص بعض الأراضي داخل المدينة لتكون حدائق عامة كمتنفس للناس .. علي أن هذه الحدائق – علي الرغم من نواحيها الجمالية والصحية - إلا أنها غالباً ما تكون مكاناً صاخباً من جهة الصوت ، باعتباره مكاناً للترفيه وليس للهدوء …. 5. من هنا كان محبو الهدوء يلجأون إلي الأديرة حيث البرية الهادئة . وعلي الرغم من هدوء البرية والأديرة ، وإلا أنه لكثرة زيارات الناس للأديرة ، فإنهم يفقدونها هدوءها . لهذا ينبغي وضع أنظمة حازمة تحفظ هدوء الأديرة ، لأنه فارق كبير بين أن تأتي رحلة كبيرة من خمسين شخصاً إلي الدير لمجرد الزيارة والفرحة ونوال البركة ، وتحدث في زيارتها ضجيجاً لعدم تعودها الهدوء .. وبينما يأتي أفراد إلي الدير لقضاء فترة هدوء وتعبد ، ويقيمون في أبنية خاصة تعرف في الأديرة بأسم { بيوت الخلوة }. وعلي العموم فإن الأديرة لحفظ الهدوء ، تحاول أن ، تجمع أماكن الزوار ، بعيداً عن قلالي الرهبان ، وبعيدا عن بيوت الخلوة ، كما تعود الزوار علي الهدوء .. 6. اما الرهبان الذين يريدون هدوءاً أكثر ، فإنهم يسكنون القلالي المنفردة أو المغارات . وهي أماكن بعيدة عن ضجيج الضيوف ، وحتي مساكن الرهبان . يرتقون فيها إلي درجة من الوحدة والهدوء ، ولا توجد في مجمع الرهبان …
الماكينات: مما يزعج الهدوء أيضاً الماكينات ، التي وإن يسرت الإنتاج في العالم ، وساعدت علي نشر المدينة والحضارة ، إلا أنها أفقدته الكثير من هدوئه . ففقد هدوء الصوت ، ودخل في سرعة أفقدته هدوء الأعصاب . الماكينات في عصرنا الآلي تعمل بسرعة وبدقة ، تحتاج من العاملين عليها أن يكونوا بنفس السرعة والدقة ، مما يجعل أعصابهم متحفزة باستمرار ، لئلا يحدث خطأ منهم أو من الآلة تكون له خطورته ، مما يؤثر علي إنتاجهم ومعيشتهم وحوافزهم وتقريرهم …
وكثراً ما تسبب الآلات في البطالة ومشاكلها : وربما ما تقوم به ماكينة واحدة يكون أكثر من عمل عشرين أو ثلاثين أو خمسين عاملاً . وظهور الآلات في بدء عصر النهضة منذ خمسة قرون ، عرف في التاريخ باسم { الإنقلاب الصناعي }. فكم بالأولي تطور الآلات في عصرنا الحاضر . والبطالة ولا شك تؤثر علي هدوء العالم . إذا توجد طبقة ضخمة العدد من العمال قلقة علي مصيرها ومعيشتها . لقد كان المهاتما غاندي يكره الآلات واستخدامها ويدعو شعبه أن يعمل بيديه . فرق كبير بين العصر الذي كان فيه الفلاح يروي حقله بالساقية ، وهو مرتاح هادئ يتابع الماء يسري هادئاً في الحقل ، وبين العصر الذي ينزل فيه الماء متدفقاً بقوة وسرعة ، وهو يجري وراء لاهثاً لينقله من حوض إلي آخر قبل أن يفيض ويغرق الأحواض . ولكننا حالياً لا نريد مناقشة موضوع الماكينات من الناحية الإقتصادية ، فليس هذا هو هدف الكتاب الذي بين يديك .. إنما هدفه أثر الآلات علي الهدوء : من جهة أصواتها وتأثيرها علي الحواس . ومن جهة ما تحدثه من بطالة وأثر ذلك في إزعاج الهدوء النفسي . يضاف إلي هذا بعض الماكينات التي تلوث الجو بالدخان والبخار ، وما يتسبب عن ذلك من تأثير علي الصحة يفقد الإنسان هدوءه . الأصوات والأضواء والألوان: الأصوات العالية تزعج الهدوء ، سواء ما يصدر عن القطارات ، والعربات ، وآلات التنبيه ، والدراجات البخارية { المتوسيكلات }. وأصوات الطائرات ، ومكبرات الصوت في الحفلات وفي الإجتماعات بل حتي أصوات المارة في الطرقات ، وأصوات الباعة في بعض الأحياء الشعبية .. إن صخب الأصوات في المدينة يفقد أهلها هدوء الحواس ، وبخاصة إن كانت هذه الأصوات تعلو وتتداخل وتستمر بلا ضابط. وحتي في أحاديث الناس العادية . هناك من يتحدثون في هدوء ، فلا تسمع لهم صوتاً . وغيرهم يتكلمون ، فيسببون ضوضاء تفقد المكان هدوءه ، ويشعر سامعوهم كما لو كانوا في شجار أو في معركة . الوضع الهادئ أن يتكلم الإنسان علي قدر احتياج سامعه ، فلا يرفع صوته فوق الحاجة .. هكذا يفعل الهادئون .. ومحبو الهدوء لا يستريحون إلي الصوت العالي ولا إلي الصوت الحاد ، إذ أن ذلك يزعج حواسهم . القديس المتوحد الأنبا أرسانيوس ، لما سمع صوت بوص تحركه الريح ، قال :{ ما هذا الزلزال ؟!