| من وحي الميلاد | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:14 pm | |
| الكتاب : من وحي الميلاد . المؤلف : البابا شنوده الثالث . التاريخ : نوفمبر 1987 م . المطبعة الأنبا رويس بالعباسية . رقم الإيداع بدار الكتب 1754 / 1983 جميع حقوق الطبع محفوظة للمؤلف القيت هذه المحاضرة في الكاتدرائية المرقسية الكبري بالعباسية مساء الجمعة 28 / 11 /1980
بسم الآب و الإبن و الروح القدس - الإله الواحد اَمين أود أن أكلمكم في هذه الليلة عن : إحدي بركات التجسد الإلهي ، و هي مباركة الطبيعة البشرية : و أعني بهذا أن السيد المسيح ، لما لبس طبيعتنا ، بارك هذه الطبيعة . و لذلك نقول في القداس الإلهي ( الغريغوري ) " و باركت طبيعتي فيك " ... فالطبيعة البشرية - بتجسد السيد المسيح - لم تعد طبيعة فاسدة . و كما قال القديس أثناسيوس الرسولي : إن الإنسان خلق علي صورة الله و مثاله . و لكنه فسد الخطية ، و فقد صورته الإلهية . فجاء السيد المسيح يقدم للإنسان صورة الله مرة أخري في الطبيعة البشرية التي لبسها
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:14 pm | |
| عادت الى صورة الله بارك هذه الطبيعة ، لتعود كما كانت : صورة الله و مثاله . و لذلك فإنه في هذه الطبيعة ذاتها ، عالج كل الضعفات التي وقع فيها الإنسان الأول ، كما عالج ضعفات الإنسان بصفة عامة . واعطى طبيعتنا روح القوة أخذ الطبيعة الضعيفة المهزومة ، و أعطاها روح القوة . هذه الطبيعة الساقطة المغلوبة المهانة ، باركها الرب و أعطاها قوة لم تكن لها . و لذلك فالإنسان في المسيح يسوع لم يعد إنساناً ضعيفاً ... تصوروا إنساناً مثل بولس الرسول يقول " أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني " ( في 4 : 13 ) . حقاً ، من يجرؤ أن يقول " استطيع كل شئ " ؟! يقولها من يناجي الرب بعبارة " باركت طبيعتي فيك ". لأن من يؤمن بعمل المسيح فيه ، يعرف أيضاً قول الكتاب " كل شئ مستطاع للمؤمن " ( مز 9 : 23 ) . و من بركات الرب التي بارك بها طبيعتنا ، أنها : صارت هيكلا للروح القدس و هذه الطبيعة المباركة أمكن أن تكون هيكلاً للروح . الروح القدس أصبح يحل في هذه الطبيعة لابشرية ، بسر المسحة ، سر الميرون . و أصبحت أداة لينة طيعة في يد الروح القدس يعمل بها عجائب . و تظهر فيها ثمار الروح ( غل 5 : 22 ) . و اصبحت أيضاً مجالاً لمواهب الروح ( 1 كو 14 ) ... و هكذا أصبح جسد الإنسان هو هيكل للروح القدس ( 1 كو 7 : 19 ) . و بارك الرب هذا الجسد أيضاً ، فأصبح له . هذا الجسد الساقط ، الذي اشتهي الثمرة المحرمة و أكل منها ، و الذي كثرت شهواته فيما بعد ، و الذي ارتبط بالمادة و خضع لها ... لما بارك السيد المسيح طبيعتنا البشرية ، لم يعد هذا الجسد فاسداً كما كان من قبل . بل إن القديس بولس الرسول يقول : مجدوا الله في أجسادكم ، و في أرواحكم التي لله ( 1 كو 6 : 20 ) . أي أن هذا الجسد لما بوركت طبيعتنا ، صار أداة لتمجيد الله ، و صار لله . و كيف تبارك هذا الجسد ؟ و متي ؟ تبارك لما لبس الرب جسداً ( يو 1 : 14 ) ، لما أخذ الجسد و اتحد به في طبيعة واحدة ... هناك فارق كبير بين العهد القديم و الجديد ، خذوا مثالاً له : في العهد القديم كان من يمس جسد ميت يتنجس ( لا 21 : 1 ) ، ذلك لأنه يمس جسداً مات و هو تحت حكم الدينونة ، بم تبرأ من خطيته بعد ، بل سيذهب إلي الجحيم ... أما في العهد الجديد ، لما بارك الرب طبيعتنا ، تغير الوضع تماماً . أصبحنا نلمس أجساد الذين انتقلوا ، فنتبارك بها . لقد قدس الرب طبيعتنا بدمه الطاهر ، و حمل الخطايا التي كانت تنجس هذا الجسد ... و هكذا أصبحنا نتبارك من عظام القديسين . و لم يعد لمس جسد الميت نجاسة كما كان الأمر في العهد القديم ... السيد المسيح لما بارك طبيعتنا ، و بارك الجسد إذ اتحد به ، أرانا أن الجسد يمكن أن يسلك بطريقة روحانية ، و أن الجسد يمكن أن يخدم الله كما تخدمه الروح ، و أن طبيعتنا البشرية كلها ، جسداً و روحاً و نفساً يمكن أن تكون مقدسة و طاهرة ... إننا نتعب حينما تسيطر الخطية علي الجسد ، و تستخدمه لأغراضها . فالعيب إذن في الخطية ، و ليس في الجسد ... و حتي لو خضع الجسد للخطية ، لا يكون العيب في الجسد ذاته كطبيعة ، إنما العيب هو في هذا الخضوع . أما الجسد فقد باركه الرب و قدسه . و من اهتمام الله بهذا الجسد ، انه سيقيمه في اليوم الأخير ، و سينعم عليه بأن يكون جسداً نورانياً روحانياً ، يتجلي في مجد ... ماذا فعل السيد المسيح أيضاً ، لما بارك طبيعتنا فيه ؟ لقد قدس الرب جميع غرائز الإنسان . كل ما في الطبيعة البشرية أصبح طاهراً " كل شئ طاهر للطاهرين " . قدس الرب الأكل لما أكل ، كما قدس الصوم لما صام . قدس الراحة و التعب . قدس النوم و الصحو ، لما مارس كل هذا ... السيد المسيح الوديع الهادئ ، الذي " لا يخاصم و لا يصيح و لا يسمع أحد في الشوارع صوته " ، قدس الوداعة و الإتضاع بوداعته و اتضاعه ... و أيضاً قدس الغضب ، لما أمسك سوطاً و طرد الباعة من الهيكل ... و أرانا أن الغضب يمكن أن يكون مقدساً ... و ذلك إذا ما استخدم حسناً ، و من أجل الحق ، و في حدود معينة تجعله بعيداً عن الخطأ ، بل لازماً في بعض الأحيان . و قدس الرب كل الأعمال البشرية التي مارسها . قدس الخدمة و الكرازة ، تماماً كما قدس الوحدة و التأمل . ذلك أنه سلك الأمرين معاً ، إذ كان يقضي الليل في الصلاة في الجبل في بستان جثسيماني . و في نفس الوقت كان يجول يصنع خيراً ، يطوف المدن و القري يكرز ببشارة الملكوت و يشفي كل مرض ( مت 4 : 23 ) . الطبيعة التى تغلب الشيطان في الطبيعة البشرية التي باركها المسيح ، أعطانا روح الغلبة . أعطانا أن نغلب العالم و نغلب الشيطان . الطبيعة الأولي الساقطة أيام اَدم ، كانت تخاف الشياطين . و كان الشيطان رعباً للبشر ، و قد تعود أن يسقطهم . و لذلك قيل عن الخطية إنها " طرحت كثيرين جرحي و كل قتلاها أقوياء " ( أم 7 : 26 ) . ذلك لأن الشيطان استهان بالطبيعة البشرية ، فلم يفلت من بين يديه أحد من البشر . " الجميع زاغوا و فسدوا و أعوزهم مجد الله " " ليس من يعمل صلاحاً . ليس و لا واحد " (مز 14 : 3 ) . و استمر الحال هكذا ، و الشيطان مسيطر . حتي صار لقب الشيطان هو " رئيس هذا العالم " ( يو 16 : 11 ) . و كان الشيطان يفتخر بإسقاط بني البشر ، حتي أنه وقف متحدياً في قصة أيوب الصديق ، و قال عنه للرب مرتين " و لكن ابسط الأن يديك ... فإنه في وجهك يجدف عليك " ( أي 1 : 11 ، 2 : 5 ) . كان الشيطان يفتخر بأنه اسقط الكل ، أو يستطيع أن يسقطهم ...! إلي أن لبس المسيح طبيعتنا البشرية ، و استطاع فيها أن يقول " من منكم يبكتني علي خطية ؟! " ( يو 8 : 46 ) . و استطاع أيضاً أن يقول : " رئيس هذا العالم يأتي ، و ليس له في شئ " ( يو 14 : 30 ) . و لأول مرة يجد الشيطان نفسه مهزوماً . ليس فقط حينما قال الرب عنه " رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء " ( لو 10 : 18 ) . و إنما أيضاً أحس الشيطان بالضعف و الفشل في التجربة علي الجبل ( مت 4 ) . هزمه كإبن للإنسان ، نائباً عن طبيعة الإنسان . في كل المواضع التي انهزم فيها الإنسان الأول ، إنتصر المسيح علي الشيطان . و رأي الشيطان أمامه طبيعة أخري يقف عاجزاً أمامها ... و كان سهلاً علي الشيطان في كل حروبه مع السيد المسيح ، أن يقبل إنهزامه أمام إبن الله ... أما أن ينهزم أمام " إبن الإنسان " ، فكان هذا أمراً يغيظ الشيطان و يتعبه . و أصر السيد المسيح علي استخدام لقب " إبن الإنسان " ، علي اعتبار أنه جاء نائباً عن الإنسان ، ليس فقط في دفع ثمن خطية الإنسان ، إنما ايضاً بتقديم صورة طاهرة للإنسان ترضي قلب الله الآب ، كما ترمز تقدمة الدقيق في سفر اللاويين ( لا 2 ) ... الإنسان الطاهر المنتصر الذي يقول : باركت طبيعتي فيك . أراد الرب أيضاً أن يشعرنا أن طبيعتنا يمكن أن تنتصر . و هكذا رفع الرب معنوياتنا ، و أعطانا الرجاء في حياة الغلبة . و قال لنا : " في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا أنا قد غلبت العالم " ( يو 16 : 33 ) . و لكن أي رجاء يعطينا ، أنك قد غلبت العالم ؟ نحن نعلم تماماً أنك قادر أن تغلب العالم ، فأنت القادر علي كل شئ . و لكن كنا نود أن نسمع منك عبارة " ثقوا أنكم ستغلبون العالم " ... و لكن الرب يشرح لنا ما هو المقصود بقوله " ثقوا أنا قد غلبت العالم " ... و كأنه يقول : أنا قد غلبته كإبن للإنسان . غلبته بهذه الطبيعة البشرية التي لبستها ، و أعطيت لهذه الطبيعة القدرة علي حياة الغلبة . غلبت العالم بطبيعتكم ، كعربون لكي تغلب طبيعتكم العالم . صار ممكناً منذ الآن أن الطبيعة البشرية تغلب العالم ، بعد أن غلبته أنا فيها ...حقاً يارب : باركت طبيعتي فيك ... و أعطيتني أنا الإنسان الضعيف طبيعة جديدة قادرة أن تغلب العالم ... طبيعة يقف أمامها الشيطان خائفاً منها ، بعد أن كانت خائفة منه . أصبح يخاف الطبيعة البشرية ليس في شخص المسيح فقط الذي اتحد بها لاهوته ، إنما أيضاً في أشخاصنا نحن البشر الذين الرب طبيعتنا . و لنتأمل هذه الطبيعة البشرية المباركة التي يخافها الشيطان ...
