فاللَّه ، الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا، متغاضيًا عن أزمنة الجهل ( أع 17 : 30 ) "
التفسير :
ينادي الرسول بالتوبة عما ارتكبه البشر في أزمنة الجهل، أي ما قبل تعرفهم على الإنجيل. لم يقل أزمنة الشر، حتى لا يتهمهم بالشر، وإنما أزمنة الجهل، لأن ما يرتكبونه ليس عن مقاومة للحق أو كراهية له، وإنما عن جهل له.
+ " لأنه أقام يومًا هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل، برجلٍٍ قد عينه،مقدمًا للجميع إيمانًا،إذ أقامه من الأموات ( أع 17 : 31 ) "
إذ يدعوهم إلى التوبة يوجه أنظارهم إلى الإيمان بالدينونة، وإلى الديان ابن الإنسان الذي أقامه الآب من الأموات، لنقوم فيه ونتمتع بشركة مجده. إنه ليس ديان اليهود وحدهم بل للعالم كله، بكل أممه.
+ " ولمّا سمعوا بالقيامة من الأموات كان البعض يستهزئون، والبعض يقولون: سنسمع منك عن هذا أيضًا ( أع 17 : 32 ) "
ليس بالأمر الغريب أن يسخر الفلاسفة اليونانيون بالاعتقاد بالقيامة من الأموات، خاصة الأبيقوريون الذين يرفضون تمامًا الحياة العتيدة. أما الرواقيون فهم في الغالب الذين طلبوا أن يسمعوا منه عن ذلك.
انتهي الرسول من عظته اللاهوتية في وسط الفلاسفة وهم في شوق لسماع ما هو جديد عليهم، ليكون مادة جدل. لكنهم سرعان ما أدرك الطرفين أنه يحمل فكرًا يناقض المدرستين، فقد اصطدم بكبرياء الرواقيين وعدم إيمان الأبيقوريين بالقيامة من الأموات للنفس أو الجسد.
ولما سمعوا التعاليم العظيمة السامية لم ينصتوا بل سخروا من القيامة، إذ قيل: "لأن الإنسان الطبيعي لا يقبل أمور الروح" (1 كو 2: 14).