} لأن أذنيه تعودتا علي الجو الهادئ . لذلك قد يكون التليفونات أحياناً سبباً يفقد البعض هدوءهم . إذا ما أكثر البعض استعمالها.. وطالت أحاديثهم ، وأفقدت الإنسان إحساسه بملكيته لوقته ، أو أشعرته بأنه قد فقد راحته ، أو أن أعماله قد تعطلت … لذلك فإن الذين يريدون تقضية وقت هادئ ، يبعدون عن التليفونات أو عن إستخدامها ، ويقصرون ذلك علي الضروريات فقط . والألوان كذلك منها ما يشيع الهدوء في النفس . ومنها ما يثير الناظر إليه . فاللون الأخضر مثلاً لون هادي ، وكذلك اللون السماوي بعكس الألوان الحمراء والصاخبة ، إلا إذا كان ذلك اللون مجرد تنوع في مجموعة ، يعطي وجوده جمالاً خاصاً .. ولذلك فإن كثيراً من الناس يختارون لجدران بيوتهم ألواناً مريحة للنظر ،وكذلك ألوان أثاثاتهم ، وألوان ملابسهم . ويختارون في حدائقهم ألواناً من الزهور تريح أعصابهم . وكما نذكر الألوان ، نذكر الأضواء أيضاً :
الأضواء الشديدة مثيرة وتتعب العين والأعصاب . وهكذا فإن الكشافات القوية التي للسيارات تتعب أعين السائقين في الاتجاه المضاد . ولعلنا نري أن بعض الشوارع في المدن الكبيرة تضاء بلمبات هادئة بلون خاص { أصفر تقريباً }. كذلك فإن الكنائس حينما كانت تضاء بالشموع ، كان جوها اكثر هدوءاً وهيبة وخشوعاً . من حالها حينما دخلتها بهرجة الأضواء .
تحدثنا عن الأسباب التي هي ضد هدوء الحواس . ننتقل إلي سبب آخر يعكر الهدوء ، ولكنه :
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:56 pm | |
| ضد هدوء النفس
1- هناك أسباب كثيرة تعكر هدوء النفس منها أخطاء الآخرين . قد يكون تصرفاتهم مؤذية أو مقلقة أو مثيرة تفقد الإنسان هدوءه . وقد تكون أخطاؤهم موذية . وربما تكون لهم حروب أو معاكسات أو محاولات للمضايقة . وهكذا قد يفقد إنسان هدوءه ، بسبب جار مشاكس ، أو زميل متعب في العمل ، أو في الخدمة ، أو بسبب أخطاء أناس تسبب لهم ضرراً ، أو تجعله في حالة حرص مستمر أو حالة توتر بسبب ما يتوقعه من أخطائهم . قد يخرج المدرس عن هدوئه بسبب تصرفات تلاميذه . وقد يفقد الأب أو الأم هدوءه بسبب أخطاء الابن . وربما تصرفات أفراد من الشعب تضر بهدوء البلد كله .. 2- وقد يفقد الإنسان هدوءه بسبب معاشرة غير الهادئين : فإن عاشر إنساناً قلقاً أو مضطرباً أو خائفاً ، ربما تنتقل عدوي أخطائه إليه . وينتقل إليه خوف هذا الشخص ، أو إضطرابه أو بالعكس فإن معاشرة الهادئين تدخل الهدوء إلي النفس . إن كثيراً من النواحي النفسية يمتصها الإنسان من غيرة ، جيدة كانت أو ردئية .. وكما كتب أحد الآدباء " قل لي من هو صديقك ، أقول لك من أنت "… لذلك ليس غريباً إن داومت الجلوس في مكان فيه سجن ، أن تتسجس نفسك بسبب ما تسمعه من أحاديث الناس .. وليس بعيداً إن عاشرت إنساناً كثير الشك ، إن يسري الشك إلي قلبك وإلي فكرك دون أن تقصد ذلك .. 3_ مما يفقد الهدوء أيضاً : الأخبار ووسائل الإعلام . ما أكثر ما تقدمه الإذاعات والجرائد والمجلات ودور النشر من أخبار مثيرة قد تزعج الناس ، وتؤثر علي تفكيرهم وأعصابهم حتي ليظن البعض أن العالم قارب أن ينتهي أو أن كوارث توشك أن تحدث . وقد تتلاحق هذه الأخبار بسرعة ، حتي ما يفيق الإنسان سماع خبر ، إلا ويلاحقه آخر . وهكذا يعيش الناس في توتر مستمر . وهناك صحفيون يرون أن الإثارة هي دليل النجاح في نشر أخبارهم ، فيختارون العناوين المثيرة والأخبار المثيرة بغض النظر عما تحدثه في قلوب الناس من أثر! ونفس الوضع ينطبق علي الأخبار التي يرويها الناس في أحاديثهم .. أخبار المشاكل والضيقات والآلام ، علي مستوي عام ، أو علي مستوي الأسرة أو الفرد .. وهناك من يروي بطريقة فيها إنفعال شديد ، ينقله إلي سامعه فينفعل بانفعاله .. ويعيش الناس في شد وجذب ، من جراء الأخبار المتلاحقة . حتي أن من يريد أن يحيا في هدوء ، يحاول بقدر طاقته أن يبعد بقدر طاقته عن الأخبار المثيرة ، أو أن يبعد تأثيرها عليه …. 4_ وأهم ما يفقد الإنسان هدوءه النفسي : المشاكل . صغار النفوس أقل مشكلة تزعجهم . أما الكبار فقد ينزعجون أمام المشكلة التي تبدو بلا حل . فإن وصلوا إلي حل ، تهدأ نفوسهم . الإنسان غير الهادي يريد أن يقيم الدنيا ويقعدها كلما صادف مشكلة .. وربما يقول : " لن أجعل هذا الأمر يمر بخير " أنا سأعرف كيف أتصرف "!! وقد يكون تصرفه العنيف مشكلة أخري لها نتائج أسوأ من المشكلة الأصلية. قد يفقد الإنسان هدوءه أمام مشكلة خاصة ، أو أمام مشكلة عامة ، كالمواصلات مثلاً ، أو كالروتين أو المشكلة الأقتصادية والغلاء .