طبيعة تنتصر على الموت قال السيد المسيح لتلاميذه و هو يرسلهم للخدمة " إكرزوا قائلين إنه قد اقترب ملكوت السموات " . هذه حرب تعلن ضد الشيطان ، و لكنها قد لا تخيفه . فماذا ايضاً ؟ قال لهم " أقيموا موتي . أخرجوا شياطين " ( مت 10 : 7 ، 8 ) . حقاً هنا يكمن الخوف للشيطان . و لكن هل هناك ارتباطا بين هاتين العبارتين : " أقيموا موتي . أخرجوا شياطين " أي ارتباطا بينهما ؟ واضح أن عبارة " أخرجوا شياطين " فيها سلطان علي الشيطان ، رجع بعدها التلاميذ فرحين يقولون للرب " حتي الشياطين تخضع لنا بلإسمك ط 0 لو 10 : 17 ) . و لكن السؤال الهام هنا هو : ماذا يخيف الشياطين في عبارة : أقيموا موتي ؟ الأمر واضح أيضاً : إن الموت هو التحطيم الذي استطاع به الشيطان أن يحطم الطبيعة البشرية . هو أجرة الخطية التي جلبها الشيطان . و لذلك نقول للآب في القداس الإلهي " و الموت الذي دخل إلي العالم بحسد إبليس ، هدمته ... " . و الشيطان يظن أن هذا الموت هو نهاية للإنسان . و لكن عندما يري الإنسان يقوم ، يشعر أن عمله الشيطاني بلا نتيجة . علي أن كثيرين قاموا من الموت ، و رجعوا فماتوا مرة أخري مثل إبن أرملة صرفة صيدا ، و إبن الشونمية ، و مثل الذين أقامهم الرسل من الموت . و لكن إقامة الموتي هنا كانت مقدمة لعمل أعظم يحطم كل دولة الشيطان و هو : قيامة السيد المسيح ، التي لا موت بعدها ... هذه القيامة كانت ترعب الشيطان لأنها تهدم كل عمله الذي تعب فيه من قبل . و قد وعدنا الرب أن نقول من الأموات . و حقاً سنقوم في شبه مجد قيامته بجسد روحاني لا يموت . و بهذا الجسد نرث الحياة الأبدية ... غذ بارك الرب طبيعتنا فيه طبيعتنا المائتة ، و هبها الرب ببركته عدم موت ... كما قال الرسول عن جسدنا المائت " هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم فساد . و هذا المائت يلبس عدم موت " ( 1 كو 15 : 53 ) . و هذا الموت الذي من أجله نصب الشيطان كل فخاخه و حبائله ، و كل مكره و حيله ، سوف نغني له و نقول : أين شوكتك يا موت ؟ أين غلبتك يا هاوية ؟ ( 1 كو 15 : 55 ) . و حينئذ تصير الكلمة المكتوبة : ابتلع الموت إلي غلبة ( 1 كو 15 : 54 ) . و شكراً لله الذي يعطينا الغلبة يسوع المسيح ، هذا الذي بارك طبيعتنا فيه ، و أعطانا نعمة الحياة و عدم الموت . إذن كانت إقامة الموتي التي وهبت للتلاميذ هي " بروفة " لتحطيم معنويات الشيطان . هي مقدمة و رمز للقيامة الخالدة التي لا موت بعدها . و ماذا تعني عبارة " لا موت " ؟ تعني لا خطية . لأن أجرة الخطية هي موت ( رو 6 : 23 ) . و نحن كنا أمواتاً بالخطايا . و عدم الموت بالنسبة إلينا ، معناه أن الله قد محا الخطية و لم يعد يذكرها ( أر 31 : 34 ) . و هذا أخوف ما يخافه الشيطان ، لأنه ضياع لكل ثمرة تعبه خلال عصور و أجيال طويلة ... إن عبارة " إين شوكتك يا موت ؟ ! " ، لا شك أنها تتعب الشيطان ... يقول بولس الرسول " إني متيقن أنه لا موت و لا حياة ... تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع " ( رو 8 : 38 ، 39 ) . عبارة " لا موت " أصبحت ترعب الشيطان ، لأن كل عمل الشيطان هو أن يجلب حكم الموت علي الناس . أما في الطبيعة الجديدة التي أخذناها من الرب فإننا نقول : ليس موت لعبيدك ، بل هو انتقال ... حقاً إنك باركت طبيعتي فيك ، و لم يعد الموت يخيفنا ، إذ لم تعد له سيطرة علينا . شوكته قد انتهت ، بعد أن ألغاها السيد الرب بالقيامة . و كأننا حينما نسمع كلمة الموت ، " نموت من الضحك " قائلين له " اين شوكتك يا موت " . و إذ بارك الرب طبيعتنا فيه ، أصبحنا نسخر من الشيطان و دولته . و ماذا أيضاً ؟
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:14 pm | |
| اصبحت انا طبيعة جديدة و كما قال الرسول " إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة . الأشياء العتيقة قد مضت . هوذا الكل قد صار جديداً " ( 2 كو 5: 17 ) . لقد خلعنا الإنسان العتيق مع أعماله و لبسنا الجديد ( كو 3 : 9 ) . و ما هو هذا الجديد الذي لبسناه يقول الرسول : لأن جميعكم إعتمدتم للمسيح ، قد لبستم المسيح ( غل 3 : 27 ) . أي مجد هذا ؟ حقاً يارب ، لقد باركت طبيعتي فيك ... أرجعتنا إلي صورتنا الإلهية ، و أصبح إنساننا الجديد هذا يتجدد حسب صورة خالقه ( كو 3 : 9 ) . أصبحت طبيعتنا مؤهلة لأن يحل فيها الروح القدس ، و بحلوله نلبس قوة من الأعالي و كما قال الرب : ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم ( أع 1 : 8 ) . وهذه القوة هي من سمات الطبيعة الجديدة ، و بها نستطيع أن نشهد للرب . و بها لا نخاف الخطية ، و لا نخاف الشياطين ، و لا نخاف الموت . لقد أصبحت الطبيعة البشرية شيئاً اَخر بعد أن باركها المسيح . و لذلك نقرأ عن أشياء عجيبة في الأصحاح السادس من رومية : إنساننا العتيق قد صلب . دفن بالمعمودية ( رو 6 : 6 ، 4 ) . " متنا عن الخطية " ، " ليبطل جسد الخطية " ، " كي لا نعود نستعبد أيضاً للخطية " ، " هكذا نسلك في جدة الحياة " ( رو 6 : 2-6 ) . هذه هي الطبيعة الجديدة ، التي باركها المسيح فيه ، التي خلصها من كل أخطائها ، و غسلها في المعمودية ، لتبيض أكثر من الثلج ( مز 50 ) . لذلك حسناً بشر الملاك بالميلاد قائلاً " ابشركم بفرح عظيم . إنه ولد لكم اليوم مخلص هو المسيح الرب " ( لو 2 : 10 ، 11 ) . ما هو هذا الخلاص الذي نلناه في التجسد الإلهي ؟ خلصنا من عقوبة الخطية ، من نتائجها ، من الموت ، من الدينونة ... و لكن هل الخلاص من هذا فقط ؟! كلا بلا شك . لأنه لو خلصنا من عقوبة الخطية و ترك طبيعتنا كما هي فاسدة ، تسيطر عليها الخطية مرة أخري ، و بالخطية الموت ، لقنا ما الذي استفدناه . و لكن السيد الرب عمل معنا ما هو أعظم : فكما خلصنا من عقوبة الخطية ، خلصنا من فساد الطبيعة البشرية . خلصنا من الفساد . هذ هو الأهم . صلب إنساننا العتيق . أماته . لم يعد للشيطان سلطاناً علينا ، بل أعطانا سلطاناً علي جميع الشياطين ( مر 3 : 13 ، مت 10 : 1 ) . أصبحت طبيعتنا لها سلطان علي الأرواح النجسة . و أعطي هذا العربون للتلاميذ أولاً ... لبست طبيعتنا المسيح ( غل 3 : 27 ) فلبست القوة و القداسة . لبست المسيح في المعمودية . و المسيح غلب العالم . وهكذا لبست أنت هذه الغلبة التي في المسيح يسوع ، كما لبست البر الذي في المسيح يسوع ، و لبست القوة التي بها هزم الشيطان و هزم الموت ... هذه هي البركة العظمي التي نالها طبيعتنا ، لما جددها الرب مرة أخري . بارك المسيح طبيعتنا ، بأن خلصها من كل سقطاتها . كيف كان ذلك ؟ و ما هي السقطات التي خلصها منها الرب ؟ لقد أمسك السيد بكل نقاط الضعف ومواطن السقوط في هذه الطبيعة ، و هزم الشيطان فيها ، ووضع أنفه في الكبرياء ، و أراه هذه الطبيعة البشرية منتصرة في كل شئ ، و مستعيدة صورتها الإلهية . بالطاعة الكاملة للآب ، خلص طبيعتنا من سقطة العصيان . سقطت الطبيعة البشرية في العصيان ، و خالفت الرب ، و تمادت في المخالفة إلي أقصي حد . فجاء المسيح بهذه الطبيعة ، و أعطاها أن تطيع حتي الموت موت الصليب ( في 2 : 8 ) ، و أن تقول لله الآب " لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك " ( لو 22 : 8 ) ، " لا ما أريده أنا ، بل ما تريد أنت " ( مز 14 : 26 ) ، و قال أيضاً " لا أطلب مشيئتي ، بل مشيئة الآب الذي أرسلني " ( يو 5 : 30 ) ، " لأني قد نزلت من السماء ، ليس لأعمل مشيئتي ، بل مشيئة الذي أرسلني " ( يو 6 : 38 ) . و قال أيضاً " طعامي أن أعمل مشيئة الذيس ارسلني و أتمم عمله " ( يو 4 : 34 ) . و علمنا أن نقول للآب في صلواتنا : لتكن مشيئتك . و هكذا قدم السيد المسيح صورة للطبيعة البشرية المطيعة لله ، الذي طعامها أن تفعل وصاياه ، و مشيئتها هي مشيئته . و بذلك صحح الخطأ القديم الذي شوه الطبيعة البشرية منذ اًدم و خلال كل العصور ... و في هذه الطبيعة التي باركها ، هزم الشيطان بطريقتين : هزمه بالضربة القاضية علي الصليب . و غلبه كذلك بالنقط ، بنجاح علي طول الخط ، خلال كل فترة تجسده علي الأرض . و لم يعطه مطلقاً أية فرصة . و أراه أن الطبيعة البشرية التي باركها ، يمكن أن تنتصر عليه . هذا من جهة الشيطان . أما من جهة الله الآب ، فقد أرضاه في التجسد ، إذ قدم له الطبيعة البشرية طائعة له حتي المنتهي . فكان بذلك رائحة سرور للرب ، ليس فقط كذبيحة محرقة ، أو كذبيحة خطية ، فوق الصليب ، إنما أيضاً : كان أيضاً رائحة سرور للآب ، في حياته المقدسة . ناب عن البشرية في تقديم رائحة السرور هذه لله الآب ، في حياة طاهرة ن كاملة في طهارتها و برها و قداستها و طاعتها ... و بهذا أوجد صلحاً بين الآب و البشرية . و كأنه يقول لله الآب : أنا أريد أن أصالحك مع هؤلاء . هم أغضبوك بعدم الطاعة . و أنا بالنيابة عنهم ساقدم لك هذه الطاعة كرائحة سرور أمامك . و بهذا حقق السيد المسيح ثلاثة أهداف بعمل واحد . و هذا العمل الواحد هو حياته المقدسة . و أما الأهداف الثلاثة فهي : أ- حطم أسطورة الشيطان المنتصر ، إذ هزمه و أذل كبرياءه . ب- أرضي قلب الآب بتقديم الطاعة الكاملة له من الطبيعة البشرية . ج- رفع معنويات الإنسان . و كيف ذلك ؟ كما رفع داود معنويات الجيش كله ، بهزيمته لجليات . كان كل أفراد الجيش خائفين من ذلك الجبار ، شاعرين بصغر نفس أمامه ، معترفين عملياً و فكرياً بأنهم عاجزون أمامه . فلما ضربه داود و هزمه ، إرتفعت معنويات الكل ، و أدركوا أن غير المستطاع عند الناس ، هو مستطاع عند الله ( مز 10 : 27 ) . و أدركوا أيضاً أن الله لا يتخلي عن أولاده ، و إنما يقودهم في موكب نصرته . و هكذا فعل المسيح في تجسده ، إذ رفع معنويات الطبيعة البشرية ، و أشعرها أن الإنتصار سهل و ممكن أمامها ... و ظهر الإنتصار واضحاً في التجربة علي الجبل ... إنتصار علي المادة و الأكل ، الأمر الذي وقع فيه أبوانا الأولان ... و انتصار علي الكبرياء و محبة المناظر ، برفض منظر أن تحمله الملائكة ، و رفض الملك و السيادة ، و رفض استخدام سلطانه كإبن لله لتحويل الحجارة إلي خبز ... و إذا بالطبيعة البشرية التي سقطت حينما أرادت أن تصير مثل الله ( تك 3 : 5 ) ، أصلح الرب مسارها ، حينما " أخلي ذاته و أخذ شكل العبد ، و صار في الهيئة كإنسان " ( في 2 : 7 ) . و هكذا بارك الطبيعة بالإتضاع ، فخلصها من الكبرياء . خلصها من حب العظمة الذي وقع فيه الشيطان حينما قال " اصير مثل العلي " ( اش 14 : 14 ) ، و الذي أراد أن يوقع به الإنسان حينما قال لأبوينا الأولين " تصيران مثل الله عارفين الخير و الشر " ( تك 3 : 5 ) . و صار الإتضاع بركة ، من يعيش فيه ، يكون في صورة الله المتضع | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:15 pm | |
| بارك طبيعنا بالرجاء أعطاها نعمة الرجاء مهما كانت خطيتها . لأن الشيطان كان يحارب باليأس أيضاً ، كما أهلك به يهوذا الإسخريوطي ... يهوذا هذا الذي ندم علي ما فعله ، و أرجع المال و قال " أخطأت إذ أسلمت دماً بريئاً " ( مت 27 : 4 ) ، عاد الشيطان فأسقطه في اليأس ، في خطيته قطع الرجاء ، فمضي و خنق نفسه ( مت 27 : 5 ) ... كيف باك المسيح طبيعتنا ، و حصنها ضد اليأس : باركها بالرجاء و عدم اليأس ، بقبوله اللص اليمين . قبل إليه هذا اللص ، الذي استمر في شروره إلي اَخر ساعات حياته ، إذ كان يعير الرب علي الصليب مع اللص الآخر كما يروي معلمنا مرقس الإنجيلي ( مز 15 : 32 ) . و لكن اللص اليمين عاد فاستجاب لعمل النعمة فيه ، و بكت اللص الآخر ، و استحق أن يسمع من الرب عبارة " اليوم تكون معي في الفردوس " ( لو 23 : 43 ) . و هكذا خلص اللص أخيراً ، و أصبح مثالاً لمباركة الطبيعة البشرية بعمل الرجاء فيها مهما كانت الظروف المحيطة . فهل من مثال اَخر إلي جوار مثال اللص ؟ نعم هناك مثال : بطرس الذي أنكر المسيح ، كان مثالاً اَخر للرجاء . كان يمكن أن ييأس ، و بخاصة لو ركز علي قول الرب " من ينكرني قدام الناس ، أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السموات " ( مت 10 : 33 ) . و لكن الرب الذي قال هذا ، هو نفسه الذي قبل بطرس إليه ، بل أعاده إلي رتبة الرسولية بقوله له بعد القيامة " إرع غنمي . إرع خرافي " ( يو 21 : 15 ، 16 ) . حقاً إن الرجاء بركة عظيمة بوركت بها طبيعتنا . فاليأس هو لعنة تورث الحزن ، و تورث الهلاك . أما نحن ففي بركة الرجاء ، نعيش حسب وصية الرسول " فرحين في الرجاء " ( رو 12 : 12 ) . و أولاد الله في هذه الطبيعة التي تباركت بنعمة الرجاء ، ينطبق عليهم قول أشعياء النبي " و أما منتظرو الرب ، فيجددون قوة ، يرفعون أجنحة كالنسور . يركضون و لا يتعبون . يمشون و لا يعيون " ( أش 40 : 31 ) . الله يعطي رجاء ، حتي لطبيعة العاقر التي لم تلد ( اش 54 : 1 ) ز إذن فلنعش في الرجاء ، و في انتظار ملكوت الله . و لا يقل أحد مهما كانت خطيئته : لا فائدة من إصلاحي . إن طبيعتي هكذا ... !
لا تقل طبيعتى هكذا ! لا تيأس من طبيعتك . إنما سبح الرب بعبارة " باركت طبيعتي فيك " . لقد بارك الرب طبيعتك في نواح متعددة ... باركها في المعمودية ، حينما صلب فيها الإنسان العتيق و وهبها جدة الحياة ( رو 6 ) . كما وهبها البنوة لله ( يو 3 : 3-5 ) . و باركها في المسحة المقدسة بحلول الروح القدس ، و باركها بالتطهير المستمر في سر التوبة . و باركها بالتناول من الأسرار المقدسة ، و بنعمة الثبات فيه ( يو 6 : 56 ) . لقد باركها و قدسها ، و أعطاها المواهب و المواعيد . بررها الله و قدسها ، لتكون مشابهة لصورة إبنه ، و مجدها أيضاً ( رو 8 : 29 ، 30 ) . و أهلها للمواهب . و ما أجمل أن نضع أمامنا صورة يوحنا المعمدان الذي وهو جنين إمتلأ من الروح القدس ( لو 1 : 15 ) . و ارتكض في بطن أمه للقاء المسيح ، و امتلأت أمه من الروح القدس ( لو 1 : 41 ) . و ماذا عن طبيعتك أيضاً في مباركة الرب لها ؟ و قدس الرب طبيعتنا في كل مراحل العمر : قدس الطفولة لما مر بهذه المرحلة . و قدس الفتوة و هو فتي . و قدس مرحلة الشباب و هو شاب ، و مرحلة الرجولة و هو رجل ز و قيل عنه أنه كان ينمو . و كان يتقدم ... ( لو 2 : 52 ) . و هكذا قدم لنا مثالية في كل مرحلة من مراحل العمر تمر بها طبيعتنا . و كذلك قدس طبيعتنا في كل الظروف . قدس مواجهة العدو ، لما أتوه للقبض عليه ، فواجههم و قال لهم " أنا هو " ( يو 18 : 5 ،6 ) . و قدس البعد عن الشر بالهروب إلي مصر . قدس الإحتمال لما احتمل ظلم الأشرار . و قدس الجدل البناء لما جادل الكتبة و الفريسيين و الصدوقيين . قدس الصمت لما صمت ز و قدس الكلام لما تكلم . و غذا بطبيعتك البشرية يا أخي تتبارك في كل عمل . و ماذا أيضاً ؟ نالت طبيعتك نعمة البنوة فالذين قبلوه أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله ( يو 1 ك 12 ) . و القديس يوحنا الحبيب يتغني بهذا الأمر فيقول " أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتي ندعي أولاد الله " ( 1 يو 3 ك 1 ) . و البنوة تصحبها أيضأً المواعيد ، و الميراث و البركات ... و هذا موضوع طويل لست أري الوقت متسعاً له ... و لكني أقول : كل هذه البركات هي من ثمار التجسد الإلهي . و من ثمار الفداء الذي كان هدف التجسد ايضاً . و في هذه البركات يقول لنا الرب " لا أعود أسميكم بعد عبيداً بل احباء " ( يو 15 : 15) . له المجد في محبته من الآن و إلي الأبد اَمين | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:15 pm | |
| ألقيت هذه المحاضرة في الكاتدرائية الكبري العباسية مساء الجمعة 11/ 1 / 1980
بسم الآب و الإبن و الروح القدس - الإله الواحد اَمين