نذكر نوعاً ثالثاً من الأسباب التي تعكر الهدوء وهي أسباب :
ضد هدوء الروح
الخطية تعكر هدوء الإنسان روحياً . كما قال الوحي الإلهي :{ لا سلام – قال الرب – للأشرار }{ أش22:48}. {أما الأشرار فكالبحر المضطرب ، لأنه لا يستطيع أن يهدأ ، وتقذف مياهه حمأة وطنياً . ليس سلام قال إلهي للأشرار }{أش21:57}. الخاطئ يعيش في صراع داخلي لا يعطيه سلاماً . يفقد هدوءه قبل الخطية في التدبير والتفكير . وبعد الخطية يفقد هدوءه خوفاً . خوفاً من إكتشاف الخطيئة : خوفاً من العقوبة ومن سوء السمعة . قايين فقد هدوءه بعد قتله لأخيه هابيل . وقال : { ذنبي أعظم من أن يحتمل } كما قال في خوفه : { يكون كل من وجدني يقتلني }{تك4: 13،14}. كذلك فإن الأسباب التي تعكر الهدوء من الداخل ، تتعلق غالبيتها بخطايا أو نقائص : مثل الشهوة والخوف وعدم الإيمان …. لذلك فإن الإنسان الروحي يتصف دائماً بالهدوء ؟ ففي مقدمة ثمار الروح { محبة فرح سلام } {غل22:5}. ومع الفرح والسلام يوجد هدوء .. كذلك مما يفقد الإنسان الخاطئ هدوءه : خوف الدينونة . إن الحاية الفضلى تعطي أولاد الله رجاء في أبدية سعيدة ويكونون { فرحين في الرجاء }{رو12:12}.ويستمعون إلي قول القديس يوحنا الرسول : { إثبتوا فيه . حتي إذا اظهر يكون لنا ثقة ، ولا نخجل منه في مجيئه } { 1يو28:2}. أما الخطاة فإنهم يعيشون في خوف كلما فكروا في أبديتهم ، كما قال القديس بولس الرسول : } مخيف هو الوقوع في يدي الله الحي {} عب31:10{. الإنسان الروحي له علاقة طيبة مع الله . أما الخاطئ فهو في خصومة أو في عداوة مع الله ، تفقده هدوءه . ويزعجه جداً الحديث عن الموت أو عن الأبدية ، أو عن الدينونة . إنها كلمات لا يطيقها . ربما يهرب منها . ولكنها حينما تلاحقه وتضغط عليه ، يتعب قلبه من الداخل . هناك خطأ روحي أيضاً يعكر الهدوء : إنه الضمير الموسوس الضيق ، الذي لا يمكن لصاحبه أن يحياً في هدوء … هذا الضمير الذي { يصف عن البعوضة }{مت23}. ويظن الشر حيث لا يوجد شر أو يضخم من قيمة الخطية فوق مستواها . إنه يعيش باستمرار في عذاب وفي شك وفي تأنيب ضمير ، ولا يهدأ من الداخل .
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:57 pm | |
| كيف نحصل على الهدوء
1}– محبة الهدوء . 2} – هدوء الطبيعة . 3} – هدوء القلب . 4} – لا تكن سهل الاستثارة . 5} – الإيمــــــــــــــــــــــان. 6} – معاشرة الهادئين . 7} – المرح والبشاشة . 8} – التواضع والوداعة . 9} – تداريب علي الهدوء .
هناك وسائل عديدة للحصول علي الهدوء ، لابد أن نضع في مقدمتها : محبة الهدوء والاقتناع به . هناك محبة الهدوء لا يمكن أن تحيا في هدوء ، إلا إذا اقتنعت به . ذلك لأن اقتناعك يؤثر بلا شك علي تصرفاتك . ينبغي إذن أن تقتنع أن تصريف الأمور ، أو حل المشاكل ، لا يأتي بالعنف ، ولا بالقلق والإضطراب ، ولا بالخوف ولا باليأس ، بل علي العكس : الإنسان الهادئ ، يستطيع أن يفكر باتزان ويحل مشاكله ويتصرف حسناً . أما إذا فقد هدوءه ، فإنه يضرب ولا يجد حلاً .. هناك أشخاص : بعض أخبار أو أحداث مزعجة تجلب لهم أضراراً صحية ، مثل السكر وضغط الدم ، وقرحة المعدة ، وتلف الأعصاب . وتحوجهم إلي أطباء جسديين ونفسيين . وقد يستمر معهم عدم الهدوء فترة طويلة يكونون فيها موضع رثاء الناس . كما أن غير الهادئين يضرون غيرهم أيضاً … فإن أقتنعت إذن بمضار عدم الهدوء ، حاول باستمرار أن تكون هادئاً . وأسلك في السبل التي توصلك إلي الهدوء . واعرف أن الإنسان الذي يفكر بهدوء ، يكون تفكيره رصيناً وقوياً ، ويستطيع أن يفهم ، وأن يستنتج ، وأن يلم بالموضوع، وأن يحل ويدبر …
والقلب الهادئ حلوله هادئة ، ولا تسبب مشاكل . والطبيعة الهادئة تنقل هدوءها إلي النفس .