مع أن الله هو المعطي ، و المعطي للكل ، لأنه مصدر كل خير ، إلا أننا كثيرتاً ما نري المخلوق يعطي للخالق ! ففي قصة الميلاد قدم المجوس للمسيح هدايا ذهباً و لباناً و مراً . ولم يكن المجوس الوحيدين الذين قدموا للمسيح . ففي معجزة إشباع الجموع قدم له طفل خمس خبزات و سمكتين ... و في قصة القيامة نري النسوة قد قدموا له الحنوط و الأطياب ، بينما يوسف الرامي قد قدم له مقبرته الجديدة كي يدفن فيها . و المرأة الخاطئة قدمت دموعها و شعر رأسها لتمسح قدميه . و يوحنا الحبيب قدم راسه لتتكئ علي صدر المسيح ... و مريم العذراء قدمت كل شئ ... و في العهد القديم نري كثيرين قدموا تقدمات للرب ... و أول إنسان ذكر الكتاب أنه قدم للرب شيئاً هو هابيل الصديق، الذي قدم له محرقة " من أبكار غنمه و من سمانها " ( تك 4 ) . و إبراهيم أوب الآباء ذهب ليقدم إبنه الوحيد . و كثيرين غيره قدموا تقدمات . و كانت هذه التقدمات تسمي أيضاً ( قرابين ) . سميت قرابين ، لأنهم يتقربون إلي الله . و كثرت في العهد القديم الذبائح و المحرقات و التقدمات و القرابين . و كان الله يقبلها ، إن كانت من قلب نقي ... و في الأصحاح الأول من سفر أشعياء النبي ، رفض الله التقدمات التي قدمها الأشرار لأن أيديهم ملآنة دماً ( اش 1 : 11- 15 ) . و لكن لماذا قبل الرب تقدمات القديسين ؟ كانت تعبيراً عن الحب و تقديم القلب لله . و كانت تحمل أحياناً شعور الإنسحاق و الإعتراف بالخطية ، كما في ذبائح الخطية و ذبائح الإثم و المحرقات التي قدمها أيوب عن أبنائه ( أي 1 : 5 ) .و نحن و نحن نقف في عجب ، حينما نري المخلوق يقدم شيئاً للخالق ...! فالخالق يملك كل شئ . و كل ما يملكه الإنسان هو من عنده ... و لكن الأعجب أن الخالق ، كان هو الذي يطلب ! فهو الذي قال عن خليقته : " و لا تظهروا أمامي فارغين " ( خر 23 : 15 ) . و هو الذي وضع شرائع العشور و البكور و النذور ... و البخور ... و هو أيضاً وضع الشرائع الخاصة بالذبائح و المحرقات ... و في كل ذلك لم يكن يريد هذه التقدمات في ذاتها ، إنما كان يريد القلب ، و ما يحمله من مشاعر حينما يقدم شيئاً . لذلك قال " يا أبني أعطني قلبك " أي أعطني حبك ... إن كانت تقدماتك خالية من الحب ، فأنت لم تقدم شيئاً . أما إن قدمت حبك ، فحينئذ تكون قد قدمت كل شئ . و كل ما تقدمه بعد ذلك ، يكون نابعاً من الحب ، سواء كان شيئاً مادياً كالعشور ، و لكن وراءه المحبة و الشفقة و الحنو ... أو كان تقدمة روحية كالصلاة ، و فيها أيضاً الحب و الإشتياق إلي الله ... مشاعرك و أنت تقدم ، أهم مما تقدمه ... فافحص إذن مشاعرك ، و تأكد من نقاوتها ، و تأكد من عاطفة الحب فيها . و ثق أن الله هو فاحص القلوب ، و يعرف داخلك تماماً ، لذلك هو يقبل منك إن كانت مشاعر القلب سليمة . إن الله لا تهمه الكثرة أو القلة فيما تعطيه ، إنما يهمه قلبك ، لذلك ذكر أن التي أعطت الفلسين قد أعطت أكثر من الجميع ، لأنها أعطت من أعوازها ، و فضلت الله علي نفسها ... و لنتأمل هذا أيضاً في تقدمة المجوس ... هؤلاء المجوس الذين أتوا إلي السيد المسيح من بلاد بعيدة ، جاءوا إليه عن حب : ساروا المسافات الطويلة حتي وصلوا إليه . و من أجله دخلوا في بلاد غريبة عليهم ، تعرضوا فيها للموت و الهلاك ، غذ كان ممكناً أن يغدر بهم هيرودس الملك أو بعض أتباعه ... كانوا مشتاقين إلي الرب ، تواقين لرؤية هذا المولود الذي دهم عليه النجم . و قد ملك هذا الإشتياق كل قلوبهم ، فسعوا إليه لا يفكرون إلا فيه . من أجل هذا إستحقوا أن يروه ، و يقدموا له عاطاياهم عن حب و عن إيمان . و ماذا أيضاً . المعروف في قصة الميلاد أن المجوس قدموا للسيد المسيح هدايا : ذهباً و لباناً و مراً ( مت 2 : 11 ) . و كانت لهذه الهدايا رموز في قصة الميلاد الإلهي : كان لاذهب يرمز إلي السيد المسيح كملك ، لعظمته . و كان اللبان يرمز إليه ككاهن ( لاستخدام اللبان في البخور ) . و كان المر يرمز إلي الآمه من أجلنا . غير أننا نريد أن نعرف رموز هذه الأشياء في حياتنا . هل في حياتك الخاصة تقدم للرب هدايا من هذا النوع ، تقدم نفسك للمسيح ، و تقدم فيها ذهباً و لباناً و مراً ...؟ و إن كان الأمر كذلك ، فإلي أي شئ يرمز كل واحد من هذه الثلاثة ، في حياتك الخاصة ؟
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:15 pm | |
|
الذهب يرمز إلي الشئ الثمين ، و يرمز إلي النقاوة . و لذلك نري كيف كان الذهب مستخدماً في الهيكل في العهد القديم . كان تابوت العهد مغشي بالذهب النقي من الداخل و الخارج ، و غطاؤه من ذهب نقي ، و الكاروبان اللذان عليه من الذهب أيضاً ( خر 37 : 2 ، 6 ، 7 ) . و كانت المائدة مغشاة بالذهب النقي ، و الأواني من الذهب النقي ( خر 37 ك 11 ، 16 ) . و كانت المنارة من ذهب نقي ( خر 37 : 17 ) . و مذبح البخور كان مغشي بذهب نقي ، و له إكليل من ذهب حواليه ... ( خر 37 : 26 ) . و المجامر يقول عنها سفر الرؤيا أنها كانت من ذهب ( رؤ 5 : 8 ) و كذلك كانت في العهد القديم ( عب 9 : 4 ) . كل هذا كان رمزاً إلي عظمة الخدمة و نقاوتها . و السيدة العذراء كانت تشبه أيضاً المجمرة الذهب ، و بتابوت العهد المغشي بالذهب من الدخل و الخارج ، رمزاً إلي عظمة العذراء و نقاوتها . و كانت العذراء أيضاً بقسط المن هو من ذهب أيضاً ( عب 9 : 4 ) . فهل نفسك أيضاً غالية ، يرمز إليها الذهب ؟ هل نفسك التي تقدمها للمسيح ، هي من النفوس الغالية الثمنية التي يرمز إليها الذهب ؟ و هل هي في نقاوتها مثل الذهب النقي ، مثل تابوت العهد المصغح بالذهب من الداخل و الخارج ؟ هل نفسك غالية و ثمينة بالنسبة إلي كل المحيطين بها ، بالنسبة إلي الكنيسة و إلي المجتمع ؟ و غالية عند الله نفسه ؟ تقدمها لله من ذهب نقي ، لا شوائب فيها ... ليتك كلما تنظر إلي نفسك ، تتذكر النفوس الغالية عند الله ... تأمل معي بعضاً من هذه النفوس الغالية الثمينة ... يوحنا المعمدان مثلاً ، الذي كان غالياً عند الله ، حتي أنه من بطن أمه إمتلأ من الروح القدس ، و قيل عنه إنه كان عظيماً أمام الرب ( لو 1 : 15 ) . و الطفل موسي ، الذي كانت نفسه غالية عند الله ، حتي أنه أرسل إليه في طفولته أميرة لتنتشله من الماء ، و تدعوه إبنها ، و تهتم به اهتماماُ خاصاً ( خر 2 ) ... موسي الذي دافع عنه الله بكل قوة و حب ، لما تكلمت عليه مريم و هرون ( عدد 12 ) . و يوحنا الحبيب ، كان نفساً غالية عند الرب ، حتي سمح له أن يتكئ في حضنه ( يو 13 : 23 ) . و كالمعمدان و موسي و يوحنا الحبيب ، كان أبونا إبراهيم . هذا الذي دعاه الله و باركه و جعله بركة ( تك 12 ) . و دافع عنه لما أخذ ابيمالك سارة زوجة إبراهيم . فهدد الرب أبيمالك بالموت . و قال له " رد إمرأة الرجل ، فإنه نبي ، فيصلي لأجلك فتحيا " ( تك 20 : 7 ) ... إبراهيم الذي سمح له الله أن يناقشه قبل حرق سدوم ( تك 18 ) ، كما سمح لموي أن يناقشه لما أراد إفناء الشعب ( خر 32 ) ... و يعوزني الوقت إن تحدثنا عن النفوس الغالية . التي كانت ثمنية جداً عند الله ، حتي أنه دعاها و بررها و قدسها ، و كان يقبل شفاعتها في غيرها ، و كان يجعلها هيكلاً يحل فيها روحه القدوس ... النفوس التي ائتمنها الرب علي المواهب ، و ائتمنها علي رعاية شعبه ، أو علي رسالات يوصلونها إليهم ... و النفوس التي كان يرسل لها الله ملائكة لخدمتها ، أو لإنقاذها ... فهل نفسك هي من هذه النفوس الغالية ؟ الذي يشعر أن نفسه غالية ، لا يفسدها ..ز إن كانت نفسك غالية عند الله و الناس ، حافظ عليها ، و لا تتسبب في هلاكها و ضياعها ، و لا تسمح أن تفقد نقاوتها و تفقد صورتها الإلهية . لتكن باستمرار ذهباً خالصاً نقياً مثل منارة الذهب ، و المجمرة الذهب ، و تابوت العهد ... إن المجوس لما قدموا للرب ذهباً ، قدموا أثمن ما عندهم . فهل أنت أيضاً تقدم أثمن ما عندك للرب ؟ و أثمن ما عنك هو قلبك . فهل تقدمه للرب ؟ و هل تقدم للرب ايضاً من أعوازك ، كما قدمت الأرملة التي امتدح الرب عطاءها ؟ هل أنت لا تبخل علي الله بشئ مهما كان ثمنياً عندك ؟ حتي إبنك الوحيد تكون مستعداً لتقديمه كما فعل أبونا إبراهيم لما طلب منه الرب وحيده اسحق ؟ أنت تقدم أثمن ما عندك من ذهب ، و أيضاً تقدم لباناً ...
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:15 pm | |
| اللبان يرمز إلي الكهنوت و إلي العبادة ... يرمز إلي الكهنوت ، لأن اللبان هو حبات البخور التي توضع في المجمرة . و تقديم البخور هو من عمل الكهنة فقط ( خر 30 : 8 ) . و بخور اللبان يرمز إلي العبادة أيضاً ، كما يقول المرتل " فلتستقم صلاتي كالبخور قدامك . و ليكن رفع يدي كذبيحة مسائية " ( مز 141 : 2 ) . و قيل عن البخور في سفر الرؤيا إنه صلوات القديسين . صلوات القديسين هي بخور ذكي الرائحة ، صاعد إلي الله ... فأربعة و العشرون كاهناً ، كانوا يحملون جامات من ذهب " مملوءة بخوراً هي صلوات القديسين " ( رؤ 5 : 8 ) . و حبات اللبان حينما توضع في النار ، تتحول إلي بخور أو دخان تذكرنا بصلوات القديسين ، هذه الصلوات التي تتعطر بها الكنيسة المقدسة كما قيل عنها في سفر نشيد الأناشيد : " كأعمدة من دخان ، معطرة بالمر و اللبان " ( نش 3 : 6 ) . و المر و اللبان ، هما كرهما من الهدايا التي قدمها المجوس للرب في يوم ميلاده . فهل نفسك التي تقدمها لله تكون معطرة بهما أيضاً ، كما هي ثمينة كالذهب ، و هكذا تجمع التقدمات الثلاثة معاً ... هل نفسك تصعد كرائحة بخور أو لباناً أمام الله ؟ تقدم رائحة زكية ، يتنسم منها الله رائحة الرضا ( تك 8 : 21 ) . و هل صلواتك أيضاً تصعد كرائحة بخور ، في عطرها و في حرارتها ؟ هل أنت لبان ؟ و إن كنت لباناً ، كيف تتحول إلي بخور ؟ البخور هو لباناً محترق ، لبان دخل المجمرة . إنه لبان دخل إلي النار ، نار الله المقدسة ، إشتعلت فيه ، و استسلم هو لها ، فتحول إلي بخور . فهل أنت قد دخلت إلي النار من أجل الله ؟ و هل تحولت فيها إلي " محرقة بخور " حسب تعبير الكتاب ؟ و البخور ( اللبان المحترق ) يعتبر ذبيحة ، كانت تقدم إلي الله علي مذبح البخور ( خر 37 : 35 ) . فهل أنت تقدم حياتك كلها ، و ليس مجرد صلاتك ، كذبيحة لله ، كمحرقة بخور ؟ ليتك في هذا تستمع إلي قول الرسول " أطلب إليكم أيها الأخوة برأفة الله ن أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة ، مرضية عند الله عبادتك العقلية " ( رو 12 :1 ) . نفسك الثمينة يمثلها الذهب . و عبادتك النقية يمثلها اللبان المحترق كبخور . فماذا عن المر إذن ؟ | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:15 pm | |
| المر هو رمز الألم . و هو أيضاً عطر . المر نوع من العطور . هو عطر سائل . و لذلك قيل في سفر النشيد " معطرة بالمرو اللبان " ( نش 3 : 6 ) . و قالت عذراء النشيد " قمت لأفتح لحبيبي ، و يداي تقطران مراً ، و أصابعي مر قاطر علي مقبض القفل " ( نش 5 : 5 ) . و في سفر استير قيل إن الملكات " كانت تكمل أيام تعطرهن ستة أشهر بزيت المر " ( اس 2 : 12 ) . و قيل عن عطر المر في سفر المزامير " المر و الميعة و السليخة من ثيابك " ( مز 44 ) . الكنيسة تصعد إلي الله ، معطرة بالمر . " معطرة بالمر و اللبان ، و كل أذرة التاجر " ... صلواتها ، التي هي لبان محترق ، هي عطر أمام الله ، رائحة بخور . و الآمها التي يرمز إليها المر ، هي أيضاً عطر . و هذا هو ما نعرفه عن المر : المر في رائحته عطر ، و في مذاقته مر . و هذا يعطينا فكرة جميلة عن الألم الذي يرمز إليه المر ... انه في نفس الوقت عطر ... أي أن الآلام لها رائحة ذكية أمام الله ، فتتعطر الكنيسة بالآمها حينما تقف أمام الله . و يتنسم الله من الآمها رائحة الرضا . ليتنا نتأمل هذا التعبير : الكنيسة تتعطر بالآلام . هكذا كان الشهداء و المعترفون ، الآمهم هي عطورهم ، تفوح منها رائحة جميلة أمام الله و الناس ... و هكذا أيضاً كانت كل الآلام التي تحملها الخدام في الخدمة . و لذلك قال الرب عن أكاليل بولس الرسول " سأريه كم ينبغي أن يتألم من أجل إسمي " ( أع 9 : 16 ) . لا يكفي إذن أن تكون لباناً ، إنما تكون لباناً عطراً ن معطراً بالمر ، تتحمل الألم لأجل الرب ، تمشي في الطريق الكرب ، و تدخل من الباب الضيق ( مت 7 : 14 ) . و بضيقات كثيرة ينبغي أن ترث ملكوت الله ( أع 14 : 22 ) ز و نحن لا يمكن أن نستقبل المسيح بغير المر . حتي السيدة العذراء نفسها ، بكل محبتها لله ، و بكل محبة الله لها ، قيل لها " و أنت أيضاً يجوز في نفسك سيف " ( لو 2 : 35 ) . و اصبح المر ليس فقط من سمات أولاد الله ن بل من الهبات التي يهبها الرب لنا ، إذ قيل لنا " وهب لكم لأجل المسيح ، لا أن تؤمنوا به فقط ، بل أيضاً أن تتألموا لأجله " ( في 1 : 29 ) . و السيد المسيح نفسه قدم لنا مثالاً للمر في حياته . ذاق المرارة طول حياته ، و بلغت أقصاها في الآمه علي الصليب . و عليه أيضاً قدموا له مراً ليشرب ... و خروف الفصح الذي كان يرمز لليد الرب في عمله الفدائي و ورد في الكتاب إنه يؤكل " علي أعشاب مرة " ( خر 12 : 8 ) . و تقدمة الدقيق التي كانت ترمز لتجسد الرب ، ورد في أوصافها أنه لا يكون معها عسل ( لا 2 : 11 ) ، لأن العسل لا يتفق مع المر . بل قيل يوضع عليها اللبان ( لا 2 : 15 ) ، لأن اللبان يتفق مع المر ... و المسيحية لا يمكن أن تبعد عن المر ... لا يمكن أن تبعد علي الصليب أو تنفصل عنه ، إن أرادت أن تكون لباناً و تصعد إلي الله كرائحة بخور . لا بد أن يكون المر معها " معطرة بالمر و اللبان " ... و إن أرادت أن تكون ذهباً خالصاً ، لا بد أن تكون مراً قاطراً .
| |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:16 pm | |
| | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:16 pm | |
| بسم الآب و الإبن و الروح القدس - الإله الواحد اَمين إن الذي يمعن النظر في قصة الميلاد ، يجد نفسه أمام تأملات كثيرة . لعل في مقدمتها إن الله ، في كل عصر من العصور مهما كانت مظلمة ، " لا يترك نفسه بلا شاهد " ( أع 14 : 17 ) .
لا يترك نفسة بلا شاهد
لقد أحيط ميلاد الرب بمجموعة من القديسين ... علي الرغم من أنه كان عصراً مظلماً . كان عصراً مظلماً حقاً ، لذلك قيل عن مجئ المسيح فيه " النور أضاء في الظلمة . و الظلمة لم تدركه ( يو 1 : 5 ) . و السيد المسيح نفسه قال عن الجيل الذي عاش فيه " جيل فاسق و شرير يطلب اَية ، و لا تعطي له " ( مت 12 : 39 ، مت 16 : 4 ) . و كرر مثل هذا الكلام في مناسبة أخري ( مز 8 : 38 ) . و لما تكلم عن المعلمين الذين أرشدوا الناس قبل مجيئه ، قال عنهم " كل الذين أتوا قبلي ، هم سراق و لصوص " ( يو 10 :8 ) . و ظهور قديسين في ذلك العصر الخاطئ ، يعطي رجاء . إن فساد العصر لا يمنع أن روح الله يعمل . و وجود الأرض الخربة الخاوية المغمورة بالماء و الظلمة ، لا يمنع أن روح الله يرف علي وجه المياه ( تك 1 : 2 ) . و في كل جيل يستحق طوفاناً ليغرقه ، لا بد من وجود نوح ليشهد للرب فيه . فالله لا يترك نفسه بلا شاهد . و هكذا كان العصر الذي ولد فيه المسيح . رأينا مجموعة كبيرة من القديسين عاصرت الميلاد . نذكر من بين هؤلاء ، القديس زكريا الكاهن ، الذي ظهر له ملاك و هو يبخر عند المذبح ( لو 1 : 11 ) . و زوجته القديسة اليصابات . و قد قيل عنه و عن زوجته : " و كانا كلاهما بارين أمام الله ... " ( لو 1 : 6 : ) . و قيل عنهما كذلك إنهما كانا " سالكين في جميع وصايا الرب و أحكامه ، بلا لوم " ( لو 1 : 6 ) . إن الفساد السائد في ذلك العصر ، لم يكن عقبة تمنع وجود هؤلاء الأبرار فيه . و إلي جوارهما ، وجد يوسف النجار و سمعان الشيخ ... و قال الكتاب عن يوسف النجار إنه " كان رجلاً باراً " ( مت 1 : 19 ) .و سمعان الشيخ شهد له لاكتاب بأنه " كان باراً تقياً ، ينتظر تعزية إسرائيل ، و الروح القدس كان عليه " ( لو 2 : 25 ) . إنه أمر يجلب الرجاء و التعزية ، أن نسمع أنه في جيل فاسق و شرير ، أمكن وجود رجل بار ، عليه روح الله ، و أنه " أوحي إليه بالروح القدس ..." ، و أنه " أتي بالروح إلي الهيكل " ( لو 2 : 26 ، 27 ) . جيل فاسد ، و لكن الروح القدس يعمل فيه . و نتيجة لعمل الروح و جد هؤلاء الأبرار ... و كان الروح يكلمهم ... و كان الملائكة يظهرون لهم ,. و كانت لهم أحلام مقدسة . و استحقوا أن يروا المسيح له المجد . و في وسط قديسي هذا العصر ، نجد قديسة نبية هي : حنة النبية بنت فنوئيل العابدة في الهيكل . و كانت هذه القديسة " لا تفارق الهيكل ، عابدة بأصوام و طلبات ليلاً و نهاراً " ( لو 2 : 37 ) . و مه هؤلاء وجدت العذراء و المعمدان ز إننا لا نيأس من فساد أي جيل ، إذا رأينا أن جيلاً شريراً كهذا ، عاشت فيه في حياة الكمال أطهر إمرأة في الوجود ، هي مريم العذراء ، التي استحقت أن الروح القدس يحل عليها ، و قوة العلي تظللها ، و يولد منها إبن الله ( لو 1 : 35 ) . و كذلك في هذا الجيل الفاسق ، وجد يوحنا المعمدان ، الذي من بطن أمه امتلأ من الروح القدس ( لو 1 : 15 ) . و الذي وصفه الرب بأنه أعظم من ولدته النساء ( مت 11 : 11 ) . كل أولئك كانوا موجودين في عصر واحد ، هو وقت الميلاد ، بالإضافة إلي المجوس و الرعاة الذي استحقوا بشارة الملائكة و رؤية المسيح . و كان هناك قديسون اَخرون وقت كرازة الرب و قيامته . نذكر من بين هؤلاء الإثني عشر رسولاً ، و السبعين الآخرين الذين اختارهم أيضاً ( لو 10 : 1 ) . و يذكر بولس الرسول " أكثر من خمسمائة أخ " ظهر لهم السيد المسيح بعد قيامته ( 1 كو 15 : 6 ) ... كل هؤلاء و أمثالهم كانوا الباكورة . ثم شملت القداسة الكل ... و كل هؤلاء إجتمعوا معاً في عصر قيل إنه فاسد . أليس هذا أمراً يعطي رجاء للجميع ؟! ثم أنه مما يزيد الرجاء في القلوب حقيقة أحخري هامة و هي : كان هؤلاء القديسون من نوعيات متعددة | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:16 pm | |
| نوعيات متعددة في إحدي المرات جاءني إنسان تائباً ليعترف بخطاياه . و بعد الإعتراف طلب مني لمنفعته الروحية أن أرشده إلي قراءة قصص بعض قديسي التوبة . فأعطيته قصص قديسين كبار مشهورين في حياة التوبة ، مثل القديس موسي الأسود ، القديس أوغسطينوس ، القديسة بيلاجية ، القديسة مريم القبطية ... و لما قرأهم و جاءني مرة أخري ، سألته : هل أعجبتك القصص ؟ فأجابني : نعم أعجبتني ، و لكن كلهم من نوع واحد ، ترهب ... و سألني هل توجد سير لقديسين اَخرين تابوا ، و لكنهم عاشوا مثلنا في العالم ، في مثل حياتنا ، دون أن يترهبوا ...؟ و هل كل الذين يتوبون ، لا بد أن ينتهوا إلي الرهبنة ؟ ألا يوجد تنوع في مصير التائبين ؟ و لا شك أن ذلك الشخص كان له حق في سؤاله . إنه يريد عينة تابت ، و عاشت بعد التوبة حياة مقدسة في العالم ، مثلما يعيش هو ... و في قصة الميلاد ، نري عينات متنوعة من القديسين ، نذكر من بينها : نري في قصة الميلاد قديسين مختلفين في السن . نري إنساناً طاعناً جداً في السن مثل سمعان الشيخ ، و مثل زكريا الكاهن و زوجته اليصابات " و كانا كلاهما متقدمين في أيامهما " ( لو 1 : 7 ) . و كذلك حنه النبية " و هي أرملة نحو أربع و ثمانين سنة " ( لو 2 : 37 ) . و يوسف النجار أيضاً كان شيخاً ...و إلي جوار هؤلاء نجد السيدة العذراء مريم ، و كانت في نحو الرابعة عشرة من عمرها ، شابة صغيرة . ثم هناك يوحنا المعمدان و هو طفل ، و قد ارتكض بابتهاج في بطن أمه لما سمع سلام العذراء ( لو 1 : 44 ) . و من بطن أمه امتلأ من الروح القدس ( لو 1 : 15 ) . أما الرعاة فغالباً كانوا في سن الرجولة ، لا أطفالاً و لا شيوخاً ، و قد بشرهم الملاك . و كان قديسو الميلاد ، متنوعين من جهة عملهم . كان منهم الكاهن ، مثل زكريا ، و تبعه في ذلك إبنه يوحنا . و كان هناك النجار مثل يوسف ، من سبط يهوذا و ليس من الكهنوت . أما سمعان الشيخ فكان من علماء اللاهوت أو علماء الكتاب .