هدوء الطبيعة
وهدوء الطبيعة يساعد علي هدوء الطبع . من اجل هذا يخرج الناس إلي الحدائق والبساتين ، حيث المناظر الطبيعية الجميلة تهدئ الأعصاب . وإن لم يستطيعوا ذلك بصفة دائمة ، فعلي الأقل في أيام العطلات . والأثرياء يسافرون إلي بلاد ذات طبيعة جميلة . وكثير من الناس – علي الأقل – يضعون في بيوتهم زهوراً في أوان خاصة ، أو يزينون جدران منازلهم ببعض مناظر طبيعية مريحة . والبعض يختارون مساكنهم في أحياء هادئ . ويسكنون في الضواحي غير المزدحمة بالسكان ، حيث لا توجد معكرات للهدوء كالآلات والماكينات ، وصخب المواصلات ، وضوضاء المصانع والمتاجر وما إلي ذلك …. وبعض الضواحي تصر علي عدم بناء المساحة كلها وتحدد إرتفاع المساكن .. ولذلك توجد حول كل بيت حديقة ، بأشجار وأزهار ، فتعطي المكان جمالاً ، ويتمتع كل شخص بكمية كافية من الهواء النقي ، وبمناظر طبيعية جميلة تجلب الهدوء إلي النفس . وإذا لا يكثر عدد السكان ، تقل الضوضاء ، ويكون هذا سبباً آخر من أسباب الهدوء . والذين لا يستطيعون شيئاً من هذا كله ، ينصحونهم علي الأقل بتغيير الجو إلتماساً لهدوء الأعصاب . ولقد قرأت مرة في أثناء الحرب ايزيهاور رئيس أمريكا ذهب ليقضي عطلة نهاية الأسبوع في إحدي البحيرات ، حيث التقطوا له صورة هناك وهو يصيد السمك . كل ذلك علي الرغم من مسئولياته الخطيرة . ولكنه كان يعرف جيداً أن راحة الأعصاب تريحه من تحمل المسئوليات ، وتعطي نشاطاً للفكر وهدوء للنفس ..
نتذكر أن السيد المسيح كان يأخذ تلاميذه إلي مواضع خلاء . أحياناً يأخذهم إلي الحقول والبساتين ، وأحياناً يكلمهم علي الجبل ، أو عند شاطئ البحيرة . ومعجزة الخمس خبزات والسمكتين تمت في موضع خلاء .. ليت البعض يدرس موضوع الطبيعة وعلاقة
السيد المسيح بها .
الأديرة
وآباء البرية كانوا يعيشون في هدوء البرية . وهكذا عاشوا هادئين . لا توجد أسباب خارجية تثيرهم أم تزعجهم . لذلك كانت نفسياتهم هادئة ، ولهم هدوء في الفكر والقلب ، وطول أناة في معالجة الأمور . وكانوا يقدمون نصائح هادئة لمن يسترشد بهم ووضعوا أمامهم ذلك المبدأ الرهباني : بهدوء الجسد نقتنى هدوء النفس . والذي ما كان يجد هدوءاً كافياً في المجامع الرهبانية . كان يلجأ إلي حياة الوحدة في سكني الجبال والمغارات ، ويحيا بحواس هادئة ومشاعر هادئة . وهكذا فإن بعض الآباء يسمون حياة الرهبنة { حياة السكون }. وكان الآباء يفضلون هدوء الليل علي ضجيج النهار . وتكون صلواتهم في الليل الهادئ ، أكثر عمقاً وتأملاً مما في النهار الصاخب . حتي أن مار أسحق يقول ك {الليل مفروز لعمل الصلاة }. ويقول المرتل في المزمور :{ في الليالي إرفعوا أيديكم أيها القديسون وباركوا الرب ..}{مز134}. وأتذكر أنني كتبت في مذكرتي في إحدي الليالي ، وأنا في مغارتي في الجبل { ربما سنة 1960}. البيتين الآتيين :
سكون الليل موسيقي *** وأسرار تهــــــــامســني وصوت الريح في رفق *** يصب اللحن في أذني
وللأسف فإن بعض المدن أفسدت هدوء الليل . وجعلت الليل مجالاً لصخب الملاهي والحفلات بكافة مجالاتها وبرامجها وضجيجها . وأبعد الليل عن الهدوء وعن الله ولذلك فمن اجل الهدوء أقامت الأديرة بيوتاً للخلوة . يقصدها الشباب لقضاء فترة هادئة للتأمل والصلاة ، بعيداً عن ضوضاء المدينة ، وبعيداً عن الإثارات التي تصعد بالنفس وتهبط . يأخذون في هذه الفترة شحنة من الهدوء الداخلي ، تجدد قواهم الروحية ، وتمنحهم لوناً من الحصانة القلبية … المهم أن هؤلاء الذين يقصدون الأديرة للهدوء يفقدون الأديرة هدوءها .. فتكون الزيارة لا لمجرد تغيير الجو ، ولا لمجرد التبرك بالأماكن المقدسة ، إنما بالأكثر للاستفادة الروحية ، وقضاء الوقت ففي صلاة وقراءة ، وتأمل وفحص للنفس . ويستحسن أن يكون وحده ، فلا يأتي مع مجموعة يقضي الوقت معها في نقاش وكلام !!
وبالمنهج الروحي يستفيد زائر الدير ، ولا يعكر هدوء الدير .
هدوء القلب
القلب الواسع يتقبل أشياء كثيرة ، دون أن يتضيق بها .
القلب الهادئ ينتج أفكاراً هادئة ، مشاعره أيضاً هادئة . إنه لا يفكر في متاعب المشكلة ، وإنما في حلها . الذي ينحصر في الآلام يتعب نفسه ، أما الذي يفكر في حل يخرجه من ألمه ، فهذا يستريح حالما يصل إلي الحل ، فإن لم يجد مخرجاً من مشكلته ، فإنه يتركها إلي الله ، واثقاً من أن الله عنده حلول كثيرة . وبالإيمان يهدأ القلب ، في ثقة بعمل الله . ليست الخطورة في المشكلة ، إنما في طريقة تعاملك معها وفي طريقة الــ Response . الخطورة هي في درجة إنفعالك بالمشكلة ، ونوعية تأثرك بها وهل هي تدخل في أعماقك وتعكرك ، أم تطفو علي سطح تفكيرك ولا تسمح لها بأن تتعبك ولا بأن تشغلك . ما هو رد نفسك في المشكلة ، واستجابتك الداخلية لها ؟ فالنفس الهادئة تقابل الأمور بهدوء ، مهما تعقدت . إننا إذا إضطربنا تضطرب كل الأمور أمامنا ، وإذا هدأنا تبدو كل الأمور هادئة في نظرنا .. إذن نوعية تفاعل أنفسنا مع المشكلة هي أساس مشاعرنا . والنفس غير الهادئة ، تكون باستمرار متشائمة ، وتتوقع أسوأ الحلول .. أما الإنسان الهادئ ، فيتلقي أصعب الأخبار في هدوء ، ويعالج الأمر في هدوء ، لأنه تعود الهدوء .. إن كان داخلك سليماً ، تكون محصناً ضد الاضطراب . مثل إنسان محصن صحياً ضد ميكروب معين . حتي أن دخله هذا الميكروب فإنه لا يؤذيه .. وهكذا أنت : مادمت من المستحيل أن يحيا في عالم خال من المشاكل . فالحل العملي إذن أن تدرب نفسك علي الإرتفاع فوق إثارات المشاكل . وتدرك تماماً أن الاضطراب لا يحل المشكلات . بل يحلها التفكير الهادئ المتزن ، الذي يصل إلي حلول عملية ممكنة التنفيذ .
إننا نريد هدوءاً في القلب ، لكي نحصل به علي الهدوء الخارجي في التعامل والتصرف . أيضاً كل أنواع الهدوء الخارجي تسبب هدوءاً داخلياً …
لا تكن سهل الأستثارة
تقبل كل شئ في هدوء ، مهما كان مزعجاً .. لا تجعل الأسباب الخارجية تثيرك من الداخل ، ولا تكن سهل الاستثارة لا تكن مادة قابلة للإشتعال ، ولا سريعة الإشتعال . كن هادئاً ودرب نفسك علي السلام الداخلي وهدواء القلب . هناك شخص إن قلت له خبراً ، تجد ملامحه كلها قد تحفزت : نظراته ، ملامحه ، نبرات صوته .. لدرجة أنك قد تقول له : إطمئن لم يحدث شئ .. أو تمتنع عن إكمال الحديث .. أما أنت فلا تكن هكذا . لقد قال السيد الرب : { لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع} {يو27:14} . لا تنفعل بسرعة . وإن إنفعلت ، ضع حدوداً لإنفعالك وحاول أن تهدئ نفسك .. إذا القيت جحراً علي جبل ، لا تهذه ، ولا يتأثر به . أما إن ألقيت نفس الحجر علي زجاج فإنه يتحطم ويتفتت .. فكن جبلاً لا زجاجاً . أريدكم أن تكونوا جبالاً ، لا تهتز بسرعة ، ولا تهتز ببطء ، بل ولا تهتز أبداً .. عود ثقاب تقربه من قش ، تحترق بسرعة . شعلة نار تضعها في الماء ، لا يحترق ، بل يطفئها . فأي نوع
من الاثنين أنت؟
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:57 pm | |
| الأيمان
وسط المتاعب والمشاكل ، يمكن أن الإنسان يهدأ عن طريق الإيمان ، إذ يؤمن أن الله موجود ، وأنه يحفظ ويدبر ويحمي ، وأنه أيضاً يحكم للمظلومين {مز7:146}. ويؤمن أن الله لابد سيتدخل بمحبته ويوجد له حلاً ، أو يتدخل بعدله ويرفع عنه ظلماً ، واضعاً أمامه قول الرب : { لا أهملك ولا أتركك }{يش5:1}.
فهو يترك كل شئ لله ، ولا يخاف ولا يضطرب ، مؤمناً بعمل الله من أجله . إن المؤمنين بعمل الله وحفظه لا يضطربون أبداً . واعتمادهم علي الله يمنحهم سلاماً داخلياً عميقاً . بل إن إيمانهم يجعلهم يرون الخير في كل شئ .. حتي ما يبدو أنه ضيق وتعب ، لابد أن الله سيحوله إلي خير . وفي الثقة بالله ، يحيون حياة التسليم الكامل والسلام العميق . وليس معني الإيمان أن الإنسان يقف موقفاً سلبياً . بل علي العكس إنه يعمل كل ما يستطيعه ، دون انزعاج واضعاً الأمر من أوله في يد الله . وواضعاً أمامه أيضاً قول الكتاب :{ الغير مستطاع عند الناس ، مستطاع عند الله } {لو27:18}.. وما دام الله يري كل شئ ، ويريد الخير للكل ويستطيع ذلك ، فلماذا فقدان السلام ؟! فإن فقد أحد سلامه القلبي أمام المشاكل ، فلابد أن هناك خالاً داخل القلب يحتاج إلي علاج . قد يكون هذا الخلل قلة إيمان ، أنتجت شكاً ، فخوفاً ، فاضطراباً .. ويدخل في عنصر الإيمان : الإيمان بقوة الصلاة وفاعليتها . والصلاة – لمن يؤمن بها – علاج للخوف والاضطراب . بالصلاة تشعر بأنك لست وحدك ، وإنما أنت محاط بقوة إلهية تسندك . لذلك تهدأ نفسك وتطمئن .