و المجوس كانوا من رجال الفلك ، و هم غير الرعاة في عملهم . و حنة بنت فنوئيل كانت نبية ، و كانت عابدة ، و العذراء كانت عابدة و اليصابات كانت تخدم بيتها ( ست بيت ) . و القداسة شملت الكل . لا يهم السن ، و لا نوع العمل . كل إنسان له نصيب في الرب : النجار مثل عالم الاهوت ، مثل الكاهن و النبية مثل ست البيت . و عالم الفلك مثل راعي الغنم ... لقد جاء السيد المسيح للكل . و كل إنسان له رجاء في المسيح ، بغض النظر عن سنه و عن عمله . كذلك كان قديسو الميلاد متنوعين من جهة الزواج . فهناك قديسون متزوجو عاصروا قصة الميلاد و بركته ، مثل زكريا الكاهن و زوجته اليصابات . و كانت هناك الأرملة مثل حنه النبية ( لو 2 : 37 ) . و لا شك أن سمعان الشيخ كان أرملاً أيضاً . و في قديسي الميلاد نري أيضاً المتبتلين مثل السيدة العذراء و يوسف النجار ( لو 1 : 27 ) . في صورة واحدة إجتمع المتزوجون و المترملون و المخطوبون و البتوليون ، كلهم لهم نصيب في الرب ، و نصيب في حياة القداسة و التمتع بالمسيح . الناس يتنازعون قائلين أيهم أفضل ؟ و نحن نقول : الكل لهم نصيب في المسيح . المهم في نقاوة القلب . و في قصة الميلاد ، نري المرأة و الرجل . نري قديسات نساء ، مثل العذراء ، و اليصابات ، و حنه النبية . و نري قديسين رجالاً ، مثل يوسف النجار ، و زكريا الكاهن ، و سمعان الشيخ ... الكل إجتمعوا معاً في الفرحة بميلاد الرب ، لأن المسيح قد جاء للكل ... كذلك نري في قصة الميلاد فقراء و أغنياء . المجوس كانوا أغنياء . لأنهم قدموا هدايا من ذهب ... و يوسف النجار كان فقيراً ، و كذلك كانت السيدة العذراء التي لم تجد مكاناً تضع فيه مولودها ، فولدته في مزود بقر ... و قد اجتمع الغني و الفقري معاً في قصة الميلاد ، لأن الرب يحتضن الكل . و كل إنسان له نصيب فيه . جاءت البشارة للرعاة البسطاء ، كما لهيرودس الملك أيضاً ( مت 2 : 3 ) . و بنفس الوضع نجد في الميلاد أنواعاً من الناس . نجد العمل ، و التوحد : العمل ممثلاً في الرعاة الذين كانوا يسهرون في حراسات الليل علي أغنامهم ، و ظهر لهم الملاك يبشرهم بالميلاد . و التوحد كان ممثلاً في حنة النبية التي كانت عاكفة علي عبادتها في الهيكل ، و سبحت الله علي ميلاد المسيح ( لو 2 : 38 ) . و في قصة الميلاد ، كما نري اليهود ، نري الأمم أيضاً يمثلهم المجوس . نري الصغيرو الكبير ، العلماني و الكاهن ، العابد و الخادم ، النبي و الإنسان العادي ، المرأة و الرجل ... الكل معاً ، في فرحة البشرية بالميلاد . و في فرحة بالميلاد إشترك الملائكة مع البشر . ملائكة بشروا بالميلاد ، ميلاد المسيح المخلص للكل ، و ميلاد سابقة يوحنا المعمدان الذي يهيئ الطريق قدامه . و جمهور من الجند السماوي ظهروا مسبحين الله و قائلين : " المجد لله في الأعالي ، و علي الأرض السلام ، و في الناس المسرة " ( لو 2 : 13 ، 14 ) . و قصة الميلاد تعطي رجاء في اللقاء مع المسيح . سواء في الطفولة ، أو في الشيخوخة و الكهولة . يوحنا المعمدان ، إلتقي بالرب ، و ارتكض بابتهاج نحوه ، و هو بعد جنين في بطن أمه ( لو 1 : 44 ) . و العذراء مريم إلتقت به في شبابها . و زكريا و اليصابات إلتقيا به و هما شيخان متقدمان في الأيام ، و كذلك حنة النبية . و سمعان الشيخ إلتقي به به سن الكهولة ، و هو أكثر من 200 سنة عمراً . و لكن له رجاء في هذا اللقاء إذ أوحي إليه أنه لا يري الموت قبل أن يري المسيح الرب ( لو 2 : 26 ) . و كان في قصة الميلاد رجاء حتي للعاقر . و تمثل ذلك في اليصابات التي كانت عاقراً ( لو 1 : 36 ) . و مع ذلك أعطاها الله إبناً في شيخوختها . و كان إبنها أعظم من نبي ، بل لم تلد النساء من هو أعظم منه ( مت 11 : 11 ) . و أعطي المسيح فرصة للكل أن يروه . سواء الغرباء أو الأقارب : الغرباء مثل المجوس و الرعاة . و الأقارب مثل اليصابات نسيبة العذراء ( لو 1 : 36 ) ، و يوسف قريبها ... أعطي فرصة لليهود و الأمم . كل أنواع الناس وجدت لها نصيباً في المسيح الذي جاء ليعطي رجاء للكل ... حتي إن كنت لم تبصر المسيح طوال عمرك ، ستراه و لو في كهولتك مثل سمعان الشيخ . و حينئذ تقول " الآن يا رب تطلق عبدك بسلام ، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك " ( لو 2 : 29 ، 30 ) . و كما أعطي المسيح بميلاده رجاء للكل ، كذلك قدس كل شئ :
قدس كل شىء ارانا ان " كل شئ طاهر للطاهرين " ( تي 1 : 15 ) . و هكذا قدس الجسد ، لما أخذ جسداً ... الجسد الذي يتكلم البعض عنه كان لو كان فاسداً و سبباً لكل خطية ، هذا قدسه الرب أخذ لنفسه جسداً و حل بيننا ، و أرانا كيف يكون الجسد طاهراً و مقدساً و مرضياً لله ... و قدس الجسد ، حينما حل اتلروح القدس في بطن السيدة العذراء ، و قدس جسدها ليكون إنناء طاهراً مختاراً لحلول الله الكلمة . و قدس الجسد فيما بعد لما منحه نعمة القيامة و الصعود إلي فوق . و أعطانا أن نقوم بأجساد روحانية ( 1 كو 15 : 44 ) . و هكذا قدس أجسادنا ، و قدس أرواحنا ، و قدس طبيعتنا البشرية عموماً " أخذ الذي لنا ، و أعطانا الذي له " ... و صيرنا نحن جسده ، و هو الرأس ... و قدس كذلك بتجسده كل مراحل العمر . أعطانا مثالاً للحمل المقدس . و مثالاً للطفولة المقدسة لما صار طفلاً . و بنفس الوضع أرانا كيف يكون الشباب مقدساً ، و كيف تكون الرجولة مقدسة . أعطانا الصورة المثالية لكل مرحلة من مراحل العمر لما مر بها . و قدس المسيح الزواج . قدس الزواج ، لما سمح أن تتزوج العذراء بيوسف النجار ، و إن كانت لم تعش معه كزوجة ، إنما عاشت بتولاً في كنفه و رعايته . و قدس الزواج أيضاً ، لما حضر عرس قانا الجليل و باركه ( يو 2 ) . و قدس الأرض و البحر و المكان عموماً . الأرض التي لعنها الرب في خطية اَدم ( تك 3 : 17 ) . عادت فدخلتها البركة بميلاده . و هكذا بارك فلسطين بميلاده فيها ، و بارك بلادنا مصر بإقامته فيها بضع سنوات . بل بارك مزود البقر إذ ولد فيه . و بارك بلاد الشرق . و بارك كل مكان حل فيه ، و كل مكان صنع فيه معجزة . و بارك البحر لما مشي عليه . و بارك الجبل حين ألقي عظة عليه ، و حين تجلي علي الجبل ، و حين كان يختلي في جبل الزيتون ، و حين صلب علي حبل الجلجثة . و قدس الحياة البشرية التي مارسها . قدس الصوم ، لما صام أربعين يوماً ( مت 4 : 2 ) . و قدس الأكل و الشرب ،لما أكل مثلنا و شرب ، حتي قيل عنه " جاء ابن الإنسان يأكل و يشرب " ( مت 11 : 19 ) . قدس العمل ، حينما اشتغل نجاراً في بيت يوسف ، و قيل عنه " أليس هذا هو النجار ابن مريم " ( مز 6 : 3 ) . و هكذا بارك العمل لما عمل بيديه . قدس كل عمل كانت تمتد إليه يده . قدس الحياة كلها ، و ناب عن البشرية في هذا التقديس . البشرية لم تقدم حياة مقدسة كاملة لله ... فقدمها الإبن الكلمة نيابة عنا ، كصورة الله . قدم لنا الصورة الإلهية التي ينبغي أن يحيا بها الإنسان الكامل علي الأرض . و كان هو بيننا " صورة الله غير المنظور " ( كو1 : 15 ) ، رأينا الله في شخصه لأن " الله لم يره أحد قط " و لكن " الإبن الوحيد الكائن في حضن الآب هو خبر " ( يو 1 : 18 ) . هو الذي قال " من راَني فقد رأي الآب " ( يو 14 : 9 ) . فبالنسبة إلينا أرانا صورة الله ز و بالنسبة للآب قدم له صورة الإنسان الكالم ، الذي خلق منذ البدء علي شبه و مثاله ( تك 1 : 26 ) . و عاد له بهاؤه في التجسد ... و في هذه الصورة الإلهية ، قدس كل شئ . قدس الفقر و الغني و المال . قدس الفقر ، لما ولد فقيراً في مزود البقر ، و عاش فقيراً ليس له أين يسند رأسه .و قدس الفقر لما اختار له تلاميذ فقراء صيادي سمك ... و في نفس الوقت قدس الغني ، لما سمح ان يكفنه رجل غني هو يوسف الرامي ( مت 27 : 57 ) ، و دفن في مقبرته الخاصة . و قدس المال ، غذ كان لجماعته صندوق يضع فيه المتبرعون مالهم ( يو 12 : 6 ) . و قدس المال لما امتدح الأرملة التي دفعت من أعوازها فلسين في الخزانة ( لو 21 : 2 ) . و هكذا لم يعد المال شراً في ذاته كما يظن البعض . و عاش علي الأرض محباً لكل أحد ، يرضي الجميع ، و يشبعهم من رضاه | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:16 pm | |
| | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:17 pm | |
| فاعلية الميلاد فى حياتنا محاضرة ألقيت في عيد الميلاد المجيد سنة 1972 . بسم الآب و الإبن و الروح القدس - الإله الواحد اَمين أهنئكم جميعاً بعيد الميلاد المجيد ، راجياً لكم حياة مقدسة مباركة ، كما أرجو أن يكون هذا العيد سعيداً عليكم ، تنالون البركات التي فيه ، و تشعرون بفاعلية العيد في حياتك . و بهذه المناسبة ، أحب أن نتأمل معاً بضعة أمور ، لعل في مقدمتها :
إن الله أراد لأولاده أن يفرحوا ، فرتب لهم أعياداً . إنه شئ جميل ، يليق بالتأمل ، أن الله يحدد أياماً معينة للفرح ، و يوجد مناسبات تحسب أعياداً ، يعيد فيها الناس و يفرحون . لم ينس الله هذه النقطة ، بل اهتم بها . و عندما أعطي البشرية شريعة ، لم تكن شريعته مجرد أوامر و نواه . و إنما وضع ضمن الشريعة أياماً للفرح ، و اياماً للأعياد ، لأنه يريد لأولاده أن يفرحوا ، و أن يعيدوا ، و تبتهج قلوبهم . و هذا واضح في الأصحاح الثالث و العشرين من سفر اللاويين : حيث نقرأ فيه " و كلم الرب موسي قائلاً : كلم بني إسرائل و قل لهم مواسم الرب التي فيها تنادون محافل مقدسة ، هذه هي مواسمي ... هذه مواسم الرب ... " ( لا 23 ك 1 - 4 ) . فالأعياد في الكتاب المقدس ، هي مواسم للرب ، أيام للرب . و من ضمن هذه الأعياد ، يوم الرب ، يوم الراحة الأسبوعي . هذا اليوم هو أول عيد . إذ يقول الله " ستة ايام يعمل فيها عمل . أما اليوم السابع ففيه سبت عطلة ، محفل مقدس . عملاً ما لا تعملوا . إنه سبت للرب " ( لا 23 : 3 ) ... و بهذا المعني تكلم الرب أيضاً عن باقي الأعياد . إنها أيام للرب ، أيام للراحة . و لا يصح أن يكون يوم العيد يوم عمل ، لأنه يوم للرب . و العمل فيه كسر للوصية الإلهية . حيث أن يوم العيد يوم مقدس ، مخصص للرب . العالم ليس له نصيب فيه ، لا من جهة العمل ، و لا من جهة اللهو و العبث .إنه يوم عطلة . و لكن عطلة للرب . و لعل الترجمة الإنجيليزية للكلمة تعطي معني أجمل : يوم عطلة ترجمته HOLDAY أي يوم مقدس . إذن أيام الأعياد ، مع يوم الراحة الأسبوعي ، هي أيام مقدسة حسب الشريعة ، و هي أيام مخصصة للرب ، ينبغي أن تشعر فيها تماماً أنها كلها من نصيب الرب . و قد كانت للأعياد قديماً طقوس دينية معينة تمارس فيها ، مثلما كان يحدث في عيد الفصح و عيد الفطير ( خر 12 ) ، و في عيد الحصاد و غير من الأعياد ( لا 23 ) . و مازالت للأعياد طقوسها و صلواتها في العهد الجديد . و لكن لا يصح أن نكتفي في تقديس يوم العيد ، بالصلوات التي تقام في الكنيسة ، إنما يجب أن نحرص علي أن تكون له قدسيته الكاملة . و كيف ذلك ؟ إن أهم ما يجعل للعيد قدسيته هو : أن نتذكر الفضائل التي يوحي بها العيد ، و نحياها ... فما هي الفضائل التي يقدمها لنا عيد الميلاد مثلاً ، حتي ننفذها و نحيا بها ؟... و بهذا يكون ليوم العيد فاعليته في حياتنا و سلوكنا ، و نحتفظ بقدسيته عملياً ... لأنه ما الفائدة أن نحتفل بالعيد ، و ليست للعيد فاعلية نشعر بها ، و يشعر بها الناس ، في حياتنا العملية ...