معاشرة الهادئين
الذي يعاشر الهادئين ، يدخلون الهدوء إلي نفسه. والذي يعاشر المطربين والثائرين ينقلون إليه عدوي مشاعرهم . ذلك لأن الأمراض النفسية قد تنتقل بالعدوي عن طريق المعاشرة . وبهذا ينتقل الخوف وينتقل الشك وينتقل القلق من شخص إلي آخر . أما معاشرة الهادئين فتمنح الثقة والطمائنينة والسلام . تقرأ خبراً مزعجاً فتقلق . ثم تقابل شخصاً هادئاً ، فتجده قد قابل الخبر بمنتهي الثقة وهو مطمئن تماماً أنه سوف لا يحدث شئ متعب علي الإطلاق . ويشرح لك . ويبدأ الاطمئنان بزحف من نفسه إلي نفسك ، فتهدأ . إذا عاشرت الهادئين ، يمكنك أن تمتص إيمانهم وهدوءهم ، وتأخذ من سلامهم الداخلي سلاماً لنفسك . وتأخذ أيضاً نموذجاً وقدوة من طباعهم الهادئة ، تحاول أن تحاكيها إذ تعجبك وتريحك . وتعود علي طريقة تفكيرهم في مقابلة المشاكل والضيقات . وتتعلم من ذكائهم كيف للعقل أن يستوعب المشكلة ويهضمها . وكيف يمكنه أن يفهم الأمور ويحلل المشاكل ويستنتج الطرق الصالحة لعلاجها . وتتعلم أيضاً من إيمانهم ، ومن طول بالهم واحتمالهم وصبرهم . وهكذا تعرف من معاشرتهم المصادر العملية للهدوء . إن معاشرة الهادئين من أفضل أنواع المهدئات . إنهم من النفوس الهادئة المهدئة . ونضم إليهم أب الاعتراف المهدئ الذي تأتيه النفوس القلقة فيهدئها
الاعتراف هو أيضاً وسيلة للحصول علي الهدوء حيث ترفع عن نفسك ثقلاً فتهدأ .
المرح والبشاشة
روح المرح والبشاشة تعطي الإنسان هدوءاً نفسياً واسترخاء وتبعد عنه الاضطراب والكآبة . ومهما كان الجو مكهرباً وصاخباً ، فإنه يستطيع بفكاهة لطيفة أن يجعل الكل يضحكون أو علي الأقل يبتسمون ، ويزيل بمرحة جو التوتر . هنا ونتذكر قول الكتاب :
{ للبكاء وقت ، وللضحك وقت } {جا4:3}. نعم هناك وقت للضحك .. ولعل من وقته : أزالة التوتر من الناس ،أو نفس الشخص ذاته ، أو معالجة للغضب . كأن يسمع الشخص كلمة مسيئة من إنسان ، فبدلاً من أن يغضب ، يرد عليه بفكاهة ، ويضحك الاثنان ويزول الغضب . ولذلك فإن الإنسان المرح يكون محبوباً من الكل ، ويعيش باستمرار في هدوء ، أينما حال .. معاملاته مع الناس هادئة . والأشخاص المتصفون بالمرح ، تجد أعصابهم هادئة . ليس من السهل إثارتهم أو إغضابهم . إنهم ليسوا فقط هادئين ، وإنما أيضا ًيقدرون أن يهدئوا غيرهم . والمرح قد يكون أحياناً عنصراً من عناصر { الجواب اللين }الذي يصرف الغضب {أم1:15}. هناك أشخاص أول شئ يقرأونه في الجرائد : الفكاهات . فتنبسط نفوسهم ، ويدخلها الهدوء ، ولا تؤثر فيهم الأخبار المثيرة . وقد يوجد شخص حينما تراه تبتسم قبل أن يتكلم ، متوقعاً أنه سيقول لك شيئاً مضحكاً أو شيئاً يسرك . وتشعر بفرح حينما تلتقي بهذا الشخص في أول يومك . لتكن لكم الوجوه البشوشة التي تشيع الهدوء في غيركم .
لأن الناس لا تحتمل أن تري إنسان متجهم الوجه أو كئيباً . إنه يفقدهم هدوءهم وسلامهم الداخلي ..