من الدروس الهامة التي نتعلمها في عيد الميلاد ، عدم الإهتمام بالمظاهر . فالسيد المسيح لمن يهتم بها إطلاقاً . و إلا ، فبماذا نفسر إرادته في أن يولد ببلدة صغيرة هي بيت لحم ، و في مكان حقير هو مزود بقر ، و في يوم لا يعلن للناس ... و بدون إحتفالات ... ؟! كان في كان في إمكانه أن يأتي إلي العالم في موكب مهيب ، علي مركبة من الشاروبيم و السارافيم . و لكنه لم يهتم بالمظاهر . و ولد في يوم شديد البرودة ، لم يجد فيه أقمطة كافية و لا دفئاً . فعلينا إذن أن تنأمل هذه النقطة و نأخذ منها درساً . فإن بعدنا عن المظاهر العالمية ، ندخل في فاعلية الميلاد . فالعظمة الحقيقية ، ليست في المظاهر الخارجية من غني و ملابس و زينة ... و باقي أمثال هذه الأمور التي فيها إعلان عن الذات ، إنما العظمة الحقيقية هي في القلب المنتصر المملوء بالفضائل ... إبحثوا إذن ما هي المظاهر الخارجية التي تقعون في حبها ، و تجنبوها ... إن أردتم أن تكون للميلاد فاعلية في حياتكم ... و ماذا أيضاً ؟
إن، ميلاد السيد المسيح هو أكبر درس في الإتضاع . و قصة الميلاد بدون الإتضاع ، تفقد جوهرها الإلهي . تأملوا إذن في إتضاع الرب ، الذي في تجسده " أخلي ذاته ، و أخذ شكل العبد ، و صار في الهيئة كإنسان " ( في 2 : 7 ، 8 ) .و تأملوا في صورة الميلاد أيضاً ، أمنا العذراء التي قالت عن اختيار الرب لها " نظر إلي اتضاع أمته " ( لو 1 : 48 ) . فإن أردنا الإحتفال بالميلاد ، فلنحتفل بالإتضاع فيه و فينا . و لنبحث ما هي أعماق الإتضاع ، و كيف تكون ، و كيف نحياها ؟ و ما هي الأمور التي تضاد الإتضاع في حياتنا لكي نتجنبها ؟ لأنه ما الفائدة أن ننظر إلي اتضاع المسيح ، دون أن نقتني هذا الإتضاع ، و نشابهه فينا ، غذ قد ترك لنا مثالاً ( يو 13 : 15 ) ، حتي كما سلك هو ، ينبغي أن نسلك نحن أيضاً ( 1 يو 2 : 6 ) . و ماذا غير الإتضاع و البعد عن المظاهر ؟
نلاحظ في قصة الميلاد أن هناك أشخاصاً إختارهم الرب ، و أعلن لهم مشيئته ... بينما هناك اَخرون - علي الرغم من علو مكانتهم و مراكزهم - لم يقع إختيار الرب عليهم . فمثلاً أعلن الرب بشارة الميلاد للرعاة ، و للمجوس ، فسمعوا و فرحوا ، و ذهبوا إلي هناك ، و سجدوا ... حدث هذا ، بينما لم تعلن هذه البشارة لكثيرين من القادة ، كالكتبة و الفريسيين و الكهنة و شيوخ الشعب ... فلماذا ؟ ذلك لأن أسرار الرب ، تعلن لقلوب بسيطة تفرح بها . المجوس و الرعاة كانوا بسطاء ، سمعوا فصدقوا ففرحوا و اَمنوا . و ذهب المجوس و قدموا هداياهم . وكما أرشدهم الرب في حلم ، نفذوا ما أراد ( مت 2 : 12 ) . أما الكبار فلم تكن قلوبهم مستعدة ، و لم تكن بسيطة ... و مثل ذلك هيرودس الملك ، الذي لما سمع الخبر " إضطرب و كل أورشليم معه " ( مت 2 : 3 ) . و استخدام الفحص و الإستقصاء ، و أيضاً الكذب و الحيلة و التاَمر ... أمامك النواعان من الناس . فمن أي نوع أنت ؟ هل أنت من المستحقين أن يعلن لهم الرب أسراره ؟ و لعلك تسأل : من أين لي أن أعرف ؟ فأجيبك أن الإستحقاق يحتاج إلي بساطة قلب ، كقلوب الرعاة البسطاء . و كالمجوس الذي علي الرغم من كونهم حكماء ،إلا إنهم كانوا بسطاء ايضاً ، و لم يكن في قلوبهم مكر كهيرودس و أمثاله . فلما أرشدهم النجم ، صدقوا و تبعوه . و لما أعلن لهم في حلم ألا يرجعوا إلي هيرودس ، صدقوا و نفذوا . و لما رأوا الرب كطفل ، و في مزود ، لم يشكوا ، بل اَمنوا و صدقوا ... إن الإيمان يحتاج بلا شك إلي بساطة قلب ... العذراء القديسة ، كانت لها بساطة قلب ايضاً ، فاَمنت بما قيل لها من قبل الرب ( لو 1 : 45 ) . و صدقت أنها ستلد و هي عذراء . و يوسف النجار ايضاً اَمن بنفس الموضوع ، لما أوحي له بذلك في حلم ... و نحن في هذه المناسبة علينا أن نسأل أنفسنا : هل نسلك ببساطة قلب ، أم بتعقيد وشك ؟ إن العالم المعاصر - للسف الشديد - في حياته الكثير من التعقيد . و إن كان للمدينة المعاصرة أخطاء ، فلعل في مقدمتها أنها أفقدت العالم بساطة القلب . و البساطة كنز عظيم ، من الخسارة أن يضيع . و البساطة غير السذاجة . و يمكن أن تكون بسيطاً و حكيماً . و لقد دعانا الرب أن نكون بسطاء و حكماء " بسطاء كالحمام ، و حكماء كالحيات " ( مت 10 : 16 ) . و المجوس كانوا بسطاء و حكماء . فليتنا نحن ايضاً نكون كذلك . نكون بسطاء في غير انقياد و في غير جهل ، إنما مع حكمة ، و لكن في غير تعقيد ...
قيل عن السيد المسيح إنه جاء " في ملء الزمان " (غل 4 : 4 ) . مع أن الوعد بالخلاص أعطي لآدم و حواء قبل ذلك بالآف السنين . و نحن في ميلاد الرب نتذكر " ملء الزمان " هذا ، و أن كل شئ يتم في حينه الحسن ، حسب إرادة الرب الذي يحدد الأزمنة و الأوقات . إيماننا بملء الزمان ، يجعلنا نصبر ، و لا نقلق ... بل في طمأنينة كاملة ، نتنظر الرب " من محرس الصبح حتي الليل " ( مز 129 ) ، عالمين أن السرعة ليست هي المقياس السليم ، بل اختيار الرب للوقت المناسب . و عندما يأتي الوقت المناسب ، لا بد أن يعمل الرب عملاً ...
من المعاني الروحية التي نتعلمها من قصة التجسد و الميلاد ، أن الله هو الذي يسعي لخلاصنا . و أن خلاص الإنسان هو عمل الله نفسه ، حتي لو قصر الإنسان أو أهمل في خلاص نفسه ، فإن الله يهتم به . كانت البشرية الخاطئة عاجزة عن تخليص نفسها ، فأتي الله ليخلصها . قال القديس يعقوب السروجي ، إنه كانت هناك خصومة بين الله و الإنسان . و لما لم يستطع الإنسان أن نذهب إلي الله ليصالحه ، نزل الله إلي الإنسان لكي يصالحه ... إذن الله هو الذي بدأ عملية الخلاص هذه . هو الذي وعد بها ، و هو الذي أعد لها ، و هو الذي تمم العمل كله . و ما كان ممكناً أن يتم الخلاص بدونه . قصة الميلاد هي بداية عمل الخلاص كله . لذلك لما رأي سمعان الشيخ هذه البداية ، قال " الآن يا رب تطلق عبدك بسلام ، لأن عيني قد ابصرتا خلاصك " ( لو 2 : 29 ، 30 ) . إن ميلاد السيد المسيح ، ليس هو مجرد ميلاد عادي ، إنما هو دليل الحب الإلهي العجيب " هكذا أحب الله العالم ، حتي بذل إبنه الوحيد " ( يو 3 : 16 ) . و طبعاً أرسل إبنه لكي يبذله عن العالم . فهذا البذل أو الفداء هو سبب التجسد الإلهي . هو مجئ محبة الله إلي العالم . و كلما ننظر إلي صورة ميلاد المسيح ، نتذكر حب الله للبشرية . نتذكر سعيه لخلاصهم . نتذكر الرب الذي جاء " يطلب و يخلص ما قد هلك " ( لو19 : 10 ) . من أجل خلاصنا أخلي ذاته ، و أخذ شكل العبد . تجسد ، و احتمل ضعف البشرية ، و جاع و عطش و تعب ، و تعرض للإهانات ، و تحمل الآلام ، صلب ، و قبر و قام . أي حب أعظم من هذا ، نتذكره كلما تأملنا ميلاده ... ولد في مزود بقر ، لكي يرفعنا إلي العرش في الأبدية . صار إبناً للإنسان ، لكي يجعل الإنسان إبناً لله .أخذ الذي لنا ، لكي يعطينا الذي له . حمل خطايانا ، لكي نحمل بره . مجيئه إلي العالم ، كان لوناً من الإفتقاد و من الرعاية ، إفتقد به جنسنا البشري . أرسل الأنبياء و الرسل و الملائكة لتعد الطريق قدامه . ثم جاء أخيراً بنفسه . و كل هذا يدل علي عمق محبته لنا ، و أنه لا يشاء أن نهلك في خطايانا . فإن كان الله يحبنا بهذا المقدار ، فلنحبه نحن أيضاً . و إن كان الله يسعي إلي خلاصنا بكل هذه التضحية و البذل ن فلنحرص نحن علي خلاصنا ، و لنشترك معه في العمل ... نسعي لعلنا ندرك الذي لأجله أدركنا المسيح ( في 3 : 12 ) . هذا ايضاً درس اَخر نتعلمه من الميلاد . و إن كنا لا نهتم بخلاصنا ، لا نكون قد دخلنا إلي فاعلية الميلاد في حياتنا .
لا بد أن هناك دروساً أخري كثيرة نأخذها من ميلاد الرب . و لكن الشئ المهم هو أن ندرب أنفسنا علي الإستفادة من هذه الدروس . في هذا العيد ، و في كل عيد يمر بكم ، و في كل مناسبة روحية ، ادخلوا في " روح المناسبة " . إكتشفوا روحياتها ، و طبقوها في حياتكم . قولوا في أنفسكم : أي درس يريد الله أن يعطيه لنا في هذه المناسبة ؟ و ما هي رسالة الله إلينا فيها ؟ إستفيدوا من هذا اليوم المبارك ، فلا يمر مروراً عابراً دون أن يكون له اثر في حياتكم العملية . أشعروا أن العيد قد أحدث في حياتكم تغييراً إلي الأفضل . و أن العيد كانت فيه دفعة قوية ،دفعتكم إلي قدام ، و قربتكم بالأكثر إلي الله ز و اذكروا أن العيد هو أحد مواسم الرب و أعياده . و قد أعطانا الرب أن نفرح فيه فرحاً روحياً ، لتكون لنا فيه حياة ، و يكون لنا أفضل . | |
|
| |
mario (** صاحب الموقع **)
عدد الرسائل : 2687 العمر : 28 : الجنس : المهنة : المزاج : الهويات : كيف تعرفت علينا : ahlamontada تاريخ التسجيل : 20/07/2008
| موضوع: رد: من وحي الميلاد الثلاثاء يناير 27, 2009 3:17 pm | |
| ما قبل الميلاد ..... وبعدة
القيت هذه المحاضرة في الكاتدرائية الكبري بالعباسية مساء الجمعة 15/1 أبنائي و إخوتي الأحباء ... أهنئكم ببدء عام جديد ، و بعيد الميلاد المجيد ، راجياً لكم جميعاً ، و لكل شعب مصر الذي باركه الرب ، اياماً سعيدة هانئة ، مملوءة من عمل نعمته . إن العالم بميلاد السيد المسيح ، قد بدأ عصراً جديداً ، يختلف كلية عما سبقته من عصور . و أصبح هذا الميلاد المجيد ، فاصلاً بين زمنين متمايزين : ما قبل الميلاد ، و ما بعد الميلاد . فما هي هذه الجدة التي أعطت العالم صورة جديدة ما كانت له من قبل ؟ أو ما هو ذلك التجديد الذي قدمته المسيحية ، حتي قيل في الإنجيل " الأشياء العتيقة قد مضت ، هوذا الكل قد صار جديداً ؟ لقد قدم السيد المسيح مفهوماً جديداً للحياة ، و تعبيرات جديدة لم تكن مستعملة من قبل ، و معاني روحية عميقة لجميع المدركات ، حتي بهت سامعوه من كلامه ، و صاحوا قائلين " ما سمعنا قط كلاماً مثل هذا " ... جاء السيد المسيح ينشر الحب بين الناس ، و بين الناس و الله . يقدم الله للناس أباً محباً ، يعاملهم لا كعبيد و إنما كأبناء ، و يصلون إليه قائلين " أبانا الذي في السموات " . و في الحرص علي محبته ، يفعل الناس وصاياه ، لا خوفاً من عقوبته ، و إنما حباً للخير . و في هذا قالت المسيحية : " الله محبة . من يثبت في المحبة ، يثبت في الله ، و الله فيه " ، " لا خوف في المحبة . بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلي الخارج " . و هكذا قال السيد المسيح إن جميع الوصايا تتركز في واحدة . و هي المحبة : تحب الرب إلهك من كل قلبك و من كل فكرك و من كل قدرتك ، و تحب قريبك كنفسك . بهذا يتعلق الناموس كله و الأنبياء ... و أدخل المسيح تعليماً جديداً في المحبة ، و هو محبة الأعداء و المسيئين . فقال " أحبوا أعداءكم ، باركو لاعنيكم ، أحسنوا إلي مبغضيكم ، و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم و يطردنكم " . و تري المسيحية في هذا ، أن رد الإساءة بالإساءة ، و الإعتداء بالإعتداء ، معناه أن الشرقد انتصر . بينما تعليم الكتاب هو " لا يغلبنك الشر ، بل إغلب الشر بالخير " ، " إن جاع عدوك فأطعمه ، و إن عطش فاسقه " . و يجب أن تنتصر المحبة ، لأن " المحبة لا تسقط أبداً " ، " مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة " ... إن عبارة " الله محبة " عبارة جديدة علي العالم ، الذي ما كان يعرف سوي الله الجبار المخيف الذي يخشي الناس سطوته و يترضونه بالذبائح و ألوان العبادات ... و عبارة " محبة الأعداء " ، هي عبارة جديدة في المعاملات الإنسانية ، بهت العالم لسماعها من فم المسيح ... و في المحبة ، جاء المسيح أيضاً ببشارة السلام ... سلام بين الناس ، وسلام بين الإنسان و الله ، و سلام في أعماق النفس من الداخل . سلام من الله يفوق كل عقل . و لما ولد المسيح غنت الملائكة " و علي الأرض سلام " . لأنه جاء ليقيم صلحاً بين السماء و الأرض ، بين الله و الناس ، بعد أن كانت الخطيئة تقيم حاجزاً بين الإنسان و الله ... و هذا الصلح أراده علي الدوام أن يستمر في العلاقات الإنسانية . فقال " إن قدمت قربانك فوق المذبح ، و هناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك ، فأترك قربانك قدام المذبح ، و اذهب أولاً إصطلح مع أخيك " . ذلك لأن الصلح أفضل من تقديم القرابين . و يقول الكتاب " أريد رحمة لا ذبيحة " . و هكذا قال المسيح أيضاً " كن مراضياً لخصمك سريعاً ، ما دمت معه في الطريق " . و قال أيضاً " من أراد أن يخاصمك و يأخذ ثوبك ، فاترك له الرداء أيضاً " ... و أراد السيد المسيح أن ينتشر السلام بين الناس ، فقال لتلاميذه " و أي بلد دخلتموه ، فقولوا سلام لأهل هذا البيت " ، " وصية جديدة أنا أعطيكم ، أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم " ، " بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي ، إن كان لكم حب بعضكم نحو بعض " ... و في سبيل السلام ، دعت المسيحية الناس ، أن يكونوا " مقدمين بعضهم بعضاً في الكرامة " ... لأن المحبة يمكن أن تثبت عن طريق التواضع و إنكار الذات و احتمال الآخرين . و لهذا قال السيد المسيح " من أراد أن يتبعني ، فلينكر ذاته ، و يحمل صليبه و يتبعني " . و عبارة [ إنكار الذات ] عبارة جديدة قدمتها المسيحية إلي العالم . و قبل ذلك كانت ( الذات ) صنماً يتعبد له صاحبه ، و يجب أن يكبر و يتمجد ... المسيحية دعت إلي أن ينسي الإنسان نفسه ، في محبته لأخيه . إنها المحبة الباذلة التي تعطي باستمرار ، و تبذل حتي نفسها . و باستمرار تأخذ " المتكأ الأخير " ، و تحتمل الكل لكي تربح الكل ... إنها المحبة التي تختفي لكي يظهر غيرها ... المحبة التي تقول " ينبغي أن ذاك يزيد ، و إني أنا أنقص " . المحبة التي تقول لله " ليس لنا يا رب ، ليس لنا ، لكي لإسمك القدوس أعط مجداً " ... إنه التواضع في التعامل مع الناس و مع الله . الذات التي تختفي ، و لا تعلن عن نفسها ، بل تفعل الفضيلة في الخفاء ، و الآب السماوي الذي يري في الخفاء ، هو يجازيها علانية . و من هنا كان تعليم المسيحية " من سعي وراء الكرامة ، هربت منه . و من هرب منها بمعرفة ، سعت وراءه " ... و هكذا يقول السيد المسيح تعليماً جديداً علي اسماع الناس "من وجد نفسه يضيعها . و من أضاع نفسه من أجلي يجدها " . و وضع المسيح مقاييس جديدة للقوة . فالقوة ليست مظهراً خارجياً للقهر و الإنتصار علي الغير ، إنما القوة هي شئ داخلي ، في أعماق النفس ، للإنتصار علي الذات . فالذي يغلب نفسه خير ممن يغلب مدينة . و في المسيحية ، ليست القوة هي أن نقهر الآخرين ، إنما أن نربحهم و نحتملهم . فالذي يحتمل غيره هو القوي . أما المعتدي فهو الضعيف . و لهذا يقول الكتاب " أطلب إليكم أيها الأقوياء أن تحتملوا ضعف الضعفاء " . إن المعتدي ضعيف لأنه مغلوب من خطيئته ، مغلوب من العنف ، و من عدم محبته للآخرين ، مهما بدا قوياً من الخارج . أما الذي يحتمل فهو قوي ، قوي في ضبطه لنفسه ، قوي في عدم إنتقامه لنفسه ...يعوزني الوقت يا إخوتي إن حدثتكم عن كل المبادئ الروحية الجديدة التي عرفها العالم بميلاد المسيح . إنما يكفي أن نقول أن عصر ما بعد الميلاد كان جديداً تماماً في مفاهيمه . حتي شرائع الله السامية التي قدمها الله في العهد القديم ، ما كان الناس يفهمونها إذ كان البرقع علي عيونهم و قلوبهم و عقولهم ، حتي كشف المسيح لهم ما في الشريعة من جمال و سمو ... له المجد من الآن و إلي الأبد اَمين . | |
|
| |
| من وحي الميلاد | |
|