النواضع والوداعة
الشخص الوديع من صفاته الطبيعية الهدوء . فالوديع هادئ ، لأنه { قصبة مرضوضة لا يقصف ، وفتيلة مدخنة لا يطفئ }{رمت20:12}. وكذلك لأنه لا يغضب ولا يثور ، ولا يحتد ولا يعلو صوته . فهو إذن هادئ . والإنسان الوديع طيب القلب ، لا ينازع ولا يحارب ،{ ولا يطلب ما لنفسه }{1كو5:13}. ولا يقاوم الشر {مت39} حتي في مناقشة تجده هادئاً ، ولا يقاطع غيره في الحديث ، ولا يتهكم عليه ، ولا ينفعل .. الوديع لطيف بطبعه ، وبعيد عن القسوة وعن العنف ، لا يضغط علي غيره ، ولا يلح ، سهل التعامل ، لا يطلب راحته بل راحة غيره ، لذلك يكون هادئاً . الوديع إنسان متسامح ، لا يرد بالمثل ، ولا يجرح غيره ، ولا يهينه ، ولا يتكلم معه بسلطان ، بل بهدوء . فهو لا ينتهر أحداً ولا يوبخ ، إنما يعبر عن رأيه في قوة الإقناع وليس في عصبية ولا افتخار . لكل هذه الأسباب وغيرها ، تتفق طباع الوديع مع الهدوء إتفاقاً كاملاً . فإن إكتسبت الوداعة ، سوف تتصف تلقائياً بالهدوء . لذلك حاول أن تقتني عناصر الوداعة وصفاتها ، وتدرب نفسك عليها . فإن فعلت ذلك ستصل إلي الهدوء حتماً …. كذلك فإن الهدوء هو إحدي صفات المتضع .. فالإنسان المتضع لا يغضب أحد ، ولا يغضب من أحد ، لذلك فإنه يتعامل مع الناس بهدوء . وإذ هو يتصف بمسكنة الروح ، فإن هذه المسكنه لا يمكن أن تتصف بالجدة أو الغضب لأنهما يتعارضان معها ، بل تجد الإنسان المتواضع رقيقاً في تعامله ، هادئاً في حديثه ، بعيداً عن الضجيج . والمتواضع دائماً يأتي بالملاقة علي نفسه في كل شئ ، دون أن يلوم غيره ، لذلك فهو لا يقاوم ، بل يقبل إساءة الآخرين في إنسحاق قلب . وهكذا لا يحارب ولا يدخل في صراعات ، بل يكون هادئاً . الإنسان المتواضع يطلب بركة كل أحد ، وصلاة كل أحد لذلك فهم يحيا في محبة الكل ، يعاملهم برقة وهدوء ، وهو أيضاً يحتمل الكل ، دون أن يثير ضجة من أجل الدفاع عن نفسه . ومهما أصابه ضرر يقول :{هذا بسبب خطاياي } . فيصمت ولا يثور .. وهكذا يحيا في هدوء مع الناس . إن فقدان الهدوء ، سببه الأساسي هو التمركز حول الذات . والتواضع بعيد عن الذات . في التواضع إنكار للذات . وفيه بعد عن الاهتمام بالكرامة وبالحقوق ، الأمر الذي من أجله يفقد الإنسان هدوءه إن لم يكن متضعاً . ومادام المتضع لا يهتم بالأمور التي تمس كرامة لذلك لا يفقد هدوءه بسببها ، وتمر أمامه ببساطة .
كذلك المتضع لا يحيط نفسه الضجيج الذي يشغف به محبو المديح . أقرأ أسباب فقدان الهدوء ، وقارنها بالإتضاع وصفاته . حينئذ ستري كيف يساعد الاتضاع علي الهدوء ؟ وستري أن من يفقد إتضاعه ، يفقد هدوءه .
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:57 pm | |
| تدريب على الهدوء
1- تعود الهدوء في خروجك وفي دخولك . وأغلق بابك وافتحه في هدوء ، دون أن يحدث صوتاً . حرك أدواتك وأثاثك داخل حجرتك في هدوء . 2- لتكن مشيتك بهدوء ، لا بجري ، ولا باضطراب ، ولا تجعل حذاءاك يحدث صوتاً مثل أولئك الذي تعلن أحذيتهم عن قدومهم قبل أن يأتوا . يقول بستان الرهبان :{ مشي هين وصوت لين }. 3- تعود الهدوء في الكلام ،فلا تسرع في حديثك، ولا يحتد صوتك ، ولا تتعود الصياح والصوت العالي . ولتكن ألفاظك هادئة . وإن أردت ان تقول كلمة عنيفة أو جارحة ، اضبط لسانك ولا تلفظها .. وفكر في نتائجها السيئة .. 4- إذا كتبت خطاباً غير هادئ ، فلا ترسله بسرعة . إتركه يوماً أو يومين ، وأعد قراءته ، وغير ما يلزم تغييره فيه. 5- كل فكر يلح عليك لتسرع في تنفيذه ، لا تطاوعه . وانظر حتي تفحصه بهدوء من كل ناحية .. 6- درب نفسك علي عدم الإندفاع ، وعدم التسرع . واعرف أن عدم الصبر يدل علي عدم هدوء الإنسان
في الداخل . فالإنسان الهادئ طويل البال . وإذا إضطرب الإنسان يفقد القدرة علي الصبر . فهو لا يستطيع أن ينتظر . يريد الآن أن يعمل أي عمل أو يتكلم أي كلام ، أو يتخذ أي قرار ، بلا هدوء .. فإن قال لك أحد :{ تعوزني فضيلة الصبر }. فقل له: { وأيضاً تعوزك فضيلة الهدوء } لأن كليهما مرتبطتان معاً . 7- أعط جسدك راحة ، ولا ترهقه . لأن الإنسان في حالة الإرهاق ، تكون أعصابه عرضة لعدم الإحتمال . وربما يفقد هدوءه ويتصرف بغضب أو عصبية لأتفه الأسباب . لذلك لا تدخل في مناقشة حادة وأنت مرهق . 8-أتتهز فترات الصوم لتقضيها في الهدوء . فالكتاب يقول :{ قدسوا صوماً ، نادوا باعتكاف }.{يؤ2}. وتذكر أن السيد المسيح قضي الأربعين يوماً صوماً علي الجبل في هدوء { مت 4}. مشكلتنا أننا نصوم كثيرا ولكن ونحن محاطون بالضجيج من كل ناحية ، فلا نستفيد الفائدة المتوقعة من الصوم …! 9 - ابعد بقدر إمكانك عن أسباب الإثارة ومسببيها .وإن فقدتهدوءك ، أو حوربت بذلك فابحث عن الأسبابسواء كانت من داخلك أو من الخارج ، وتحاشي تلك الأسباب ، وبخاصة في المعاملات . وكما قال أحد الآباء : {لا تأخذ وتعطي مع إنسان يقاتلك به العدو }. وابعد عن المناقشات الحادة ، مطيعاً قول الحكيم { لا تستصحب غضوباً }{أم24:22}. ابعد أيضاً عن الأماكن الصاخبة ، وعن القراءات التي تفقدك الهدوء ، وعن سماع الأخبار التي تتعبك أو تزعجك . 10 – لا تفترض المثالية في جميع الناس . فإن قوبلت بتصرف خاطئ من البعض ، لا تتضايق فالناس هكذا ، فيهم الطيب والردئ . ولا تتوقع أننا نتعامل مع ملائكة أو مع قديسين .. وأنما مع بشر عاديين ، أخطاؤهم نحونا لا يصح أن تقلقنا ..! 11- لا ترد علي أحد وأنت غضبان . بل إنتظر إلي أن تهدئ نفسك ، ثم إكمل الحديث معه . أو علي الأقل أصمت . وقل لنفسك : ليس من الصالح أن أناقشه وأنا غير هادئ .
12- لا تلجأ إلي العقاقير لتحصل علي الهدوء . ومن أمثلتها المسكنات والمنومات والمهدئات ، والخمر والمسكر والمخدرات . فكلها تتيهك عن نفسك ، دون أن تحل متاعبك . وإنما حاول أن تحل إشكالاتك داخل نفسك ، وبالحلول العملية ، والطرق الروحية . واعلم أن الذي يتعود تعاطي المسكنات ، تصبح إدماناً ولا تفيده ، بل يضطر إلي إزادة كمياتها ، ويفيق منها ليجد نفسه متاعبة كما هي بدون حل . 13- كذلك لا تلتمس الهدوء بالإنطواء والهرب . لا تظن أنك بانطوائك علي نفسك وهروبك قد صرت هادئاً ! كلا ، فهذا هدوء مريض . وداخلك بعيد عن الهدوء . ولا تزال مشاكلك بعيده عن الحل . وإن كانت لك مشكلة في بيتك ، فلا تظن أن حل هذه المشكلة هي هروبك من البيت إلي المقهى أو النادي أو الكازينو أو أحدي الجمعيات .. فالمشكلة لا تزال قائمة تحتاج إلي حل عملي .. 14- ابعد عن استخدام العنف بكل أنواعه . ولا ترد علي عنف بعنف ، فليس هذا أسلوباً روحياً والكتاب يقول :{ لا يغلبنك الشر بل إغلب الشر }{رو12:12}. 15- إن تعقدت أمامك المشاكل ، ولم تجد حلاً ، وعجز عقلك عن التفكير أمامها ، فلا تفقد هدوءك ، وإنما حاول أن تستشير . فربما تجد في المشورة ما يهدئ نفسك ويريحك ، ويضيف إلي عقلك فكراً جديداً فيه حل للإشكال ، وتشعر أن هناك باباً مفتوحاً أمامك …
16- الروح الزاهدة تمنح الهدوء في الأمور التي يفقد فيها الإنسان هدوءه بسبب ضغط الرغبات عليه ، واضطرابه بسبب عدم تحقيقها . لذلك إن أقتنعت بفناء العالم تهدأ نفسك ..
{{{ | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: كتاب_الهدوء الثلاثاء يناير 27, 2009 2:57 pm | |
| فــهــــرس
صفحة تصدير 5 الفصل الأول : جمال الهدوء وسموه 7 تاريخ الهدوء 8 عناصر الهدوء 13 الهدوء الحقيقي 15 فضائل تتعلق بالهدوء 20 فائدة الهدوء 27 مضار عدم الهدوء 29 أمثلة من الهدوء 33
الفصل الثاني : أنواع الهدوء 41 هدوء الطبع 43 هدوء الأعصاب 45 هدوء اللسان 51 الهدوء الداخلي ( الفكر والنفس ) 58 هدوء الملامح 66 هدوء الجسد والحواس 68 هدوء التصرف والحلول 73
الفصل الثالث : أساب عدم الهدوء 75 أسباب من الداخل : الطبع 76 طريقة التفكير 79 الأعصاب المرهقة 80 الخوف والاضطراب 81
الشهوة 83 الغضب والنرفزة 84 محبة الضجيج 85 أسباب من الخارج 87 أ - ضد الحواس : المساكن 88 الماكينات : 92 الأصوات والأضواء والألوان 94 ب - ضد هدوء النفس 97 ج - ضد هدوء الروح 100
الفصل الرابع : كيف نكتسب الهدوء 103 محبة الهدوء 104 هدوء الطبيعة 105 هدوء القلب 109 لا تكن سهل الاستشارة 111 الإيمان 113 معاشرة الهادئين 114 المرح والبشاشة 116 التواضع والوداعة 117 تداريب علي الهدوء 121 الفهرست 126
| |
|
| |
| كتاب_الهدوء | |
|